الملتقى العربي في جدة

الملتقى العربي في جدة

المغرب اليوم -

الملتقى العربي في جدة

دكتور زاهي حواس
بقلم - دكتور زاهي حواس

تستضيف مدينة جدة السعودية أعمال الدورة العربية الإقليمية لبناء القدرات في مجال الآثار البحرية والتراث الثقافي المغمور بالمياه، التي بدأت فاعلياتها في 26 فبراير (شباط) الماضي، وتستمر حتى 9 مارس (آذار) الحالي. وذلك بالتعاون مع هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية، والمركز الإقليمي العربي للتراث العالمي بالمنامة، وكرسي اليونيسكو للتراث الثقافي المغمور بالمياه بجامعة الإسكندرية، وبمشاركة كثير من الخبراء والمتخصصين في مجال التراث من المملكة العربية السعودية ومصر والبحرين والمغرب ولبنان والجزائر وعمان والأردن وفلسطين وليبيا وتونس.
هذا التجمع الكبير، من المتخصصين أو المتدربين في مجال الحفاظ على التراث الثقافي المغمور وتوثيقه والكشف عنه، يعتبر الأول من نوعه الذي يغطي الجانب النظري، من خلال سلسلة المحاضرات والأوراق البحثية وطرح التجارب الخاصة للهيئات والمنظمات المسؤولة عن هذا الملف المهم بالدول العربية، ويغطي كذلك الجانب العملي، المتمثل في أعمال التدريب للمشاركين من المتدربين على أعمال المسح الأثري للتراث الغارق أسفل المياه ومعرفة التقنيات الحديثة المستخدمة في أعمال المسح والكشف عن التراث الغارق. ولأول مرة سيقوم المتدربون من مختلف الدول بالغوص معاً وتبادل المهارات والخبرات.
كثيراً ما طالبنا بالاهتمام بالآثار الغارقة عند سواحلنا الممتدة على طول سواحل البحرين الأحمر والمتوسط وسواحل الخليج العربي. وتقدر منظمة اليونيسكو عدد مواقع التراث الثقافي المغمور أسفل المياه بالملايين حول العالم، ومنها مواقع كثيرة عند سواحلنا العربية، التي لا يزال معظمها بكراً لم يكتشف بعد. هذا التراث لا يقبع أسفل المياه في مأمن، بل هناك كثير من المخاطر التي تهدد وجوده، منها عوامل التغير البيئي، إضافة إلى عوامل بشرية، منها زيادة النشاط الإنساني في مجال استكشاف مصادر متجددة للطاقة في المياه الإقليمية والاقتصادية للدول المطلة على البحار والمحيطات، وكذلك أنشطة الغوص والرياضات البحرية التي قد تهدد الآثار الغارقة.
ومن ذلك المنطلق، فمن الضروري أن يتم الاهتمام بدراسة الآثار الغارقة والكشف عن مواقعها وعمل خرائط مساحية تحدد تلك المواقع وتحميها حتى الوصول إلى الكشف عنها وانتشالها أو إبقائها حسب حالة تلك الآثار التي تعتبر معيناً لا يمكن تعويضه بالنسبة للدارسين والمهتمين بالآثار، وخاصة في مجال العلاقات التجارية والحربية بين الحضارات القديمة، وكذلك الأنشطة الاقتصادية البحرية للحضارات القديمة.
لقد نجحت هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية في تحقيق اكتشافات مهمة أسفل مياه البحر الأحمر بالقرب من الساحل السعودي الشرقي للبحر الأحمر. وقد أعلنت هيئة التراث سابقاً عن نجاح بعثة الآثار الغارقة، التابعة للهيئة، بقيادة غواصين سعوديين، في الكشف عن حطام سفينة غارقة في البحر الأحمر مقابل سواحل محافظة حقل، والعثور على مئات من القطع الأثرية التي كانت جزءاً من حمولة السفينة.
وسبق للبعثة السعودية الإيطالية المشتركة عام 2015 - 2016م العثور على حطام سفينة غارقة في موقع قرب مدينة أملج، يتضمن جزءاً من ألواح السفينة نفسها، مصنوعاً من خشب البلوط والصنوبر، تحوي مجموعة من الأواني الفخارية، وأكواباً من الخزف، إضافة إلى كِسَر قناني من الزجاج، وأوعية من المعدن، يعود تاريخها إلى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي. كما عثر الفريق السعودي الألماني المشترك لمسح مواقع التراث المغمور في الساحل الغربي - الذي بدأ أعماله الميدانية منذ عام 2012م حتى عام 2017م - على بقايا حطام سفينة رومانية في البحر الأحمر، التي تعد - حتى الآن - أقدم حطام لسفينة أثرية وجدت على طول الساحل السعودي، إضافة إلى حطام سفينة أخرى تعود إلى العصر الإسلامي الأول، وذلك في المنطقة الواقعة بين رابغ شمالاً حتى الشعيبة جنوباً، ما يؤكد أن سواحل المملكة غنية بهذا التراث التراكمي. الأمر الذي جعل الهيئة تضاعف جهودها في اكتشاف هذه الكنوز، مستعينة بمراكز خبرة دولية عالية المستوى.
وتأتي هذه الاكتشافات ضمن جهود هيئة التراث في حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، انطلاقاً من عضوية المملكة في اتفاقية التراث الثقافي المغمور بالمياه منذ عام 2015م، وبعد إعلان صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة التراث عن تأسيس مركز متخصص لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه بالبحر الأحمر والخليج العربي، ودعمه بالإمكانات المتطورة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملتقى العربي في جدة الملتقى العربي في جدة



GMT 13:57 2024 الإثنين ,05 آب / أغسطس

محاصر بين جدران اليأس !

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

«مسار إجبارى».. داش وعصام قادمان!!

GMT 10:52 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الفوازير و«أستيكة» التوك توك

GMT 10:49 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الأخلاقى والفنى أمامنا

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

ذكرى عودة طابا!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية

GMT 14:41 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

تصرفات عقارات دبي تربح 3.43 مليار درهم في أسبوع

GMT 16:21 2015 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الملفوف " الكرنب" لحالات السمنة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib