‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

المغرب اليوم -

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

‎العدوان الإسرائيلى على مقر إقامة قادة حركة حماس فى العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء الماضى ضربة غادرة لاشك، لكنها أيضا تكشف عن أوهام عربية كبيرة، ظن البعض أنها حقائق راسخة منذ عشرات السنين.
‎بعض الحكومات العربية المرتبطة بعلاقات قوية وقديمة مع الولايات المتحدة، تعتقد أن هذه العلاقات هى صداقة دائمة وأقرب إلى العلاقة بين حبيبين، فى حين أن واشنطن تنظر إلى هذه العلاقات من باب المصالح فقط، وتضحى بكل شىء إذا تغيرت هذه المصالح، بل أحيانا فإنها تتعمد إذلال أطراف عربية، وهى واثقة أنه لن يحدث أى رد فعل  يضر بمصالحها، وأظن أن هذه المعضلة راجعة لأسباب موضوعية كثيرة، لكن هناك أيضا ثقافة وطريقة تفكير معينة أقرب إلى العواطف منها إلى العقلانية والواقعية.
‎العقل الغربى بصفة عامة والعقل الأمريكى بصفة خاصة لا يفكر فى معظم الأحيان إلا بالطريقة البرجماتية، وهو أمر ليس معيبا، فى حين أن العقل العربى يفكر فى مرات كثيرة بصورة عاطفية، تعلى من المشاعر على حساب الوقائع والمصالح الملموسة، وهى طريقة تسبب خسائر كارثية أحيانا.
‎وبسبب هذا الاختلاف الكبير فى طريقة التفكير، يمكن فهم سر الصدمة العربية واسعة النطاق بين الحكومات والشعوب العربية من العدوان الإسرائيلى على قطر، والأخطر منه التواطؤ الأمريكى المكشوف والمفضوح.
‎لنقل ما نشاء عن العدوان الإسرائيلى على المنطقة عموما، وعلى الدوحة خصوصا، وإنه ضد الشرعية الدولية وسيادة الدول، وعلينا أن نستنكره وندينه ونشجبه، لكن علينا أن نفيق كعرب ونتذكر أن هذا نهج إسرائيلى دائم، لم  يتغير أبدا، نحن فقط من اعتقدنا أنه تغير، إسرائيل ليس لديها عزيز وتنظر لكل من هو غير يهودى باعتباره من «الأغيار» بل أظن أنها لا تفرق كثيرا بين العربى المقاوم والعربى المسالم المهادن. الجميع عندها عرب ينبغى إبادتهم جميعا إذا أمكن ذلك، حتى لا يطالبها بعضهم ذات يوم بضرورة إرجاع الحقوق لأصحابها.
‎ونتذكر أن غلاة المتطرفين الإسرائيليين كانوا يكررون دائمًا أن «العربى الجيد هو العربى الميت»!!.
‎أما إذا جئنا إلى النظرة العربية الرسمية إلى الإدارة الأمريكية، فهى غارقة فى معظم الأحيان فى أوهام كثيرة، البعض يعتقد أن هذه العلاقات متكافئة فى حين أن الواقع  يقول عكس ذلك، فلا يمكن الحديث عن علاقة تكافؤ بين قوة نووية عظمى واقتصادها هو الأقوى فى العالم ودول صغيرة سكانا وموارد وقوة شاملة فى عالمنا العربى أو إفريقيا..
‎المساواة موجودة فى النظريات فقط وفى بعض المواثيق الدولية، لكن على أرض الواقع، فالأمر غير موجود تماما.
‎والبعض يعتقد أن هذه العلاقات الرسمية بين أمريكا والدول العربية هى علاقة تحالف وصداقة، وهذا أمر غير موجود أيضا، فالمعيار الأساسى للولايات المتحدة هو تحقيق المصالح الأمريكية فقط ولنا فى سياسات وقرارات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عظة وعبرة منذ عودته للبيت الأبيض، فهو لا يكترث لأى شىء، لاسيما ما يتعلق بإسرائيل.
‎رأيناه يهدد أوروبا وحلف الأطلنطى وكندا واليابان وأكرانيا والدنمارك بكل الأسلحة من أول فرض الرسوم الجمركية ورفع المساهمة فى ميزانية الناتو نهاية بمحاولة ضم كندا والجزيرة الدنماركية جرينلاند وقناة بنما.
‎وإذا كان ترامب يفعل ذلك مع أقرب الحلفاء فهل نتعجب إذا فعل ذلك مع قطر أو أى دولة عربية؟!
‎شخصيا كنت أعتقد أن ترامب لا يفهم إلا فى لغة المصالح والأوراق وكل ما هو مادى ملموس فقط، لكن بعد ضربة قطر بت متشككا فى ذلك فالرجل حصل من الدوحة قبل شهور قليلة على ما يقارب التريليون دولار طبقا لما قاله، ورغم ذلك تواطأ مع إسرائيل فى الضربة، وكان يمكنه بسهولة منعها تماما.
‎وبالتالى على بقية العرب أن يستخلصوا العبر من هذا التطور الخطير فى التفكير الأمريكى، فهل نحن مثلا بصدد عودة الاستعمار السافر المباشر، بديلا من الاستعمار الحريرى عن بعد؟
‎السؤال الجوهرى: هل هناك أسلحة فى يد الدول العربية لاستخدامها ضد هذه البلطجة الأمريكية الإسرائيلية؟!
‎الإجابة هى: نعم بلا شك، لكنها نعم مشروطة ومقيدة بمليون شرط وقيد. لم تتجرأ أمريكا وإسرائيل علينا إلا بعد أن استثمرتا فى ضعفنا وتفريقنا لعقود طويلة ربما منذ نهاية حرب أكتوبر ١٩٧٣.
‎ونحن العرب فرطنا فى العديد من الفرص والأوراق وظن معظمنا أنه قادر على النجاح بمفرده إذا تقارب وتصالح وتحالف مع العدو، ثم جاءت الضربة الإسرائيلية على الدوحة لتكشف شيئا مهما، وهى سقوط نظرية الاعتماد على الصديق الأمريكى ناهيك عن الذئب الإسرائيلى!
‎يمكن للعرب نظريا التوحد أو على الأقل التنسيق بينهم ليس من أجل وقف إبادة الشعب الفلسطينى ووقف تصفية القضية الفلسطينية، بل من أجل ضمان أمنهم الوطنى كل دولة على حدة.
هناك فرصة تاريخية أمام القادة العرب والمسلمين المجتمعين اليوم فى الدوحة وهى توجيه رسالة عملية الى واشنطن وتل أبيب وإذا فشلوا فى ذلك فالقادم أسوأ!.
‎فهل يتعلم الجميع الدرس، أم سيكررون مأساة سيزيف فى الأسطورة الإغريقية الشهيرة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة ‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib