القصيبي والفتنة

القصيبي والفتنة

المغرب اليوم -

القصيبي والفتنة

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

 

بعض الكتب قيمتها في توقيتها، وأثرها السياسي، وليس بالضرورة في عمق وجدة محتواها، وأظنّ أن من تلك الكتب كتاب «حتّى لا تكون فتنة» للأديب والدبلوماسي والوزير والمستشار الكبير السعودي غازي القصيبي.

القصيبي رمزٌ سعودي وعربي شهير من رموز الثقافة والسياسة، لا حاجة للكلام عن مزايا القصيبي، فهو كلامٌ مُكرر، وهو من المعارف العمومية، حتى لدى جمهور «السوشيال ميديا».

هنا أرغب في التوقّف عند كتاب خطيرٍ له، هو مجموع مقالات جمعها في كتاب لطيف الحجم، وهو «حتّى لا تكون فتنة»، والمقالات عبارة عن سجالات مع 3 من رموز «الصحوة» في السعودية، والصحوة هو الوصف المعروف لأنصار فكر جماعة الإخوان ومتفرعّاتها، مثل السرورية وغيرهم في السعودية، إبّان «فتنة» حرب الخليج الثانية، أي فترة غزو الرئيس العراقي صدّام حسين للكويت (1990) وما تلاها من تكوين تحالفٍ دولي احتضنته وشاركت فيه بفعالية، المملكة العربية السعودية، حتى تمّ تحرير الكويت من الاحتلال الصدّامي، وقتها كانت الجماعات الإسلامية تثير الفتن في المجتمع السعودي، وتنشر الإرجاف والإشاعات وتشجّع على التمرد باسم الدين والجهاد والحاكمية وغير ذلك، خصوصاً عبر أشرطة «الكاسيت» الصوتية حينها.

الكتاب، كما قلنا، سجالات مع أشهر رموز الصحوة، ونجم نجومهم، وساجَلَ أحدهم بهذا الشكل: «كانت دهشتي بالغة عندما جاءني مَن يقول إنه استمع لشريط منسوب إليه اسمه (السكينة السكينة) يقول فيه عنّي إنني من العلمانيين!

لم أصدّق ما سمعت، وأكثر، عندما قيل لي إن هذا الرجل أستاذٌ في جامعة الإمام وعميدٌ لإحدى كُليّاتها».

لأن الخطيب الصحوي الشهير اتهمه بالعلمانية، والعلمانية كفرٌ حسب تعريف الخطيب، ومفهوم جمهوره، طالبه غازي بتبيان ذلك، وإعلان الخطيب تراجعه واعتذاره لغازي على ظهر المنبر!

وهكذا يمضي غازي في نمَط سجاله مع الفرسان الثلاثة من خطباء الصحوة، واثنان منهم لاحقاً صارت علاقة غازي بهما «سمناً على عسل» بعد مرور السنين، غير أن اللغة الفقهية التي استخدمها غازي في ردّه عليهم (حكم البنوك والتأمين مثلاً) كانت لغة ضعيفة، والأهمّ ليست هي مربط الفرس، في الخلاف مع هذه التيارات «السياسية» أو الخلاف حتى مع الفقهاء غير السياسيين. غازي كان يساجل من داخل أسوار الخطاب المؤسِّس للخلفية الصحوية، وهذا بنظري نقطة ضعفه، فغاية المأمول من خطابٍ مثل هذا هو «إرباك» الطرف الآخر، وليس «تقويض» أعمدة الخطاب.

رحم الله الرجل الكبير، والأديب الحصيف، والسياسي الشجاع، غازي القصيبي الذي غادر عالمنا أغسطس (آب) 2010 وهو في كامل إشراقه... ولا ننسى في مقام الشجاعة، ملحمته الأخرى، «في عين العاصفة»، مجموع مقالاته ضدّ خصوم السعودية وعملية تحرير الكويت في نفس الحقبة... لكن هذا بحثٌ آخر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القصيبي والفتنة القصيبي والفتنة



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

أحلام تتألق بإطلالة ملكية فاخرة باللون البنفسجي في حفلها بموسم جدة

جدة - المغرب اليوم

GMT 01:04 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروب "كافي توبا" الحلال يحارب بطالة السنغال

GMT 17:36 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

التراس الرجاء البيضاوي تهاجم سعيد حسبان وتصفه بالخبيث

GMT 15:44 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفيلا صديقة البيئة المكان المناسب لقضاء العطلة

GMT 09:02 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مليون زهرة شتوية تزين شوارع عنيزة في المملكة السعودية

GMT 03:18 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفيلم المغربي "عمي" خلال مهرجان "مشاهد عربية" في واشنطن

GMT 06:35 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين "أرامكو" و"غانفور" لشراء فرضة "ماسفلاكت" للنفط

GMT 19:03 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الوداد ينجّح في رفع عقوبة المنع من الفيفا

GMT 21:37 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يرتفع بدعم من ارتفاع الطلب وشح الإمدادات بأميركا

GMT 20:54 2023 الخميس ,18 أيار / مايو

البيض يتوقع الفائز بدوري أبطال أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib