ثلاجة أم خشابي

ثلاجة أم خشابي؟

المغرب اليوم -

ثلاجة أم خشابي

طارق الشناوي
بقلم : طارق الشناوي

قال الشاعر: «ما أروع الأيام يا صاحبي لولا أنها إذا مضت لا ترجع»، نرى وقع السنين، على كل تفاصيل حياتنا، بصمة الزمن لا تخطئ طريقها أبداً إلى وجهك وجسدك وطريقة نطقك، وسرعة استيعابك للنكتة والقفشة، وقدرتك حتى على تحمل سخافات الآخرين، عادة مع التقدم في العمر تحتاج لتغيير النظارة مرة كل عام، تتراجع معدلات تذكرنا لما قررنا أن نفعله قبل أيام أو حتى ساعات، نكتشف من خلال تلك المؤشرات وغيرها أن الأيام قالت كلمتها صارخة أو هامسة.
في التعامل اليومي مع الناس نلمح ما هو أكثر، ذهبت لمحل الفاكهة، ولأنني بصدد اتباع «ريجيم» قاسٍ، نحيت جانباً التعاطي مع المانجة والعنب والبرقوق، وتوجهت صوب الفاكهة قليلة السعرات الحرارية، حتى لو لم تكن تعتبر في الظروف العادية الاختيار الأفضل، وعندما وقع نظري عليها هتفت على طريقة أرشميدس «وجدتها وجدتها»، إنها الكمثرى، قلت للبائع أريد كيلو، سألني خشابي أم ثلاجة؟ وقبل أن أسأله عن الفارق، قال لي أكيد حضرتك عايزها «ثلاجة»، اكتشفت السبب عندما عرفت الفارق، «الثلاجة» هي الأكثر نعومة في التعامل مع الأسنان، بينما «الخشابي» ومن اسمها ومن دون شرح أي تفاصيل، تتطلب طاقة شبابية، وهو يحاول أن يجنبني تلك المعركة التي من الممكن أن تنتهي بهزيمتي وفقداني أسناني، تحديت البائع وقلت سوف أجرب النوعين، كيلو ثلاجة وكيلو خشابي، وفي التجربة العملية، استمتعت أكثر بالخشابي، فهي حقاً أحلى، لولا الملامة كنت استبدلت كيلو الثلاجة بالخشابي.
تأملت الموقف، اكتشفت أن الفكهاني يعاملني مثل الآخرين، إنه لا يمثل حالة استثنائية، لاحظت مثلاً في السنوات الأخيرة أن من لا يعرفني يصفني بلقب «حاج»، وتلك الصفة لا علاقة لها بأداء فريضة الحج، فهي تعني في الثقافة المصرية، التقدم في العمر، مثلاً شاب يستقل دراجة ويقطع الشارع من خلفي أسمع نداءه على البعد وهو يقول بعد إذنك يا «حاج»، عندما أطلب من البقال شيئاً أجد الإجابة غالباً، «من عيني يا حاج» أو «تؤمر يا حاج».
لو وجدت في مكان مزدحم فإن من يجلس على الكرسي يقفز من مكانه ويعزم علي بالمقعد، تعودت قبل أكثر من 30 عاماً عندما أحضر إلى مقر مهرجان القاهرة السينمائي في الطابق الثالث، أن أتجنب استخدام «المصعد»، وأقفز درجات السلم مرة واحدة، لا أزال أصعد السلم، ولكني الآن أسترد أنفاسي اللاهثة ثلاث مرات، صاحب الفندق الذي أقيم فيه سنوياً قبل نحو 25 عاماً أثناء انعقاد مهرجان «كان»، في العام الماضي، ودون أن أطلب غيَّر موقع غرفتي من الطابق الرابع إلى الأول، تمنيت أن يخفض إيجار الغرفة، أتحمل مشقة الصعود ولو للسابع، ولا أتحمل قسوة الضربات المتلاحقة، التي يوجهها «اليورو» للجنيه المصري.
ما الذي أفعله تجاه تلك التفاصيل، هل أعتب مثلاً، على من أصر على الوقوف وإخلاء مقعده لي، أو أنهر من أراد مساعدتي دون أن أطلب وحمل عني حقيبة السفر؟.
تركت كل ذلك، وذهبت مجدداً للفكهاني وقبل أن أنطق بكلمة واحدة سمعته يقول لمساعده: «وضب أحلى اثنين كيلو كمثرى ثلاجة للحاج»!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاجة أم خشابي ثلاجة أم خشابي



GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 20:14 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بيروت والكلام المغشوش

GMT 20:11 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

التغييرات المناخية... الأمل بالطيران في بيليم

GMT 20:05 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار الصِغار و«رقمنة» اليأس

GMT 20:00 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

الحبل السُّرِّي بين العالم العربي وحل الدولة الفلسطينية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 07:55 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة
المغرب اليوم - إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib