بقلم - سليمان جودة
تشعر بأن الموقف الأمريكى من الخطة التى اعتمدتها قمة القاهرة ٤ مارس يختلف فى مضمونه عن الموقف الإسرائيلى، رغم أنهما أقرب إلى رفض الخطة منهما إلى القبول بها.
من بين وجوه الاختلاف أن حكومة التطرف فى تل أبيب سارعت إلى إعلان موقفها بمجرد أن أنهت القمة أعمالها، ولأنها حكومة متطرفة لحماً ودماً، فإنها لم تمنح نفسها فرصة للنظر فيما أقرته القمة، ولا أعطت نفسها بعض الوقت تطالع فيه الخطة التى حظيت بإجماع عربى لا يستثنى دولة عربية فى أرض العرب!.. لقد سارعت بتطرفها المعهود فرفضت، وكأنها جهزت ردها قبل أن تنتهى القمة من أعمالها، وربما قبل أن تنعقد فى الأصل، ولذلك، فهذا الموقف الإسرائيلى غير المسؤول لا يستحق الوقوف عنده، ولا مناقشة أصحابه فيه أو فى تفاصيله.
أما الموقف الأمريكى فهو مختلف رغم أنه رافض هو الآخر، ولكن سبب اختلافه أنه لم يشأ أن يغلق الباب كاملاً، وإنما قال متحدث مجلس الأمن القومى الأمريكى إن بلاده منفتحة على حوار يؤدى إلى السلام فى المنطقة.. وهنا، نجد أنفسنا كعرب أمام مساحة أمريكية متروكة للحوار وللأخذ والرد بيننا وبينهم.
هذه هى المساحة التى تحتاج إلى توظيف جيد من جانبنا، وتحتاج أيضا إلى العمل عليها دون انتظار، وتحتاج للمرة الثالثة إلى الطرق على الحديد فيها وهو لا يزال ساخنًا.. والقصد أن قمة القاهرة التى دعت إليها مصر ونجحت فيها لا تزال طازجة بما أعلنته من مشروع متكامل.. إنها لا تزال حاضرة على موائد النقاش والنظر، وهذا ما سوف يكون علينا أن نحتفظ به حيا طول الوقت.
إن أى متابع للشأن الأمريكى منذ تولى الرئيس ترامب فى ٢٠ يناير، سوف يلاحظ أن الرئيس الأمريكى يقبل التراجع عما أعلنه، وأنه عندما يسمع من الطرف الآخر يأخذ خطوة أو خطوات إلى الوراء، وهذا ما نجده فى ملفات كثيرة تراجع فيها بعد أن كان تشدده ظاهرًا فى البداية.
فى ملف قطاع غزة نفسه، على سبيل المثال، كان قد أعلن مرة أنه ليس فى عجلة من أمره فيما يخص خطته للقطاع، وكان فى مرة ثانية قد قال إنه لن يفرض ما يعلنه بهذا الشأن، وأنه فوجئ بالرفض المصرى الأردنى للمشروع المعلن من جانبه.
أمريكا تتعامل مع الخطة المعلنة من قمة القاهرة بسياسة الباب الموارب.. فهى لم تفتح الباب كاملًا ولم تغلقه كاملاً.. وسوف تبقى المهارة فى القدرة على الدخول من هذا الباب.