ما الذي تغير في إثيوبيا

ما الذي تغير في إثيوبيا؟

المغرب اليوم -

ما الذي تغير في إثيوبيا

بقلم - عماد الدين حسين

ما الذى حدث فجأة حتى تغير إثيوبيا لهجتها تجاه مصر، وتعلن الانخراط فى مفاوضات لا تزيد عن ٤ شهورمن أجل التوصل لاتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وتتعهد بحفظ الأمانة وعدم الإضرار بدول حوض النيل الشقيقة بل وتشيد بـ «القيادة الحكيمة للرئيس عبدالفتاح السيسى»؟.
أسئلة كثيرة يرددها غالبية المصريين، وكل المتابعين لملف سد النهضة الإثيوبى طوال أكثر من ١٢ سنة منذ أن كان مجرد فكرة عام ٢٠١١، وحتى مرحلة الملء الرابع للسد الجارية هذه الأيام.
قبل الإجابة يجدر بنا الإشارة إلى أن ملف سد النهضة شهد ما يشبه عملية التجميد فى الشهور الأخيرة، بالنظر إلى الإصرار الإثيوبى على عدم الاستجابة للمطالب المصرية المتكررة بضرورة التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم لملء وتشغيل السد بما يحافظ على حقوق مصر والسودان التاريخية، وفى نفس الوقت يتيح لإثيوبيا الشروع فى عملية تنمية لا تضر بالبلدين وشهدنا مماطلة إثيوبية ممنهجة طوال السنوات الماضية.
الموقف الإثيوبى شعر أنه اكتسب قوة دفع كبيرة خصوصا بعد الاضطرابات المتوالية فى السودان والتى وصلت إلى الحرب الفعلية المستعرة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع منذ ١٥ أبريل الماضى وحتى هذه اللحظة، الأمر الذى جعل الخرطوم تخرج عمليا من هذا الملف حتى ولو بصورة مؤقتة.
يوم الخميس الماضى تحركت مصر ومارست دورها الطبيعى وعقدت قمة لدول جوار السودان فى القاهرة للبحث عن حلول عملية توقف إطلاق النار وإراقة دماء السودانيين. الدول التى تجاور السودان هى مصر من الشمال، وليبيا من الشمال الغربى وتشاد من الغرب وجمهورية أفريقيا الوسطى من الجنوب الغربى وجنوب السودان من الجنوب وإثيوبيا من الجنوب الشرقى وأريتريا من الشرق.
شخصيا كنت أعتقد أن رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد سيعتذر عن الحضور شخصيا للقمة، ويوفد نائبه أو وزير الخارجية، منعا للحرج فى القاهرة، لكن المفاجأة أنه حضر، وعقدت قمة ثنائية بينه وبين الرئيس السيسى، جددا خلالها التأكيد على تعزيز العلاقات الثنائية فى جميع المجالات.
أما المفاجأة فى البيان الختامى للمباحثات فهى الاتفاق على الشروع فى مفاوضات عاجلة بين مصر وإثيوبيا والسودان لملء السد وقواعد تشغيله، واتفقنا على بذل جميع الجهود الضرورية للانتهاء منه خلال ٤ أشهر. وخلال فترة المفاوضات أوضحت إثيوبيا التزامها أثناء عملية الملء الحالية بعدم إلحاق ضرر ذى شأن بمصر والسودان، وبما يوفر الاحتياجات المائية للبلدين.
المفاجأة الأخرى هى قيام آبى أحمد بزيارة العاصمة الإدارية وتجوله فيها، وكان ملفتا للنظر أنه زار أيضا الكاتدرائية المرقسية والتقى ببعض القساوسة وقالت تقارير إخبارية إنه تلقى رسما أو وثيقة أو مخطوطة كنسية تقول إن نهر النيل أجراه الله لخدمة الجميع، وليس ملكا لدولة أو شعب دون آخر.
بعد كل هذه التطورات العملية والرمزية عاد آبى أحمد لبلاده بعد زيارة استمرت يومين. وكانت المفاجأة التالية هى البيان غير التقليدى الذى أصدره أحمد من أديس أبابا بعنوان: «إثيوبيا تحفظ الأمانة، ولا تنوى الأضرار بدول حوض النيل الشقيقة».
البيان مكتوب باللغة العربية وبعد مقدمة تتحدث عن أن الأمانة والوفاء بالوعود من سمات الإثيوبيين وبعد حديث غير مسبوق عن أن الله اختار إثيوبيا لحكمة ربانية لتكون منبعا لنهر النيل العظيم، وأنها ستظل تراعى هذه الأمانة وتشارك جيرانها هذه الهبة الربانية، وتؤكد أنها ستظل تشارك النهر مع مصر والسودان، ولن تلحق بالبلدين أى ضرر.
وفى الفقرة الأخيرة من البيان يشيد آبى أحمد بالقيادة الحكيمة للرئيس عبدالفتاح السيسى وجهوده فى البناء والتنمية. ويضيف البيان أن تخزين المياه فى سد النهضة سيكون مفيدا للجميع خصوصا فى فترات الجفاف الصعبة، وتعرب إثيوبيا عن التزامها بالتعاون فى المشاريع الحيوية التى تهدف لضمان المصالح المشتركة والتنمية المستدامة بحيث يكون فيها الكل رابحا.
هذا ما حدث، وهو ما لم يتوقعه جميع المراقبين لقضية سد النهضة منذ عام ٢٠٠١، وحتى يوم الخميس الماضى.
ونعود ونكرر السؤال الذى بدأنا به هذه السطور كيف يمكن تفسير ذلك. وهل هذا تغير حقيقى أما تكتيكى؟!
الإجابة فى مقال لاحق، لكن فى كل الأحوال فما حدث هو تطور إيجابى جدا على مستوى الألفاظ ينبغى الإشادة به مؤقتا، لكن العبرة الحقيقية هى فى الأفعال على أرض الواقع، خصوصا أننا تلقينا من إثيوبيا كل أنواع الوعود البراقة، لكننا لم نر منها التزاما فعليا طوال السنوات الماضية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي تغير في إثيوبيا ما الذي تغير في إثيوبيا



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib