المشروع العربي

المشروع العربي؟!

المغرب اليوم -

المشروع العربي

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

 

هل يمكن أن يكون هناك مشروع عربي يقف مرفوع الرأس أمام مشاريع أميركية وأوروبية وإيرانية وتركية وإسرائيلية تتقدم بالسياسة والدبلوماسية والاقتصاد والقوة الناعمة والأخرى المسلحة نحو المنطقة التي نعيش فيها؟ الإجابة هي نعم؛ والمعلوم أن هذه الإجابة سوف تثير الدهشة؛ لأن التجربة التاريخية سواء التي قامت على «القومية العربية» أو «القومية الإسلاموية» لا تشجع على مثل هذا السعي. الوصول إلى هذه النتيجة لا تلغي الرابطة العربية عند حدها الأدنى والواقعة في إطار الجامعة العربية التي رغم الانطباع الذائع عنها بأنها لا تغني كثيراً، فإن لا أحد في العالم العربي ينسحب منها أو يدعو إلى إغلاقها. الجميع يرى فيها وظيفة الحد الأدنى الذي يقرّب العرب، ويعطيهم إطاراً للتجمع والاقتراب عندما لا يوجد أي شيء آخر. ومع ذلك، فإن هناك حاجة ماسة إلى مشروع، أولاً لأن هناك مشاريع أخرى تهدد الأمن القومي للدول العربية فرادى ومجتمعة؛ وثانياً لأن دوافع المشروع ليست فقط أمنية تتعلق بالتهديدات الإقليمية والعالمية، وإنما أيضاً لأنه بالنسبة للدول العربية التي اختارت طريق الدولة الوطنية التي تركز على البناء والتنمية فإنها تحتاج بشدة إلى أسواق واسعة. الأمن والتقدم إذن هما الهدف من البحث عن مشروع عربي يسير فيه الراغبون والقادرون والذين لديهم مصلحة وطنية في الاقتراب من عرب آخرين لديهم الرغبة ذاتها، والدافع ذاته، والمصلحة ذاتها. المسألة ببساطة أن العالم لا يتغير فقط، فهو دائماً يتغير، وإنما لأنه يتغير في اتجاهات إما أنها مهدّدة لنا وإما أنها ببساطة لا تخصنا.

المتغير الأساسي الذي يصعد مع العام الحالي (2025) هو وصول الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بجدول أعمال غير مسبوق من حيث نظرته إلى الولايات المتحدة في الداخل التي تقوم على تخفيض حجم وقدرات الحكومة الفيدرالية من خلال نظرة سلبية لليبرالية الاقتصادية والسياسية. مثل ذلك لا يخصنا وإنما سوف يخص الأمة الأميركية وحساباتها التي على الأرجح سوف تقود لانقسامات مخيفة ظهرت بوادرها خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ما يجب الالتفات إليه هو أن ترمب ليس من المؤمنين بقضية سلامة كوكب الأرض وما يعانيه من احتباس حراري؛ وبناءً عليه؛ فإنه يرى أن الطاقة الأحفورية هي مصدر قوة ومناعة نسبية للولايات المتحدة عليها أن تستغلها بالتوسع في إنتاج النفط الصخري.

خارجياً، فإن العادة الأميركية جرت على أن تكون القطب الأول في العالم، لكنها في الوقت نفسه تضع عينها ومواردها على القطب التالي لها في القدرة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية وهي الآن الصين. باختصار، فإن النظام الدولي سوف يكون طبعة أخرى قد تكون مختلفة بحكم الزمن من القطبية الثنائية التي تولّد حروباً ساخنة وباردة. ما بات واضحاً الآن ويضاف إلى ذلك هو أن القيادة الأميركية تعتزم ترويض حلفائها وأصدقائها لكي يدفعوا ثمن الجوار الاستراتيجي للولايات المتحدة بتصحيح حالة الميزان التجاري مع واشنطن؛ وبجانبه دفع نفقة الدفاع الأميركي. ما يؤخذ من المبادرات المعلنة هو هجمة كبيرة ليس على روسيا أو الصين أو أي من القوى الكبرى في العالم، وإنما مع كندا والمكسيك وبنما وغرينلاند والاتحاد الأوروبي، وباختصار على شركاء حلف الأطلنطي.

المتغير الآخر إقليمي يحصد ما جرى خلال العامين الأخيرين من حرب غزة الخامسة وتوابعها الإقليمية؛ وما قبله من نتائج «الربيع العربي» التي أفرزت نوعين من الدول العربية: دول الحروب الأهلية ونزاعات الطوائف والمذاهب والقبائل والجهويات، ودول البناء والتنمية والوحدة الوطنية والساعية إلى دخول العصر الذي نعيشه والمنافسة فيه. النوعية الأولى تسبب حالة من عدم الاستقرار الإقليمي البالغ الضرر لجميع المنطقة العربية، والنوعية الأخرى تحتاج إلى أسواق واسعة تتلاءم مع طاقاتها الاقتصادية المتنامية، وهي مجموعة الدول التسع - دول الخليج الست - وكل من مصر والأردن والمغرب والتي وقَّعت على بيان الدول التسع في 21 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي يرسم طريق تحقيق السلام العربي - الإسرائيلي مع إدانة الاعتداء على المدنيين من قِبل أي طرف في المنطقة. هذه المجموعة سوف تكون مفتوحة لمن يقبل أساسيات الدولة الوطنية وسعيها للحاق بعالم يصل إلى القمر ويتعداه إلى أكوان واسعة؛ وباختصار فإنها لا ترغب في البقاء في أدنى درجات سلم التقدم العالمي. هذه الدول خلال السنوات العشر الأخيرة حققت الكثير في دفع هويتها، واختراق إقليمها الجغرافي بمشاريع صناعية وحضرية واسعة، واستوعبت شبابها مشاركاً في أكبر عمليات البناء التي عرفها التاريخ العربي المعاصر. مجلس التنسيق المصري - السعودي الذي أُعلن مؤخراً يشكّل خطوة مباركة، لكن واحداً من مشاريعه الأساسية هو دعوة الآخرين للتنسيق والمشاركة... وللحديث بقية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشروع العربي المشروع العربي



GMT 18:28 2025 الخميس ,12 حزيران / يونيو

تسريح صاحبة التسريحة

GMT 18:25 2025 الخميس ,12 حزيران / يونيو

أميركا: عينٌ على إيران وأخرى على سوريا

GMT 18:23 2025 الخميس ,12 حزيران / يونيو

الهجمة على الجيش والمخاطر على السودان

GMT 18:22 2025 الخميس ,12 حزيران / يونيو

الكشف عن وجه توت عنخ أمون... مرة ثانية

GMT 18:21 2025 الخميس ,12 حزيران / يونيو

مَن يرث أميركا؟

GMT 18:20 2025 الخميس ,12 حزيران / يونيو

أدوات الشعبوية والفوقية

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 06:06 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

سحر البحر

GMT 13:16 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

تمتعي بقضاء عطلة ملكية في فندق "قصر الشرق"

GMT 08:02 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

السياح يُقدمون على زيارة غابة "ساغانو" اليابانية

GMT 11:19 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

مطعم Harvey Washbangers يقدّم لك الوجيات ويغسل ملابسك

GMT 09:54 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

بياض جبال "الأوراس" يعد الوجهة المفضلة لعشاق التزلج

GMT 00:19 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عبد الخالق تسعى إلى إنشاء صفوف موسيقية في مدارس الحكومة

GMT 16:32 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

وفد من وكالات السفريات في بيلاروسيا يزور المغرب

GMT 00:51 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

مجموعة "Folli" تُعلن تجهيز مجوهرات فاخرة في 2017

GMT 20:29 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تعرَف على جمال مدينة دهب جنوب سيناء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib