توحّد غيتس وتعدّد التاريخ

توحّد غيتس... وتعدّد التاريخ

المغرب اليوم -

توحّد غيتس وتعدّد التاريخ

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

تُرى، لو استطاع العلمُ اليوم الكشفَ عن نوعية الأمراض التي أصابت بعض عظماء ومشاهير التاريخ، وأدّت إمّا إلى وفاتهم، وإما إلى معاناتهم مع هذا الداء، كيف ستبدو لنا الصورة؟

في الماضي، ورغم بعض المحاولات الجريئة للطبّ، كان المشهد الطبّي يمرّ في طور الطفولة، في فهم آليات عمل الجسم البشري، وفكرة الميكروبات وطبيعة الجراثيم والعدوى والتشريح. والأمراض العصبية والنفسية هي أكثر هذه الأمراض بُعداً عن العلم وقرباً من الخرافة.

لفتَتْني لهذه الأسئلة التصريحاتُ الشجاعة التي أدلى بها الملياردير العالمي الأميركي بيل غيتس عملاق (مايكروسوفت)، حول طبيعة المرض الذي أصابه في صغره.

في مقتطف من الكتاب، الذي نُشر في صحيفة «وول ستريت جورنال»، كتب بيل غيتس عن كيف «كافح والداه مع ابنهما المعقّد» خلال طفولته في ولاية واشنطن. وقال: «لو كنت أكبر اليوم، لربما تم تشخيصي على أنني مصابٌ بالتوحّد». ويضيف: «لم يكن لدى والديّ أي إرشادات أو كتب مدرسية لمساعدتهما على فهم سبب هوس ابنهما بمشاريع معينة، وتجاهله للإشارات الاجتماعية، وكونه وقحاً وغير لائق من دون أن يلاحظ تأثيره على الآخرين».

يخبرنا غيتس كيف قدّم له والداه «المزيج الدقيق من الدعم والضغط» الذي يحتاج إليه لتطوير مهاراته الاجتماعية. لكن كما قال غيتس: «حتى مع تأثيرهما، كان الجانب الاجتماعي لديّ بطيئاً في التطور، وكذلك إدراكي للتأثير الذي يمكن أن أخلّفه على الآخرين. لكن هذا يأتي مع التقدّم في السن، ومع الخبرة، ومع الأطفال، وأنا أفضل بسبب ذلك».

اكتشاف حالة التوحّد، ثم التعامل معه، تأخر كثيراً في المجال الاجتماعي والطبّي، فقد تمّ وصف التوحد لأول مرة من قبل ليو كانر في عام 1943.

أتذكر في هذا الصدد، كيف أن البعض أحال سبب حِدّة العالم الأندلسي الكبير، والعبقري، ابن حزم، إلى سببٍ كشف عنه هو شخصياً في حديثه عن ألمٍ يعتريه في «القولون» فيجعله متعكّر المزاج، وهو العرَض الذي شُخّص لاحقاً بالقولون العصبي، وقد كان الروائي الروسي، بل العالمي العظيم، دوستويفسكي، مُصاباً بالصرَع، وهذه الأنواع من العِلل ذات الطبيعة العصبية أو النفسية، من تخصص المشعوذين والخرافيين، وعالم المسّ والشياطين.

في حديثٍ ذي صلة، هناك أبحاثٌ عن تحديد الأمراض التي كانت سبب وفاة بعض مشاهير التاريخ العربي والإسلامي، التي لم تكن موصوفة وقتها، مثل السرطان والسكري والضغط؛ كهارون الرشيد أو معاوية أو المُعزّ الفاطمي أو محمد الفاتح، وغيرهم.

إذن، فإن كشوفات التاريخ ما زالت قائمة. ومن جديد، نقرأ عبارة «التاريخ كتابٌ مفتوح» بطريقة جديدة، كل هذا كنّا نحكي فيه عن الأمراض الجسدية والأسرار الصحية للتاريخ. لم نحكِ بعدُ عن أسرار السياسة وألاعيبها، وعلى سبيل المثال، على ذكر هارون الرشيد، السبب الحقيقي والتشخيص الفعلي لنكبة البرامكة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توحّد غيتس وتعدّد التاريخ توحّد غيتس وتعدّد التاريخ



GMT 12:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 12:23 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 12:22 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 12:21 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

GMT 12:18 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

قراءة لمسار التفاوض بين واشنطن وطهران

GMT 12:16 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:17 2025 الخميس ,10 إبريل / نيسان

آرسنال يحسم مصير كارلو أنشيلوتي مع ريال مدريد

GMT 14:25 2025 الخميس ,10 إبريل / نيسان

أتلتيكو مدريد يمدد شراكته مع نايكي حتى عام 2035

GMT 22:51 2025 الجمعة ,21 آذار/ مارس

"غوغل" تقاضي شبكة محتالين بسبب "خرائط غوغل"

GMT 18:22 2025 الخميس ,20 آذار/ مارس

"الأسود" يشدون الرحال إلى مدينة وجدة

GMT 16:24 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

الجيش الملكي يواجه بيراميدز في ربع النهائي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib