أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي؟

المغرب اليوم -

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي

سام منسي
بقلم : سام منسي

أول ما يتبادر إلى الذهن عقب الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قادة حركة «حماس» في الدوحة، يوم الثلاثاء الفائت، هو: أين هي أميركا؟ فمهما بلغت أدوار الدول الأخرى، ومنها روسيا والصين، فستبقى الولايات المتحدة وحدها القادرة على فرض حدود وضبط إيقاع الأحداث ضمن سقوف معقولة. صحيح أن ما يجري في غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وحتى اليوم كسر بوحشيته وقسوته كل الحدود والضوابط إنسانياً وأخلاقياً وحتى سياسياً. أميركا الموصوفة بضابط الكل، أضحت اليوم مضطربة، متناقضة، فاقدة البوصلة وغير مهابة، لدرجة أنه لم يتضح بعد إذا كانت على علم بالعملية أم أنها فُرضت عليها، وكلا الاحتمالين سيئ.

هناك من يقول إن السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، وبخاصة بعد طوفان الأقصى وما تلاه، لم تتغير، وهذا غير صحيح؛ فرغم كل الانحياز لإسرائيل في عهد إدارة جو بايدن والدعم السخي الذي قدمته لها، فقد كان من جهة لحماية أمنها في ظروف إقليمية مستجدة؛ ما أدى لتهاوي «حماس» و«حزب الله» وخروج إيران من سوريا. ومن جهة ثانية، كانت الإدارة السابقة تعمل ضمن مسار يسعى لحل دائم يقوم على دولة فلسطينية غير مسلحة إلى جانب إسرائيل. أين نحن اليوم من ذلك؟

الضربة الأخيرة جاءت بعد مقترح الرئيس دونالد ترمب «الكل مقابل الكل»، الذي يقضي بإفراج الحركة عن جميع الرهائن مقابل إطلاق عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، بما يؤدي إلى وقف إطلاق نار 60 يوماً ومفاوضات لاحقة للتوصل إلى اتفاق دائم لإنهاء الحرب، غير أن بنيامين نتنياهو نسف المقترح، وضرب برغبة حليفه ومصدر قوته عُرض الحائط، ماضياً في حرب دون أفق سياسي معلَن، ساعياً إلى التوسع والضم وسجن أو تهجير الفلسطينيين في الضفة وتدمير غزة.

اليوم، تسعى واشنطن إلى احتواء الأضرار التي طالت علاقتها مع قطر، وإلى إعادة تأكيد أهمية شراكاتها مع الدول الخليجية. وعلى نطاق أوسع، أثارت الضربة تساؤلات جدية من قطر ومن شركاء إسرائيل العرب في المعاهدات، وعززت الانطباع بأن الحكومة الإسرائيلية تتبنَّى نهجاً متهوراً واستفزازياً يهدد أمنها القومي ومستقبلها في المنطقة.

لم يلتفت نتنياهو إلى ما قد يترتَّب على العلاقات الدفاعية الأميركية - القطرية بعد تساؤلات الدوحة بشأن جدوى الشراكة مع الولايات المتحدة، لا سيما إذا كانت واشنطن فعلاً على علم مسبق بالضربة. لا شك أن هذه العملية ستقوِّض ثقة الدوحة بعلاقتها مع أميركا وبدورها كوسيط أساسي، خصوصاً أنها جاءت في خضم مفاوضات لوقف إطلاق النار برعاية أميركية.

وأثارت الضربة غضباً خليجياً وعالمياً واسعاً، وتجاهلت نتائج زيارة ترمب إلى الخليج في مايو (أيار) 2025 وما أفضت إليه من نجاحات.

إن الاعتداء على الدوحة يتجاوز «حماس» وغزة ليطول المنطقة برمتها، خصوصاً إذا استمرت هستيريا نتنياهو وحكومته، وأمعنت إسرائيل في سياساتها المتهورة التي قد تمتد آثارها إلى مصر والأردن ودول الخليج عامة. لم تغب رعونة الممارسات الإسرائيلية عن لبنان وسوريا؛ ففي سوريا، تؤدي التدخلات العسكرية والسياسية إلى تقويض مبادرات الحكم الجديد الساعية إلى إرساء السلام، بينما تمنح «حزب الله» في لبنان الذريعة تلو الأخرى للتمسك بسلاحه ورفض الالتزام بالقرار الرسمي القاضي بحصر السلاح بيد الدولة.

سياسات إسرائيل مقرونة بأداء إدارة ترمب غير الحاسم والمنحاز في النهاية إلى جانب نتنياهو، تؤدي حتماً إلى تآكل كل ما اعتبرته إسرائيل «نجاحات» الحرب بين 7 أكتوبر 2023 و27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 تاريخ وقف النار مع «حزب الله»، التي كان يعول عليها بعد تقويض وكلاء طهران واقتلاع نظام الأسد وإخراج إيران من سوريا، لتفتح طريق السلام والاستقرار والتعاون بين دول المنطقة. إن استمرار هذا النهج سيعيد عقارب الساعة إلى 6 أكتوبر 2023، إذ إن الاضطراب في سوريا والمراوحة في لبنان مدخلان مشرّعان للعودة إلى الوراء، فما بالنا إذا توترت العلاقات مع دول الخليج أيضاً؟

يبدو الانحدار حتميًّا ما لم يطرأ تحوّل جذري وملموس في الدبلوماسية الأميركية تجاه المنطقة، يبدأ بكبح جماح نتنياهو، وهو أمر يرتبط بشخص ترمب في ظل غياب دبلوماسية أميركية متواصلة وفاعلة، بعد أن تركزت صناعة القرار في البيت الأبيض بدل وزارة الخارجية. يستدعي ذلك تنبيه الإدارة الأميركية إلى الأهمية المتزايدة للخليج، الذي تحوّل إلى الوجهة الأساسية للدبلوماسية الأميركية من دون أن يعني ذلك التفريط في مصر والأردن. إن إهمال المشرق قد يفاقم الأزمات فيه، ويزعزع استقرار المنطقة بأكملها، في حين أن تعزيز التعاون مع الشركاء فيه يخدم أهداف واشنطن في كبح التدخلات، وتوسيع نطاق اتفاقات أبراهام، والمساهمة في إعادة إعمار غزة، وصولاً إلى إحياء حل الدولتين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 07:55 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة
المغرب اليوم - إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib