تحليل الحروب على طريقة الأهلى والزمالك

تحليل الحروب على طريقة الأهلى والزمالك!

المغرب اليوم -

تحليل الحروب على طريقة الأهلى والزمالك

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

جانب كبير من الناس يتعاملون مع تحليل الحرب الإيرانية الإسرائيلية بنفس طريقة تعاملهم مع المباريات الكروية مثلما هو الحال فى مصر بين جمهورى الأهلى والزمالك، أو أى فريقين كبيرين متنافسين فى أى بلد.

والغريب أنه حتى فى مباريات الكرة فهناك بعض المحللين الموضوعيين، بغض النظر عن الانتماء لهذا الفريق أو ذاك.

من المفهوم جدًا أن يلجأ كل طرف إلى استخدام كل أساليب الحرب النفسية لرفع الروح المعنوية لأنصاره والتأثير فى الروح المعنوية لخصمه وعدوه بالسلب. هذا أمر طبيعى جدًا ومفهوم، لكنه يختلف تمامًا عن التضليل والتطجين وعدم الفهم والاعتقاد أن الطرف الذى يؤيده قد كسب المعركة بالفعل رغم أن المعركة فى يدايتها حتى الآن.

قد نعذر بسطاء الناس حينما يصدقون كل كلمة يسمعونها من المتحدثين الرسميين باسم الجيوش، ومعظم حديثهم عبارة عن رفع للروح المعنوية، لكن المحزن هو أن عددا كبيرا من المحللين والخبراء يتحدث عن رغباته وتمنياته بشأن مسار الحرب وليس عن موازين القوى الفعلى على الأرض، وما يملكه كل طرف من أسلحة ومعدات وقدرات بشرية واقتصادية واجتماعية، والأهم أيضا جبهة داخلية قوية واستعدادات فى كل المجالات ومنها مثلا أن يكون لديك الملاجئ، ويفضل أن تكون صاحب قضية عادلة وتأييد محلى وإقليمى ودولى، ولكن تظل عناصر القوة الصلبة أو الغاشمة هى الأساس فى حسم المعارك الحربية.


الحرب الإسرائيلية الإيرانية الراهنة تختلف عن المعارك التقليدية السابقة فى أنها حرب جوية بالأساس تدار عبر المسيَّرات والصواريخ والمقاتلات، وبالتالى رأينا محللين ينطلقون فى رؤيتهم من عدد الصواريخ والمسيَّرات بأنواعها المختلفة، وبالطبع هذا تضليل كبير، لأنه نظريًا يمكن لك أن تطلق مائة صاروخ فيذهب نصفها إلى أماكن فضاء وغير مأهولة وجزء قليل يصيب مناطق مدنية ويوقع قتلى، وجزء آخر يتم اعتراضه عبر منظومات الدفاع الجوى المختلفة. فى حين أن الطرف الثانى يطلق خمسة صواريخ فقط فتصيب أهدافًا حيوية جدًا مثل تعطيل منظومات الدفاع الجوى، وقواعد ومصائع الصواريخ والمسيَّرات.

من بين الأخطاء القاتلة فى التعامل مع الحرب الحالية أن كثيرين لا يقدِّرون الحرب الإلكترونية والذكاء الاصطناعى حق قدرها، وهى مثلا التى حسمت ضربة البداية لصالح إسرائيل، ومكنتها من اغتيال كبار قادة الجيش الإيرانى وكبار علماء برنامج إيران النووى، ورغم المبالغات الإسرائيلية المعروفة للإيحاء بأن مخابراتها جبارة ولا تقهر وتأتى بكل ما هو جديد، إلا أن الواقع يكشف بلا شك عن نجاحهم فى اختراق إيران رأسيًا وأفقيًا.

من الأخطاء التى يقع فيها بعض المحللين أيضا أنهم يتحاملون على إيران لمجرد الاختلاف معها فى الرأى، ويصدقون كل ما تعلنه إسرائيل، وهم لا يدركون مثلا أن تل أبيب تمارس تعتيمًا كبيرًا على معظم خسائرها، ولا تنشر إلا الهجمات الإيرانية التى تتسبب فى تدمير بيوت وإصابة مدنيين، وهو أمر مقصود إلى حد كبير للإيحاء بأن إيران تقصف منازل المدنيين ولا تستطيع الوصول إلى المنشآت والأهداف الإيرانية الحساسة، علما بأن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب مكتملة الأركان فى قطاع غزة ولبنان والآن فى المدن الإيرانية المختلفة حينما استهدفت مدنيين أيضا. وبما أننا نقارن بما حدث فى كرة القدم فإن بعض التحليلات فى العالمين العربى والإسلامى تتجاهل أنه يمكن لفريق أن يستحوذ على الكرة بناسبة ٩٠٪ ويضيع عشرات الفرص، لكنه يفشل فى تسجيل هدف واحد، فى حين أن الفريق المنافس يمكنه من فرصة واحدة فقط أن يحسم المباراة ويسجل الهدف الذهبى.


البعض أيضا يعتقد أن دخول ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ خوفا من الغارات الإيرانية هو دليل على هزيمة الإسرائيليين، وهو أمر غريب جدا، وكأن موت ومقتل مئات الإيرانيين أو العرب فى الهجمات الإسرائيلية أمر مشرف وبطولى، وكان المفترض أن نسأل حكوماتنا العربية والإسلامية، لماذا لم تبنوا ملاجئ لشعوبكم حتى تحافظوا على حياتهم فى حالة الحروب؟!

خطورة مثل هذا النوع من التحليلات أنها تغرق جمهور القراء والمشاهدين والمتابعين فى أوهام ضخمة. ثم يستيقظون على هزائم مريرة. فتكون الخسارة مضاعفة عشرات المرات.

وبالتالى فإن أفضل طريق أن تكون التحليلات واقعية قدر الإمكان لا تصيب الناس باليأس، لكنها فى نفس الوقت لا تغرقهم فى الأوهام السرمدية!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحليل الحروب على طريقة الأهلى والزمالك تحليل الحروب على طريقة الأهلى والزمالك



GMT 19:06 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران

GMT 19:04 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الدمار والتدمير

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الأهمّ هو بقاء النظام وليس بقاء النووي

GMT 18:50 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الصفقة الكبرى أو الحرب الكبرى

GMT 18:49 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

إيران وأحصنة طروادة

GMT 18:48 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

دول الخليج ورسائل الوسطية

GMT 18:47 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

طبقية في زمن الحرب!

GMT 18:46 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

رمسيس الثالث في الأردن (2)

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 21:53 2025 الخميس ,03 إبريل / نيسان

أداة سحرية لنسخ أي نص من شاشة جهاز ماك بسهولة

GMT 21:07 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"إنستغرام" تختبر خاصية "الريلز" المقفلة

GMT 18:58 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

القنوات المجانية الناقلة لمباراة المغرب والكوت ديفوار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib