رمسيس الثالث في الأردن 2

رمسيس الثالث في الأردن (2)

المغرب اليوم -

رمسيس الثالث في الأردن 2

زاهي حواس
بقلم - زاهي حواس

تحدثت فى المقال السابق عن الكشف الأثرى الجديد فى جنوب المملكة الأردنية الهاشمية، والذى يؤكد على وجود نشاط مصرى أيام حكم الفرعون رمسيس الثالث (١١٨٦ – ١١٥٥ قبل الميلاد) بالمنطقة. وقد قمت بتحليل أسباب وجود نقش فرعونى يحمل الأسماء الملكية للفرعون رمسيس الثالث خارج الحدود المصرية، وربط هذا الكشف بكشف مماثل فى جزيرة تيماء بالمملكة العربية السعودية. والحقيقة أن وجود كلا الكشفين على طريق التجارة القديم الساحلى يشير إلى وجود نشاط تجارى بين دول الشرق الأدنى القديم. والحقيقة أن علاقتى بآثار المملكة الأردنية ترجع إلى أيام الدراسة بقسم الآثار اليونانية الرومانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، حيث تعرفت على العديد من الأثريين الأردنيين مثل إبراهيم الحاج، وتيسير عودة، وصالح سارى، وخلال دراستى للدكتوراه فى جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، تعرفت على اثنين من الأثريين الكبار وهما خير ياسين، ومعاوية إبراهيم. وفى الحقيقة فإن الأردن بها آلاف المواقع الأثرية المسجلة فى السجل الوطنى للتراث، وتوصف المملكة الأردنية بأنها متحف مفتوح يضم آثارًا تمتد من العصور الحجرية القديمة وحتى العصر العثمانى.

ولعل أشهر المعالم الأثرية بالأردن والتى يعرفها الكثيرون مدينة البتراء أو مدينة الأنباط المنحوتة بالكامل فى الجبال، والتى تم تسجيلها على قائمة التراث العالمى لليونسكو فى عام ١٩٨٥، وفى نفس هذا العام تم وضع أثر أردنى آخر على قائمة التراث العالمى لكنه غير معروف للكثيرين مثل البتراء! هذا الأثر هو المعروف باسم قصير عمرة أو القصر الأموى، وهو عبارة عن استراحة للصيد تعود إلى القرن الثامن الميلادى، وعلى جدرانه لوحات جدارية نادرة تعتبر مزيجًا من الفنون الإسلامية والبيزنطية. وبالإضافة إلى البتراء والقصر الأموى، هناك أم الرصاص والتى بها كنيسة القديس ستيفان من القرن الثامن الميلادى، وبها أرضيات من الفسيفساء تصور مدن مصر وفلسطين. وقد تم تسجيل أم الرصاص على قائمة التراث العالمى لليونسكو فى عام ٢٠٠٤، وفى عام ٢٠١١ نجحت المملكة الأردنية الهاشمية فى تسجيل موقع وادى الرم على قائمة التراث العالمى لليونسكو باعتباره موقع تراث طبيعى وثقافى يجمع بين المناظر الصحراوية الخلابة من أقواس حجرية شكلتها الطبيعة إلى مناظر الجبال التى تحمل كمًّا عظيمًا من النقوش الصخرية والتى تضم مشاهد طبيعية ومناظر للصيد والحيوانات؛ إضافة إلى كتابات أثرية معظمها ثمودية ونبطية. وللتذكير ففى هذا الموقع تم العثور على النقوش الهيروغليفية للفرعون رمسيس الثالث.

ولمن لا يعرف فهناك مدن أثرية كاملة لا تزال حية إلى يومنا هذا بالأردن مثل مدينة جرش الرومانية والتى يطلق عليها اسم بومبى الشرق نظرًا لحالة الحفظ الممتازة التى لا تزال جرش عليها وتشمل شارع الأعمدة كاردو، والمسارح الرومانية، وقوس هادريان، ومعبد أرتميدس. وبالإضافة إلى جرش، فهناك مدينة أم قيس الرومانية المطلة على بحيرة طبريا. هذا إلى جانب العشرات من القصور والقلاع والحصون الأثرية المنتشرة فى ربوع الأردن، وتأهله إلى أن يكون بلدًا سياحيًا من الطراز الأول. والحقيقة أن الأردن بدأ خطوات كبيرة نحو النهوض بالقطاع الأثرى والسياحى على يد الوزيرة لينا عناب، التى لا تدخر جهدًا فى النهوض بالقطاع السياحى واستفادة بلادها من الفرص السياحية التى تستحقها الأردن. والأهم هو أن الملك عبد الله بن الحسين – ملك الأردن يقوم بنفسه بالدعاية إلى آثار بلده وجذب انتباه العالم إلى المقومات الأثرية والسياحية للأردن. وأذكر أننى قابلت رئيس قناة الديسكفرى العالمية، وكان ذلك فى عام ٢٠١٠، وقد حكى لى أنه قابل الملك عبد الله الذى قال له إن الأردن لديها آثار عظيمة لا يعرف العالم عنها شيئا، لذلك قرر الملك أن يقوم بنفسه بحملة دعائية للتعريف بما تملكه الأردن من مواقع أثرية، ومنها أنه قام بتسجيل حلقتين برسم الجولة الملكية وتجول خلاله بالدراجات النارية وعربات الدفع الرباعى. وحسب التقارير الرسمية فإن المملكة الأردنية الهاشمية استطاعت أن تحقق قفزة سياحية فى الشهور الأربعة الأولى من عام ٢٠٢٥ بمقدار ١٩٪ زيادة فى أعداد الزائرين الذى تعدى مليونى سائح يؤثرون بشكل واضح فى زيادة الناتج المحلى وخلق فرص عمل جديدة.

والحقيقة أن الأردن بالفعل استطاع تحقيق المعادلة الصعبة فى السياحة، وهى أن تكون جغرافيًا موجودة فى أسخن بقعة على خريطة الشرق الأوسط بأحداثه المريرة التى نعيشها يوميًا، ومع ذلك تحافظ على أمن وأمان البلاد وزائريه للاستمتاع بسحر الشرق القديم، وزيارة المعالم الأثرية. تمتلك الأردن استراتيجية متكاملة للنهوض بالقطاع السياحى والوصول إلى تحويل البلد إلى وجهة سياحية مستدامة بحلول عام ٢٠٢٨. إن التجربة الأردنية للنهوض بالسياحة تعتبر من التجارب الحديثة الرائدة التى استطاعت توظيف التقنيات الحديثة وأهمها تقنيات الذكاء الاصطناعى، وتطبيقات الحوكمة والتحول الرقمى لبناء استراتيجية المملكة الأردنية الهاشمية للنهوض بالسياحة بمختلف قطاعاتها التى استطاعت توظيف طاقاتها عبر مؤسساتها المختلفة لإحداث الفارق الذى تحدثنا عنه فى هذا المقال، وللحديث بقية إن شاء الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمسيس الثالث في الأردن 2 رمسيس الثالث في الأردن 2



GMT 16:11 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 16:07 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 16:06 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الحالة الكروية

GMT 16:03 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 16:00 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 15:58 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 15:55 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:10 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:17 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

"تارا عماد" تخوض تجربة الغناء لأول مرة دراميا
المغرب اليوم -

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 13:03 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 26-9-2020

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:35 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

المغرب الفاسي ينتصر وديًا على وداد صفرو

GMT 08:22 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

النفط يتدفق مجددًا بخط مأرب في اليمن

GMT 14:32 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

البولندية سواتيك تبلغ نهائي بطولة فرنسا المفتوحة للتنس

GMT 12:34 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوداد يحاصر مدرب الفريق بالأسئلة بعد صدمة الديربي

GMT 06:31 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هذه توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأحد

GMT 09:09 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

سيدة تعثر على عظام بشرية داخل جوارب متجر شهير في بريطانيا

GMT 08:30 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

7 لاعبين يغيبون عن أولمبيك خريبكة أمام مولودية وجدة

GMT 11:35 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

الجزائر تطلق بوابة إلكترونية للترويج للسياحة

GMT 23:21 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

"جورجيا" وجهة سياحية مثالية للاستمتاع بالثلوج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib