الذكاء الاصطناعي وتحليل المشاعر
أخر الأخبار

الذكاء الاصطناعي وتحليل المشاعر

المغرب اليوم -

الذكاء الاصطناعي وتحليل المشاعر

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

في أواخر العام المنصرم، أصدر البروفيسور فيفك باندي، المدير التنفيذي لشركة «Vrata Tech Solution»، إحدى شركات مجموعة «Arvind Mafatlal»، رائد الأعمال في مجال التكنولوجيا، وقائد التحول الرقمي والأعمال التجارية، دراسة حول الدور المتقدم لوسائل الذكاء الاصطناعي في قادم الأيام.

الورقة البحثية أوسع من أن نناقش تشابكاتها وتقاطعاتها في هذه القراءة، لكننا نختار منها على وجه التحديد جزئية تحليل المشاعر، الأمر الذي يجعل عالم الأخ الأكبر لجورج أورويل يصغر أمام ما ينتظر البشرية عما قريب.

تخبرنا القراءة البحثية كيف يمكن تحليل المشاعر عبر الذكاءات الاصطناعية من تقييم النغمة العاطفية وراء البيانات النصية، ومن خلال الاستفادة من خوارزميات التعلم الآلي المتقدمة.

يساعد تحليل المشاعر وكالات التجسس على استخلاص رؤى من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، ورسائل البريد الإلكتروني، والمنتديات العامة، وغيرها من أشكال الاتصال النصي.

هنا تبدو القدرة على اكتشاف المشاعر الكامنة، مثل الغضب أو الدعم أو الخوف، تسمح لأجهزة الاستخبارات بقياس الرأي العام، وتحديد التهديدات المحتملة، وتتبع التحولات في المشاعر المجتمعية، التي قد تشير إلى الاضطرابات أو عدم الاستقرار.

على الصعيد العالمي، تستخدم وكالات استخبارية مثل المخابرات المركزية الأميركية، وجهاز الاستخبارات البريطاني (MI6)، تحليل المشاعر لمراقبة الاتصالات والمنصات الرقمية بحثاً عن علامات تشير إلى نشاط متطرف أو استياء عام.

خذ إليك ما تقوم به وكالة الاستخبارات المركزية من تحليل المشاعر لتتبع المناقشات عبر الإنترنت حول الأحداث الجيوسياسية، مما يوفر فهماً في الوقت الحالي لكيفية نظر المجموعات المختلفة إلى الصراعات المحتملة أو التحولات السياسية، الأمر الذي يسمح لها بفهم أفضل للديناميكيات التي قد تؤدي إلى تهديدات أمنية أوسع نطاقاً، تتراوح من الإرهاب إلى الاضطرابات المدنية.

هنا تبدو عملية تحليل المشاعر قادرةً على تعزيز قدرة وكالات التجسس على تقييم فاعلية عملياتها ورواياتها الموجهة إلى الجمهور.

من خلال تحليل كيفية تلقي رسائلها تستطيع أجهزة الاستخبارات تعديل استراتيجياتها الاتصالية، إما لتهدئة المخاوف العامة، أو لتعزيز الدعم الخاص بالمبادرات الوطنية، وهذا النهج القائم على البيانات، يُمّكن وكالات الاستخبارات من أن تكون أكثر استباقية، في تشكيل التصورات المحلية والدولية، وضمان أن تتماشى أفعالها مع الأهداف الاستراتيجية الأوسع.

ورغم إمكاناتها الهائلة، تواجه تحليلات المشاعر تحديات مثل اكتشاف السخرية، وفهم السياق، والفروق الدقيقة في اللغة، ما يحتم على وكالات الاستخبارات العمل باستمرار على تحسين خوارزمياتها لضمان دقة المشاعر التي يتم اكتشافها في سياقات لغوية وثقافية متنوعة.

هل يعني ذلك أن تكنولوجيا الذكاءات الاصطناعية باتت قادرة على اختراق النفس البشرية، وسبر أغوارها، وقراءة مكنوناتها؟

الثابت أنه رغم نضوج التكنولوجيا، سوف تظل تحليلات المشاعر أداة قيمة لوكالات الاستخبارات، حيث تساعدها على اكتساب فهم أعمق للمشاعر العامة العالمية، ومن ثم البقاء في طليعة التهديدات الناشئة.

الكارثة الكبرى أنه اليوم يقوم البشر بأعمال التجسس، لكن ماذا عن الغد؟ هل ستقوم برامج الذكاء الاصطناعي بدورها بالتجسس على البشر لصالحها ما يجعل الإنسان عبداً في نهاية المطاف لمخترعات يديه؟

المثير في الجواب أن تجسس الذكاء الاصطناعي لم يعد حكراً على الـ«CIA» أو الـ«MI6»، فحسب، ذلك أنه من وقت قيامك بطلب توصيات معينة على شبكة «نتفليكس»، مروراً بـ«تشات جي بي تي»، وصولاً إلى «أوبن آيه آي»، هناك من يراقبك ويستمع إليك ويعلم اختياراتك، ويقيم مواقف، واليوم تجده يقترح عليك من تلقاء نفسه بعضاً مما تفكر فيه، أما في الغد فحكماً سيفكر هو عوضاً عنك.

هاتفك الذكي على سبيل المثال يعرف الكثير جداً عنك، وربما يعرف عبر مصفوفات بعينها من الخوارزميات، ما هو أكثر مما تفكر فيه، وقبل أن تكتب في محركات البحث.

هذه ليست مصادفة، إنه في الواقع الذكاء الاصطناعي الذي يقوم بسحره، ويحكم على تحركاتك.

ولعل ما لا تعرفه هو أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي تقوم بتحليل عاداتك الرقمية عبر مجموعة واسعة من الهواتف والنماذج.

إنك تعتقد بشكل عام أن الهواتف الذكية لا تسجل المحادثات بشكل نشط من دون الحصول على إذن صريح منك، إلا أنها ببساطة لا تحتاج إلى القيام بذلك.

تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي بتحليل كل ما تفعله على هاتفك الذكي، بدءاً مما تكتبه في محرك البحث، وحتى التطبيقات ومواقع الويب التي تفتحها، كما تتعرف أنظمة الذكاء الاصطناعي المخيفة في هاتفك على المزيد عنك مع كل نقرة أو تمريرة.

هل أتاك يوماً حديث «النص التنبؤي سيئ السمعة»؟ أهلاً بكم في العالم الأورويلي المعاصر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذكاء الاصطناعي وتحليل المشاعر الذكاء الاصطناعي وتحليل المشاعر



GMT 21:27 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

دوره الأخير

GMT 21:24 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

غربال التاريخ المتحرك

GMT 21:22 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

إيران... انعطافات حادة يميناً ويساراً

GMT 21:21 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

عوامل استقرار الشرق الأوسط واضطرابه

GMT 21:20 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

عن ليبيا والحاجة لطوق النجاة

GMT 21:19 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

لا يفوتك في هذا النص

GMT 21:17 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

أوكرانيا وغزة

GMT 21:16 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

إيران ــ أميركا: دبلوماسية قلم الحبر

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 17:42 2023 السبت ,08 إبريل / نيسان

4.9 مليار دولار أرباح أدنوك للغاز في 2022

GMT 23:30 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

«تيك توك» تفرض قيودا على بعض المقاطع

GMT 15:08 2020 الجمعة ,29 أيار / مايو

حقائق تجهليها عن شهر العسل

GMT 10:29 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إدارة السجون تكشف مستجدات الحالة الوبائية

GMT 00:09 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لعبة Sekiro تفوز بجائزة لعبة السنة على متجر Steam

GMT 10:03 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البدلة الرسمية على طريقة المُصمم العالم توم فورد

GMT 23:34 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أهم مميزات ومواصفات سيارة "BMW X7" الجديدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib