شتّان ما بين الاعتذارين
أخر الأخبار

شتّان ما بين الاعتذارين

المغرب اليوم -

شتّان ما بين الاعتذارين

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

قد يعتذر المرء عن شىء قاله، لكن اعتذاره لا يعنى تراجعه عما قال، خصوصا إذا كان الكلام الذى اعتذر عنه يتفق مع المنطق السليم للأمور.

شىء من هذا جرى فى إسرائيل عندما قال عاموس شوكن، صاحب جريدة «هاآرتس» الإسرائيلية، إن الفلسطينيين «مقاتلون من أجل الحرية». وما كاد يتلفظ بهذا المعنى حتى قامت الدنيا عليه فى الدولة العبرية فلم تقعد حتى اعتذر!.

طبعا عندما تقال عبارة كهذه على لسان مواطن إسرائيلى، ثم عندما لا يكون هذا المواطن الإسرائيلى مواطنا عاديا، وإنما صاحب صحيفة إسرائيلية مهمة، فالمتصور أن تنقلب الدنيا عليه، لا لشىء، إلا لأن ما يقوله ينسف الحرب التى تخوضها الحكومة الإسرائيلية على الفلسطينيين فى قطاع غزة من أساسها.. وإلا.. فماذا يتبقى لبنيامين نتنياهو، رئيس حكومة التطرف فى تل أبيب، إذا كانت صحيفة إسرائيلية كبيرة مثل «هاآرتس» ترى أن الفلسطينيين لا يعتدون على الإسرائيليين كما يتم تصويرهم للعالم، منذ قامت الحرب عليهم فى غزة قبل أكثر من سنة، وإنما هُم مقاتلون من أجل الحصول على حريتهم واستقلالهم كشعب جرى احتلال أراضيه؟.

لقد أعلنت وزارة الثقافة الإسرائيلية وقف علاقتها بالصحيفة، ومن بعدها أعلنت وزارة الداخلية الشىء نفسه، وبدا واضحا أن الأمر لن يتوقف عند الوزارتين، وأنه يمكن أن يصل إلى وزارات أخرى سواهما، فلما أحس صاحب الصحيفة بأن مثل هذه الغيوم تتجمع فى الأفق أمام صحيفته، سارع يعتذر عما صدر منه ويتحدث عن الفلسطينيين باعتبارهم لا يقاتلون من أجل الحرية ولا يحزنون، وأنهم كما تقول عنهم حكومة التطرف طول الوقت.

كان شوكن فى لندن عندما أعلنت الوزارتان ما أعلنتاه، ولم ينتظر حتى يعود إلى إسرائيل فاعتذر من مكانه هناك!.

والمؤكد أنه لايزال بينه وبين نفسه يرى ما أعلنه فى البداية، كما أن المؤكد كذلك أن حكومته تعرف أنه اعتذر تجنبا لمتاعب لا يريدها ولا يحتملها، وأنه فى قرارة نفسه يعتقد فيما ما قال به من خلال صحيفته، وأن تراجعه فى الظاهر أمام الناس لا يعنى أن الفكرة التى صرح بها ابتداءً قد غادرت رأسه، أو أنه تخلى عنها، أو أنه رأى عكسها كما يبدو من الاعتذار.

هذا كله مفهوم وبديهى ومنطقى، ومن المؤسف أن يأتى وقت على رجل مثله يعتذر فيه عما يراه هو، ويراه الناس من حوله وفى العالم، كما يرى المبصر ضوء الشمس فى عز النهار.. فهذا اعتذار المضطر لا المقتنع.. وشتّان ما بين الاعتذارين!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شتّان ما بين الاعتذارين شتّان ما بين الاعتذارين



GMT 21:27 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

دوره الأخير

GMT 21:24 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

غربال التاريخ المتحرك

GMT 21:22 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

إيران... انعطافات حادة يميناً ويساراً

GMT 21:21 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

عوامل استقرار الشرق الأوسط واضطرابه

GMT 21:20 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

عن ليبيا والحاجة لطوق النجاة

GMT 21:19 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

لا يفوتك في هذا النص

GMT 21:17 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

أوكرانيا وغزة

GMT 21:16 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

إيران ــ أميركا: دبلوماسية قلم الحبر

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 17:42 2023 السبت ,08 إبريل / نيسان

4.9 مليار دولار أرباح أدنوك للغاز في 2022

GMT 23:30 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

«تيك توك» تفرض قيودا على بعض المقاطع

GMT 15:08 2020 الجمعة ,29 أيار / مايو

حقائق تجهليها عن شهر العسل

GMT 10:29 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إدارة السجون تكشف مستجدات الحالة الوبائية

GMT 00:09 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لعبة Sekiro تفوز بجائزة لعبة السنة على متجر Steam

GMT 10:03 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البدلة الرسمية على طريقة المُصمم العالم توم فورد

GMT 23:34 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أهم مميزات ومواصفات سيارة "BMW X7" الجديدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib