تشرشل والعقيد

تشرشل والعقيد

المغرب اليوم -

تشرشل والعقيد

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

كان العقيد معمر القذافي يخطط صادقاً لإنقاذ العالم من المأزق الوجودي الذي هو فيه، منذ أن انقسم إلى عالمين، رأسمالي واشتراكي. وقد وضع صيغة «النظرية العالمية الثالثة» في «الكتاب الأخضر» الذي انصرف الكثيرون، الشّراح والمفسرون حول العالم، إلى توضيح بنوده. وقد توقفنا عند بعضها طويلاً، خصوصاً في تفسير الغموض البشري، ومنه أن الرجل رجل، والمرأة أنثى. ورأى صاحب الكتاب أنه لا يجوز للمرأة نفس حقوق الرجل لأنها تحيض، بينما الرجل معفي من ذلك.

الذين تندّروا بهذه الفكرة، والمحبّر بينهم، مدينون للعقيد الراحل بالاعتذار. ففي كتاب عن اللطائف واللمحات التي عرف بها ونستون تشرشل، أشهر سياسي بريطاني، أنه كان ضد إعطاء المرأة حق الاقتراع، لأن الطبيعة حرمتها من ذلك: «إن منحها هذا الحق مناقض لقانون الطبيعة وتقاليد الدول المتحضرة. وإذا ما أعطينا المرأة حق التصويت يجب أن نتوقع أن يأتي يوم نعطيها حق التمثيل في (البرلمان)».

كرر تشرشل القول إنه ليس من العقل، أو الحكمة، أن تصبح المرأة عضواً في «مجلس العموم».

ذات يوم كان تشرشل في احتفال رسمي عندما سارع أحد مساعديه نحوه قائلاً في هلع إن بعض الناشطات أوثقن أنفسهنَّ إلى حدائد البرلمان، معلنات أنهنَّ سوف يبقين هناك إلى أن ينلنَ «حق التصويت». كان ردّه الساخر سريعاً: الآن على الرجل أن يوثق نفسه إلى بوابة مستشفى سانت طوماس (للولادة) ويعلن أنه لن يتزحزح إلى أن يُرزق ولداً.

بعد نحو 50 عاماً أصبحت امرأة رئيسة للوزراء مكان تشرشل. ومثله أصبحت مارغريت ثاتشر السياسية الأكثر شهرة. ومن ثم أصبح أمراً عادياً أن ترى امرأة في رئاسة مجلس العموم، أو في 10 داوننغ ستريت، حيث تكاثرت أعداد النساء ولكن من دون أن تكون بينهن مارغريت ثاتشر أخرى. ولا كان بين «الذكور» تشرشل آخر. وما بين تشرشل وعصر ثاتشر ظهر في الغرب جنس ثالث لا تنطبق عليه حكمة «الكتاب الأخضر» بأن الرجل ذكر والمرأة أنثى. لقد اختلطت الأمور في ما هو مناقض للطبيعة، وفي ما هو منسجم مع أحكامها.

للمناسبة فقط، بعض المقتطفات من «الكتاب الأخضر»:

«لا حرية لشعب يأكل من وراء البحر»، و«الطفل تربية أمه»، و«الرياضة نشاط عام ينبغي أن يمارس لا أن نتفرج عليه»، و«أن الجهل سوف ينتهي عندما يقدم كل شيء على حقيقته». إلى آخره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشرشل والعقيد تشرشل والعقيد



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:28 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 06:50 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

امتلك جزيرتك الخاصة في بولينيزيا الفرنسية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib