تكساس ليست مجرد ولاية عادية

تكساس ليست مجرد ولاية عادية

المغرب اليوم -

تكساس ليست مجرد ولاية عادية

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

كيف ستنتهي المواجهة بين ولاية تكساس والحكومة الاتحادية في واشنطن؟

هل يتم حل المشكلة بهدوء، أم عبر المحاكم ووسائط الإعلام والصراعات الحزبية، أم تتفاقم وتصل إلى حد المطالبة بالانفصال عن الولايات المتحدة، بل الخشية الكبرى من صراعات دامية؟

قد يستغرب بعضهم طرح هذه الأسئلة أصلاً، ولكنها بدأت تسرب لبعض الكتابات والتعليقات.

قبل محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة يفترض بنا أولاً أن نلقي الضوء على أصل المشكلة.

حاكم تكساس الجمهوري غريغ أبوت دخل صراعاً قانونياً مع وزارة العدل الاتحادية على طريقة مواجهة المهاجرين غير الشرعيين القادمين من المكسيك، إذ أقام أسلاكاً شائكة على طول الحدود، وحواجز عائمة في نهر ريو غراندي لمنع دخولهم.

ولكن إدارة الرئيس جو بايدن عدت هذه الأساليب قاسية، ووصل الخلاف إلى المحكمة العليا التي حكمت في 22 يناير بإزالة هذه الحواجز، كلما رأت الحكومة الفيدرالية ذلك.

ولكن الحاكم أبوت تحدى المحكمة اعتماداً على مبدأ «الحق في الدفاع عن النفس» ضد المهاجرين، ودخل الصراع مرحلة خطرة حينما وقّع 25 من حكام الولايات الجمهوريين على خطاب يدعمون فيه حاكم تكساس، بل إن شخصيات جمهورية محافظة أمثال غراهام ألين وكارمين سايبا وتيرينس وليامز تحدثوا عن احتمال وجود حرب أهلية، وألقوا باللوم على سياسة بايدن.

النقطة المهمة أن تكساس ليست مجرد ولاية عادية، بل إنها لو كانت دولة مستقلة لصارت ثامن أو تاسع أغنى دولة في العالم متفوقة على دول مثل إسبانيا وروسيا والمكسيك وكوريا الجنوبية وأستراليا.

تقول العبارة الدارجة هناك «إن كل شيء أكبر في تكساس»، وترجمة ذلك رقمياً أنها ثاني أغنى ولاية أمريكية بعد كاليفورنيا، ولديها 24تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي، ما يمثل ٪9 من الناتج المحلي لأمريكا، ولديها أكبر حقل مكتشف للنفط والغاز عالمياً، وتنتج ٪43 من إنتاج النفط و٪27 من الغاز الأمريكي و٪20 من الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية.

ولذلك يطلقون عليها محطة الطاقة الكبرى في أمريكا، واقتصادها متنوع بشكل واضح من البتروكيماويات إلى الموسيقى مروراً بالتكنولوجيا والخدمات العسكرية وصناعة الفضاء. 

سكان تكساس 30 مليون نسمة، وهي ثاني أكبر ولاية من ناحية عدد السكان، وكذلك من ناحية المساحة، ولديها ثاني أكبر عدد من الأصوات الانتخابية وعدد المقاعد في الكونغرس ولديها ثاني أكبر قوة عمل مدنية على ظهر الكوكب بحجم 14 مليون شخص، ولديها بنية تحتية ممتازة، و180 كلية وجامعة.

وانتقلت إليها معظم المقار الرئيسة للشركات الكبرى، ويبلغ معدل خلق فرص العمل %4 وأعلى بكثير من المعدل الوطني البالغ %2.7 ومعدل البطالة فيها لا يزيد على %4.1.

نعود إلى السؤال الذي بدأنا به، كيف ستنتهي المواجهة بين ولاية تكساس والحكومة الاتحادية في واشنطن؟

والإجابة المنطقية تقول إن تكساس كانت جزءاً من المكسيك حتى أعلنت استقلالها في سنة 1836 وصارت جمهورية تكساس المستقلة، واعترفت بها الولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا ثم انضمت إلى الولايات المتحدة في سنة 1845 لتصبح الولاية رقم 28، ثم انفصلت عنها في سنة 1861.

وبعدها انضمت إلى «الكونفدرالية الأمريكية» في أثناء الحرب الأهلية، وأعيدت إلى الاتحاد في سنة 1870  وظلت محتفظة بما يسمى «الهوية التكساسية المتميزة».

وعلى الرغم من أن الدستور الأمريكي لا يحظر الانفصال نظرياً، فإن المحكمة العليا عدت ذلك غير قانوني في سنة 1869.

كما أن الانفصال حال حدوثه يواجه تحديات متعددة مثل صعوبة الاعتراف الدولي وإنشاء النظام الدفاعي والمالي المستقل. بعض المواقع والتقارير نسبت إلى ديمتري ميدفيديف الرئيس الروسي السابق، نائب رئيس مجلس الأمن القومي قوله في منصة «إكس» إن ولاية تكساس سوف تنفصل عن الولايات المتحدة، ما سيشعل الحرب الأهلية الأمريكية.

وإن ذلك لو حصل فإنه سوف يفتح الباب أمام انفصال ولايات أخرى، ما يقود أمريكا إلى الوقوع في فوضى مدمرة. وزارة الخارجية الأمريكية ردت يوم 27 يناير الماضي بالقول: «نحن لا نأخذ كلام ميدفيديف على محمل الجد.. هذا هراء معتاد من الكرملين»!

بالطبع من حق روسيا وكبار مسؤوليها أن يحلموا بتفكك أمريكا، ولكن طبقاً لخبراء كثيرين فإن الوقائع على الأرض لا تقود إلى تحقيق مثل هذه «الأمنيات الروسية» .

والسبب أن النظام الأمريكي الفريد عالمياً ما يزال قادراً على حل معظم مشكلاته داخلياً، ثم فإن الحديث عن انفصال تكساس أو غيرها، أو تطور الأمور إلى صراعات   أمر مستبعد تماما، على الرغم من أن ذلك لا ينفي شدة الاستقطاب بين الجمهوريين والديمقراطيين، وخصوصاً  في الانتخابات  الرئاسية المقبلة .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكساس ليست مجرد ولاية عادية تكساس ليست مجرد ولاية عادية



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib