الدرعية الماضي الحي

الدرعية... الماضي الحي

المغرب اليوم -

الدرعية الماضي الحي

دكتور زاهي حواس
بقلم: دكتور زاهي حواس
 

على ضفاف وادي حنيفة، وعلى مسافة لا تتخطى الخمسة عشر كيلومتراً من برج المملكة الشهير بالعاصمة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، تقع مدينة الدرعية، التي شهدت قبل أكثر من قرنين ونصف من الزمان مولد الدولة السعودية الأولى. ولا تزال شوارع وأزقة ومباني المدينة العتيقة تتنفس الماضي، وتحيا في زمن ولّى أصحابه عن زماننا وعالمنا، وبقيت آثارهم قائمة كنافذة صادقة نطل منها على ماضٍ وتاريخ جدير بأن يُحفظ وأن تُخلد قصصه وحوادثه.
وتُعد الدرعية التاريخية أحد أهم وأبرز المعالم التاريخية والتراثية في المملكة، خاصة بعد تسجيلها في قائمة التراث العالمي التابعة لـ«اليونيسكو» في 31 يوليو (تموز) 2010م، إضافة إلى افتتاح عدد من المشاريع التراثية فيها.
وتمثل الدرعية رمزاً وطنياً بارزاً في تاريخ المملكة العربية السعودية؛ فقد ارتبط ذكرها بالدولة السعودية الأولى، وكانت عاصمة لها، وشكلت منعطفاً تاريخياً في الجزيرة العربية، عام 1157هـ (1744م)، فأصبحت الدرعية قاعدة الدولة ومقر الحكم والعلم، واستمرت كذلك إلى أن اختار الإمام تركي بن عبد الله، الرياض، مقراً جديداً للحكم، وذلك عام 1240هـ (1824م).
تتكون الدرعية التاريخية من عدة أحياء تراثية، أهمها حي الطريف الواقع فوق الجبل الجنوبي الغربي من الدرعية، ويحيط به سور أثري عتيق يفصله عن الأحياء الأخرى. وبالدرعية هناك حي غصيبة، أحد أكبر وأهم أحياء المدينة التاريخية، إضافة إلى حي البجيري الذي يضم مسجد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومدرسته وبيته، وحي السريحة الواقع شمالاً، حيث كانت تنتشر فيه بيوت أعيان ووجهاء الدرعية. بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الأحياء التاريخية، مثل حي الظهيرة والطرفية والعودة والبليدة. تجتمع تلك الأحياء على وحدة الطابع المعماري في عمائرها، وإن اختلفت في الحجم والأهمية، وتختلف باختلاف ما ارتبط بها من حوادث وقصص تاريخية تمنح زائر الدرعية دلالة قوية على مكانة المدينة العظيمة خلال العصور الماضية. ومن أهم آثار الدرعية التي لا يمكن حصرها: قصر سلوى، أو ما يُعرف بقصر الحكم سابقاً، الذي بناه الإمام محمد بن سعود، ويعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر الهجري، واعتبر مقراً إدارياً لحكم البلاد. وتمت إضافة كثير من العناصر المعمارية الجديدة للقصر. وإلى جانب قصر سلوى، يوجد سور الطريف الأثري، وبرج سمحة، وأبراج المغيصيبي، وبرج شديد اللوح، وسور قليقل، وحصن الرفيعة، وقصر الأمير سعد بن سعود، وقرى عمران، ومسجد سمحان، ومسجد الظهيرة، وبرج فيصل. ويُعد مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب، الذي اكتمل تجديده قبل سنوات قليلة، وصُمم على طراز المباني القديمة، أحد أهم المعالم السياحية في قلب الدرعية القديمة.
وتنتشر بالدرعية التاريخية أعمال الحفائر الأثرية المنظمة، وأعمال التطوير والترميم المستمرة والدائمة، إضافة إلى أعمال المسح والتسجيل الأثري، وذلك وفق المشروع الطموح لتطوير الدرعية ووضعها على الخريطة السياحية.
ويُعد مشروع توثيق تاريخ الدرعية أحد أضخم مشروعات التسجيل الأثري في عصرنا الحديث؛ إذ تم جمع وتصوير وتوثيق الوثائق التاريخية، سواء المملوكة لأفراد أو مؤسسات، إلى جانب الأرشيفات التاريخية من داخل المملكة وخارجها، التي بلغ عددها أكثر من ثلاثة عشر ألف وثيقة. كما شملت أعمال التوثيق إجراء كثير من المقابلات مع المعاصرين والمهتمين من أهالي الدرعية، لتوثيق ذكرياتهم والمعلومات المتوفرة عن مشاهداتهم وحياتهم بالمدينة التاريخية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدرعية الماضي الحي الدرعية الماضي الحي



GMT 13:57 2024 الإثنين ,05 آب / أغسطس

محاصر بين جدران اليأس !

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

«مسار إجبارى».. داش وعصام قادمان!!

GMT 10:52 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الفوازير و«أستيكة» التوك توك

GMT 10:49 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الأخلاقى والفنى أمامنا

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

ذكرى عودة طابا!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية

GMT 14:41 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

تصرفات عقارات دبي تربح 3.43 مليار درهم في أسبوع

GMT 16:21 2015 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الملفوف " الكرنب" لحالات السمنة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib