«شيخ الحارة» حسن حسني

«شيخ الحارة».. حسن حسني

المغرب اليوم -

«شيخ الحارة» حسن حسني

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

ألقاب عديدة ارتبطت باسم الفنان الكبير، حسن حسنى، فهو تارة (الجوكر) حيث تتعدد الأدوار التى تسند إليه، وقماشته الإبداعية قادرة على إقناعنا بها، كما أنه بزاوية أخرى (المشخصاتى) الذى يذوب تمامًا فى مفردات الشخصية، من الممكن أن يصبح (الأسطى) المرجعية التى يلجأون إليها عندما يستعصى عليهم اكتشاف مفتاح الدور، أم لعله بعد سنوات الخبرة والعطاء أصبح (شيخ حارة التمثيل)، كل الصفات السابقة استحقها وعن جدارة حسن حسنى، الذى مرت قبل يومين ذكراه. ونحن على منصة التكريم فى (مهرجان القاهرة السينمائى الدولى) أثناء الندوة التى أقمتها عنه قلت إنه (فنان مربع) لأنه أبدع فى المجالات الأربعة سينما مسرح تليفزيون إذاعة، فقال لى مداعبًا (أول مرة أعرف أنى مربع)، أضفت ضاحكا والآن صرت (خماسى الأبعاد)، بعد أن دخلت المنصات طرفًا أساسيًا كنافذة للعرض.

آخر لقاء جماهيرى عاشه حسن حسنى عندما صعد على خشبة المسرح أثناء تكريمه بالمهرجان، وجدت كل الحاضرين فى دار الأوبرا يقفون أكثر من خمس دقائق وقلوبهم تصفق قبل أياديهم، اللقاء الجماهيرى الثانى جاء بالمسرح المكشوف لندوة كان مقدرًا لها ساعة امتدت ساعتين أحالها حسن حسنى إلى حالة من الضحك والبهجة، ذاكرته دائمًا حاضرة بالكلمة الموحية والقفشة الحراقة والنكتة اللاذعة، التى تدرك بالضبط أين تبدأ وأين تنتهى ولا تتجاوز أبدا حدود اللياقة.

عندما اتصلت بالأستاذ حسن حسنى عام 2018 لإبلاغه أنه بالإجماع قد وقع اختيار اللجنة الاستشارية العليا للمهرجان على تكريمه هذه الدورة، تمهل بعض الوقت قبل أن يجيبنى فرحًا: (أنا أساسًا لا أتلقى دعوات لحضور المهرجان، فقررتم منحى أهم جائزة، شكرًا للجميع على هذا التكريم الذى أنعش وجدانى وعقلى وروحى). ذهبت لمنزله فى مدينة 6 أكتوبر لإجراء حوار نتذكر معًا بعض لمحات من المشوار، وهيأت نفسى لكى أنعش ذاكرته ببعض المواقف التى عايشتها، وكنت شاهدًا عليها، فاكتشفت أن ذاكرة الأستاذ لم تغادرها حتى أدق التفاصيل.

وكما فاجأت الأستاذ حسن بالتكريم، فأجانى هو بتلك اللمحة، وجدت فى غرفة مكتبه مقالًا قديمًا لى عمره وقتها أكثر من عشر سنوات، أحاطه ببرواز ذهبى، مفاجأة غير متوقعة، فلم أتخيل وأنا أكتب المقال أنه يستحق كل تلك الحفاوة، يضع مقالى فى صدارة غرفة الاستقبال، فنان كبير تصدر بغزارته الرقمية وقدراته الإبداعية المشهد الفنى، صار واحدًا بين عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، قدموا كل هذا الكم من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، يتباين مستواها، إلا أن الثابت نقطة ارتكاز عميقة اسمها حسن حسنى، يشكل دائمًا عامل جذب وثقة، مهما كان مستوى العمل الفنى الذى يشارك فيه، وكأنه البنية التحتية للشريط الفنى.

من الممكن أن تجده ينتقل بين أكثر من شخصية فى نفس الوقت، لكنه أبدًا لا يكرر الأداء، ولهذا كان يصطحب معه أحيانًا من خلال مساعده (دولابًا) متحركًا يسير على عجلات، يضع فيه ربما ملابس خمس شخصيات مختلفة، ورغم ذلك كان عليه أن يعايش كل شخصية وأن يمسك تفاصيلها الخاصة، وألا تترك واحدة بصماتها على الأخرى، وتلك قدرة استثنائية أنعم بها الله على حسن حسنى، أن يتحرر من شخصية وجدانيًا لينتقل بسلاسة لأخرى ثم الثالثة والرابعة، تلك هى المرونة الإبداعية، تتجلى فى أروع صورها. الناس عادة تقطع تذكرة دخول السينما عندما تقرأ اسم البطل، إلا أنهم فى نفس الوقت لا يطمئنون تمامًا أنهم أصابوا الهدف، إلا بعد أن يجدوا اسمه وصورته على الأفيش، عندها تصبح الرحلة إلى السينما ممتعة، والتذكرة تستحق الثمن.

لا يذهب للشخصية الدرامية بمفاتيحه التى سبق وأن اختبرها، وتأكد من مفعولها، ولكنه يُطلق للشخصية الدرامية العنان لتفرض مفاتيحها عليه، وهذا هو معنى الإبداع الحقيقى فى فن (التشخيص)، أنه حقًا (شيخ الحارة)!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«شيخ الحارة» حسن حسني «شيخ الحارة» حسن حسني



GMT 14:00 2025 الثلاثاء ,03 حزيران / يونيو

إيقاع الفرج

GMT 13:59 2025 الثلاثاء ,03 حزيران / يونيو

البلديات على جمر الانتظار

GMT 13:56 2025 الثلاثاء ,03 حزيران / يونيو

ثلج الإسكندرية وكويكب الجزائر ولهَب حائل!

GMT 13:55 2025 الثلاثاء ,03 حزيران / يونيو

غزة ونهاية «تفويت الفرص»

GMT 13:53 2025 الثلاثاء ,03 حزيران / يونيو

هل تتقدّم الضربة على الاتفاق النووي؟

GMT 13:52 2025 الثلاثاء ,03 حزيران / يونيو

أزمة ليبيا أمام شقيقاتها الثلاث

GMT 13:50 2025 الثلاثاء ,03 حزيران / يونيو

«اللطافة والخفافة مذهبي»!!

GMT 13:49 2025 الثلاثاء ,03 حزيران / يونيو

الذكاء القادم

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 20:13 2021 السبت ,25 أيلول / سبتمبر

أربيل تبعد شخصيات دعت للتطبيع مع "إسرائيل"

GMT 01:10 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

فتيحة المغربية تخرج عن صمتها وتكشف عن مشاكلها مع زوجها

GMT 23:30 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

جهة مراكش أسفي تتجاوز 800 إصابة بفيروس "كورونا"

GMT 04:52 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

تعرف على سعر خاتم خطوبة ياسمين صبري

GMT 04:19 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد أبو تريكة يعلق على تعيينه سفيرا لمونديال قطر2020

GMT 21:30 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات كبيرة في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 06:55 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

الفنان أحمد عز يفتح صندوق أسراره وجديد أعماله
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib