إحياء الآمال المغاربية

إحياء الآمال المغاربية

المغرب اليوم -

إحياء الآمال المغاربية

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

لا يوجد عربي صادقُ الحسّ يسعده أن يكونَ بلدانِ عربيان على خلافٍ، فإذا كان البلدانِ على جوار مباشر كحالة المغرب والجزائر، كان السعي إلى طي الخلاف بينهما مما يسعد به مثل هذا العربي صادق الحسّ.

وعندما صوَّت مجلسُ الأمن على مشروع قرار يدعم مبادرة الحكم الذاتي لإقليم الصحراء، فإنَّ تصويته أحيا آمالاً عريضة داخل المغرب وخارجه في دول الاتحاد المغاربي بأعضائه الخمسة على السواء.

كان المجلس قد صوّت على ذلك يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول)، وكان تصويتاً كهذا يحدث في المجلس للمرة الأولى، وكان التصويت بأغلبية 11 دولة من دول المجلس الخمس عشرة، وامتناع ثلاث دول عن التصويت، وعدم مشاركة دولة واحدة.

وما كادَ بيان يصدر بذلك حتى سارع الملك محمد السادس، ملك المغرب، إلى دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى «حوار أخوي وصادق يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، ويقوم على صيغة لا غالب ولا مغلوب». وهذه اللهجة المغربية الإيجابية ليست جديدة في حقيقة الأمر، فلقد كانت هي الخطاب السياسي المغربي المعتمد في القضية دائماً.

وفي هذا الاتجاه فإنَّ التصويت إذا كان سيمنح إقليم الصحراء حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية، فإنه سيفتح الطريق من ناحية أخرى أمام فكرة الاتحاد المغربي لعلها تعود إلى الحياة مرة ثانية.

إنني أتوقف أمام عدد من الملاحظات التي ميزت التجاوب المغربي مع التصويت، كما ميّزت موقف الرباط من قبل في كل مناسبة كانت قضية الصحراء مطروحة فيها.

الملاحظة الأولى أن المغرب كان دائماً يرى في الجزائر دولة جارة، وكان يرى التاريخ ومعه الجغرافيا رابطين اثنين يصلان بين الدولتين ولا يقطعان، وكان يعرض الحوار أداة دائمة لحل أي خلاف بين البلدين، وكان يرى علاقة من الأخوة تربط بين الشعبين في الجزائر وفي المغرب برباط وثيق، وقد كانت هذه كلها مفردات لا تغيب في كل خطاب سياسي مغربي حول الموضوع.

تجد أشياء من هذا المعنى في حوار أجرته القناة الثانية المغربية مع ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، وفيه قال إنه ليس هناك مَنْ يعرف الجزائر أكثر من المغرب، ولا مَنْ يعرف المغرب أكثر من الجزائر، وإن البلدين لا يحتاجان وساطات بينهما، وإن لغة الحوار هي أحسن طريقة لحل أي مشكلة أو خلاف بينهما، وإن حل المشكلات مع الجزائر اليوم أقرب منه في أي يوم مضى.

والملاحظة الثانية نجدها في تفضيل المغرب أن يكون حواره مع الجزائر مباشراً، وألا يكون بينهما وسيط، لأنهما ليسا في حاجة إلى وسيط بحكم القرب الجغرافي والتاريخ. وهذا منطق كفيل بحل أعتى المشكلات وأصعبها، لأنه يستحضر الحوار كأداة قادرة على تذويب الخلافات والمعوقات، ولأنه يستبعد الوسطاء الذين إذا جاءوا أو حضروا، فإنهم يجيئون ومع كل وسيط منهم توجهاته الخفية.

فلقد كان يقين المغرب على طول هذه السنين، أن الخلاف مع الجزائر يمكن أن يجد حلاً في النهاية، وأن الصيغة المغربية للحل في إقليم الصحراء مرنة بما يكفي، وأنها معتدلة ومنفتحة بمثل ما هي مرنة.

أما الملاحظة الثالثة فهي أن الاتحاد المغاربي سيكون له نصيب في وصول قطار الإقليم إلى محطته، والسبب أن دول الاتحاد الخمس، من ليبيا شرقاً إلى موريتانيا غرباً، ومروراً بتونس والجزائر والمغرب، أشد ما تكون حاجة إلى توظيف التصويت في اتجاه إحياء الاتحاد، لأن بينها من وجوه التكامل، ما يمكن أن يضمن للاتحاد أن يبقى ويصمد.

وإذا كان التصويت قد مدد عمل بعثة الأمم المتحدة (مينورسو) في إقليم الصحراء عاماً أخيراً ينتهي آخر أكتوبر المقبل، فالبلدان يستطيعان أن يجعلاه التمديد الأخير بالفعل، وتستطيع دول الاتحاد الخمس أن تقول عند نهايته، إنها كفيلة بحل مشكلاتها فيما بينها، وإنها ليست في حاجة إلى وسطاء، لأن الوسيط كثيراً ما يطيل أمد المشكلة بأكثر مما يعمل على أن يصل فيها إلى حل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إحياء الآمال المغاربية إحياء الآمال المغاربية



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib