هايدي وعم سلامة وكيس الشيبسي

هايدي وعم سلامة وكيس الشيبسي

المغرب اليوم -

هايدي وعم سلامة وكيس الشيبسي

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

مثل عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية التي تطول أكثر مما ينبغي، وأكثر أيضاً من قدرة المشاهدين على الاحتمال، هكذا بدأ الفصل الأول من مسلسل «هايدي وكيس الشيبسي»... كانت البداية مؤثرة وجاذبة؛ طفلة تذهب إلى «سوبر ماركت» بينما كاميرا المراقبة تسجل كل شيء، تلتقط هايدي «كيس شيبسي»، كل ما معها مبلغ هزيل لا يتجاوز 5 جنيهات، الدولار الواحد يقترب من خمسين جنيهاً، تلمح هايدي رجلاً عجوزاً فقيراً، تعيد الكيس إلى مكانه، وتمنح العجوز الجنيهات الخمسة، يحاول عامل «السوبر ماركت» الذي تابع الواقعة أن يمنحها الكيس مجاناً، اعتذرت وشكرته وغادرت المكان، وعادت لمنزلها ولم تشعر أبداً بأنها فعلت شيئاً يستحق حتى أن تحكيه لوالديها، مشاعرها النقية كانت هي البوصلة التي دفعتها إلى كل تلك التداعيات، ونامت قليلاً ليوقظها والدها قائلاً إن حكايتها صارت «ترنداً».

وهكذا بدأ اللهاث وراء هايدي التي تحولت إلى مشروع دعائي؛ سواء من نجم يستقبلها، أو نجمة تعلن أنها تنتظر تشريفها في فيلتها، ورجل أعمال يؤكد تبرعه لها بمبلغ من المال، إلى أحد المخرجين الذي يفكر جدياً بأن يقدم في رمضان القادم مسلسلاً يحمل اسمها. والدها الرجل الطيب اعتبر أن تلك منحة إلهية، وهو لا يمكن أن يغلق باب الرزق أمام كل من يطرق باب بيته.

الفصل الثاني من الحكاية عنوانه «هايدي وعم سلامة». سلامة هو الرجل العجوز الفقير الذي التقته ومنحته كل ما تملك، الرجل في البداية شعر بالخوف وأنكر أنه هو الذي رأيناه في الفيديو، إلا أنه عندما اطمئن بأنه لا توجد أي ملاحقة أمنية اعترف بأنه بطل الحكاية.

أفسدنا جمال الموقف بكل تلك التداعيات، التي لا تلمح فيها سوى استثمار لمشاعر ونقاء الطفلة البريئة، شاهدناها توزع ساندويشات مجانية على المارة، تحمل اسم أحد المطاعم، هي طبعاً شاركت من أجل إطعام الناس مجاناً، بينما لأصحاب المحل مآرب دعائية أخرى.

سريعاً سوف تنتهي ورقة «عم سلامة»، فهو لم يفعل أي شيء يحمل بطولة أو تضحية، وسوف يغادر المشهد سريعاً، وتستمر الطفلة هايدي بمفردها قليلاً، ثم نقلب الصفحة ونكتشف بالصدفة فيديو آخر يسرق اهتمام الناس، بعد أن تعودت هايدي على تلك الحالة من الصخب الإعلامي الذي كان يلاحقها طوال أسبوعين أو ثلاثة، وهي قطعاً لا تزال تعيش تحت ضغط هذا الحدث الاستثنائي.

الطفلة ستشعر مع الزمن تراجعاً في الحفاوة، وأن النجم الذي كانت تذكر اسمه في أي تسجيل وتطلب مقابلته هو الذي يطلب لقاءها ويلهث وراءها، ستكتشف أن الجميع انشغلوا بحكايات أخرى، ولم يعد أحد يحتفي مثل الماضي بتحقيق أمانيها.

أعلنت رئيسة المجلس القومي للأمومة والطفولة المصري، التي استدعتها إلى مكتبها لتكريمها، وقالت إنها سوف تذهب إليها في المدرسة لتكريمها أمام الطلبة والأساتذة، أتصور أن رئيسة المجلس ستجد أن عليها في المرحلة القادمة هدفاً أكبر، وأهم، وهو إعادة التوازن النفسي لهايدي، فهي تعيش إحساساً نفسياً نادراً، تلك الشهرة المفاجئة بسبب فعل عادي وتلقائي، أغلب الأطفال في العالم مع اختلاف في تتابع الحكاية سوف يكررون الموقف نفسه دون كل هذه الضجة.

هذا الحدث البسيط من فرط تكراره صار نكتة، وشاهدنا لقطات مصورة تحاكي بأسلوب ضاحك حكاية «هايدي وكيس الشيبسي» من يريد أن يظهر في برنامج تلفزيوني، ينادي على عمرو أديب ومنى الشاذلي طالباً منهما أن تتم متابعته وهو يمسك كيس الشيبسي، ويمنح أموالاً لرجل فقير... هكذا أضعنا المعاني الجميلة بسبب رغبتنا في «الأفورة»!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هايدي وعم سلامة وكيس الشيبسي هايدي وعم سلامة وكيس الشيبسي



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib