قضايا انتخابية 2024

قضايا انتخابية 2024

المغرب اليوم -

قضايا انتخابية 2024

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

يقال إنه فى البلاد المتقدمة تدور الانتخابات حول القضايا بينما فى البلاد النامية تدور حول العصبيات والأيدلوجيات. هناك بعض من الحقيقة فى ذلك، ولكنها أيضًا لا تخلو من زيف. فالعصبية باتت متأصلة فى الولايات المتحدة، ولذلك جرى التقسيم البديهى بين الولايات الحمراء الجمهورية والزرقاء الديمقراطية حيث التصويت مضمون للمرشح الجمهورى والآخر الديمقراطى وتنحصر المنافسة فى مجموعة صغيرة من الولايات «المتأرجحة» التى قد تكون ثلاثًا أو سبعًا حسب الموسم الانتخابى. وفى الدول النامية ورغم العصبيات والأيدلوجيات فإن الانتخابات لا تخلو أبدًا من قضايا «أكل العيش» التى تجعل للزيت والسكر مزايا انتخابية. مع ذلك فإن الأمر صحيح فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية؛ فبعد خروج الرئيس بايدن وحلول نائبته كامالا هاريس مكانه، وبعد تمام انعقاد مؤتمرى الحزبين الجمهورى والديمقراطى فإن حرب المواقف من القضايا الأساسية بدأت.

هاريس تحب أن تبدأ حديثها بأنها وحزبها يحركهم المستقبل وليس الماضى كما يفعل الطرف الآخر؛ ترامب لا يصوغ المسألة بهذه الصورة ويضعها على بندول اليسار واليمين، وبالطبع فإن خصمه يسارى وماركسى. بعد ذلك توضع القضايا الحاكمة فى مكانها من المعادلة فالديمقراطيون يهتمون بالطبقة الوسطى وسعادتها، والجمهوريون يريدون مكافأة الرأسماليين لأنهم يجعلون بقية الأمريكيين سعداء بما يستثمرون ويعطون فرص العمل والسعادة. الإجهاض حق من حقوق المرأة فى جسدها، والجمهوريون منقسمون من أول أن الحياة تبث منذ تخصيب البويضة، ومن يرى أن الحياة تأتى بعد ستة أسابيع، وترامب يرى أن الفترة أكثر من ذلك ويريد أن يكون من «المعتدلين». وبينما هناك اتفاق على السماح بالإجهاض فى حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسى فإن هناك من يرفضه، وأكثر من ذلك يرفض تنظيم النسل ولكن ترامب يرى أن أمريكا فى حاجة من المزيد من الأطفال «الرائعين».

وبينما يعطى «الإجهاض» ميزة تنافسية للديمقراطيين، فإن الهجرة واللجوء تعطى ميزة كبيرة للجمهوريين. وهى ميزة واقعة فى العالم كله حيث تسببت «العولمة» فى عمليات انتقال واسعة للقوى العاملة فى العالم بينما هى تبحث عن ارتفاع فى مستوى معيشتها. وفى الولايات المتحدة كان الترحيب بذلك قائمًا سواء لأنها بلد قائم على الهجرة، وتفخر بأنها ملجأ المحرومين ووطن الشجعان؛ أو لأنها تحاول تجديد القاعدة العمالية بأيدى عمل رخيصة. ولكن ذلك كان فى الماضى، وبعد أن كان هناك عقدة نفسية لدى الأمريكيين إزاء الأقلية السوداء (11٪ من الشعب الأمريكى) لأنها جاءت مجبرة على القدوم؛ فإن ذلك لا ينطبق على آخرين من أمريكا الجنوبية من أصول لاتينية الذين بلغوا 13٪ من الشعب الأمريكى. بعد ذلك أتت كثرة من آسيا والشرق الأوسط، ونمت أعداد من تبقى من «الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين» فبات العنصر الأبيض يشكل 70٪ فقط من السكان بعد أن كانوا 74٪ قبل عقد مضى. المعضلة السكانية فى المسألة الانتخابية أن الهجرة تصب لصالح الديمقراطيين لأن سياساتهم فضلًا عن الرفق بالمهاجرين فإنها بطريقتها فى الإنفاق العام تجعلهم أكثر تفضيلًا ساعة التصويت. الاعتقاد لدى ترامب ورفاقه من الجمهوريين هو أن الديمقراطيين يستخدمون الهجرة لتوليد انقلاب سكانى يمكنهم من السلطة ساعة الانتخاب.


فى السياسة الخارجية فإن الخلاف لا يقل اتساعًا، الديمقراطيون يؤيدون التحالف الغربى ويأخذون العالم باعتباره معركة بين الديمقراطيين- أى أمريكا وحلفائها الغربيين- والسلطويين الذين يميلون إلى روسيا والصين فى المنافسة العالمية. الديمقراطيون هكذا يدعمون أوكرانيا حتى النصر ويمدونها بالسلاح ويضغطون على أوروبا حتى تقدم الدعم، ويعملون على الفوز فى المنافسة مع الصين باعتبارها قضية المجتمعات الديمقراطية. الجمهوريون فى عصر ترامب ينظرون نظرة سلبية للدول الديمقراطية ويرونها عبئًا على واشنطن، يعطون التأييد للتحالف الغربى إذا ما دفعت الدول الغربية ثمن الدفاع عنها؛ ولا يرون سببًا فى الإنفاق على أوكرانيا التى ستخسر الحرب على أية حال. فيما يتعلق بالشرق الأوسط فإن كليهما ديمقراطيين وجمهوريين يتفقان على دعم إسرائيل، وضمان أمنها وحقها فى الدفاع عن نفسها وانتصارها الكامل على حماس؛ ولكن الديمقراطيين يريدون من إسرائيل أن تعرف بوجود مصالح أخرى لأمريكا فى المنطقة، وأن الأفضل لأمنها أن تصل إلى حل الدولتين مع الفلسطينيين والعرب. الجمهوريون فى ردائهم «الترامبى» يرون أن إسرائيل دولة صغيرة الحجم ومن حقها التوسع بعد أن تنتهى بالانتصار فى الحرب القائمة. ترامب شخصيًّا لا يمانع فى ضم أراضٍ فلسطينية إلى إسرائيل بعد أن ضم خلال ولايته السابقة القدس التى نقل إليها السفارة الأمريكية باعتبارها العاصمة الأبدية لإسرائيل، وفعل الأمر ذاته مع المرتفعات السورية التى صدّق على ضمها لإسرائيل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قضايا انتخابية 2024 قضايا انتخابية 2024



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

أحلام تتألق بإطلالة ملكية فاخرة باللون البنفسجي في حفلها بموسم جدة

جدة - المغرب اليوم

GMT 01:04 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروب "كافي توبا" الحلال يحارب بطالة السنغال

GMT 17:36 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

التراس الرجاء البيضاوي تهاجم سعيد حسبان وتصفه بالخبيث

GMT 15:44 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفيلا صديقة البيئة المكان المناسب لقضاء العطلة

GMT 09:02 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مليون زهرة شتوية تزين شوارع عنيزة في المملكة السعودية

GMT 03:18 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفيلم المغربي "عمي" خلال مهرجان "مشاهد عربية" في واشنطن

GMT 06:35 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين "أرامكو" و"غانفور" لشراء فرضة "ماسفلاكت" للنفط

GMT 19:03 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الوداد ينجّح في رفع عقوبة المنع من الفيفا

GMT 21:37 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يرتفع بدعم من ارتفاع الطلب وشح الإمدادات بأميركا

GMT 20:54 2023 الخميس ,18 أيار / مايو

البيض يتوقع الفائز بدوري أبطال أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib