من زمن السيوف إلى زمن الحروف
الخطوط الجوية التركية تعلن عن إستئناف رحلاتها المباشرة بين إسطنبول والسليمانية اعتباراً من 2 نوفمبر 2025 مفاوضات سرية تجرى بين إسرائيل وحركة حماس لتمرير ممر آمن لمقاتلي حماس مقابل جثة الجندي هدار غولدين وزارة الصحة الفلسطينية تعلن إرتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 68875 شهيداً كتائب القسام تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي في الشجاعية وتتهم إسرائيل باستهداف مواقع استخراج الجثث بعد مراقبتها نتنياهو يهدد مقاتلي حماس في الأنفاق بين الاستسلام أو الموت وسط نقاشات إسرائيلية حول صفقات تبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر من قوات الرضوان التابعة لحزب الله انفجار ضخم جنوب قطاع غزة ناتج عن نسف مربعات سكنية بمدينة رفح غزة تتسلم 15 جثماناً فلسطينياً في إطار صفقة تبادل الجثامين أردوغان يعلن دخول تركيا مرحلة جديدة في جهود إنهاء عنف حزب العمال الكردستاني ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار كالمايغي في الفلبين إلى 66 قتيلًا على الأقل
أخر الأخبار

من زمن السيوف إلى زمن الحروف

المغرب اليوم -

من زمن السيوف إلى زمن الحروف

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

سنة 1440م اخترع يوهان غوتنبرغ آلة الطباعة في ألمانيا. مباشرةً أصدر السلطان العثماني بايزيد الثاني فرماناً يحرّم فيه على المسلمين استخدام المطبعة في كامل الإمبراطورية العثمانية، مبرراً المنع بالخوف من استخدام هذا الاختراع النصراني، في تزوير النصوص الدينية الإسلامية المقدسة. نشط رجال الدين والخطَّاطون والنسَّاخ في دعم الفرمان السلطاني، وهناك عامل آخر كرَّس عداء الباب العالي للاختراع الجديد، وهو الخوف من انتشار المعلومات، ووصولها إلى العامة في أرجاء الإمبراطورية الواسعة.

القرن الخامس عشر كان بداية ارتفاع فنارات التعليم والتنوير في أوروبا. بدأت المواجهة بين رجال العلم والفلسفة، ورجال الدين المسيحي تتحرك بسرعة وبقوة، لمصلحة الأولين وتراجعت سطوة الكنيسة وهيمنتها على العلم والفكر والثقافة والتعليم. بدأت المدارس النظامية والجامعات تنتشر في أوروبا، وتراجعت الأمية، وتنقل المفكرون والأساتذة بين الجامعات الأوروبية، واتسع نشاط الترجمة في جميع المجالات الفكرية والعلمية، واتسعت كتابة الكتب ونشرها في القارة الأوروبية. المطبعة كانت آلة تأسيس الزمن الأوروبي الجديد، بضوئه الذي أشعل الأنوار، وحوَّل المعرفة وجبة يومية للعقل. سنة 1517م أطلق القس الألماني مارتن لوثر ثورته ضد كنيسة الفاتيكان، وترجم الإنجيل إلى اللغة الألمانية. كانت آلة الطباعة سلاحه السحري، الذي قصف به أركان الاستبداد الديني الذي باع صكوك الغفران للفقراء الأميين. لم تعد النصوص الدينية المكتوبة باللغة اللاتينية الطلاسم المقدسة التي يغمض البسطاء في حضرتها عيونهم، ويغلقون عقولهم. مثَّلت حركة مارتن لوثر الاحتجاجية الاندفاعة الأوروبية الثانية، بعد حركة النهضة التي قادتها أسرة آل ميدتشي في فلورنسا الإيطالية.

آلة الطباعة كانت المفتاح العلمي، الذي شرَّع باب العصر الإنساني الجديد. تحرك كل شيء في أوروبا، العقول والحواس وطاقات الناس. صارت الدنيا غير الدنيا بمن فيها وما فيها.

في حين استمر تحريم آلة الطباعة في جميع أنحاء الإمبراطورية العثمانية إلى سنة 1725م، حين سُمح باستخدامها في طباعة الكتب الدينية المسيحية واليهودية فقط. على مدى قرون ثلاثة، حُرم المسلمون بمن فيهم العرب من رؤية ضوء الزمن الجديد، الذي أشعلته المطبعة. كانت الإمبراطورية العثمانية، حتى القرن الخامس عشر، القوة العسكرية العالمية الضاربة التي لا تقهر. قوة عسكرية بها مئات الآلاف من المقاتلين الأشداء، ضمت إنكشارية من مختلف الأعراق. البلقانيون والألبان والعرب والأتراك، يستخدمون البنادق والمدافع والخيالة السباهية والمشاة.

سنة كانت المواجهة الفاصلة الحاسمة بين عصرين، عصر السيوف وعصر الحروف. معركة زنتا الكبرى في صربيا سنة 1697م، حيث اصطدم عصران، أحدهما قادم وآخر يغادر. لم تكن الموقعة التاريخية مجرد حرب بين قوتين، بل كانت مخاضاً نارياً عنيفاً في أحشاء زمن يتخلق فيه زمن جديد. معركة شكَّلت بداية تهاوي الإمبراطورية العثمانية عسكرياً وسياسياً وحضارياً. في نهاية القرن السابع عشر، كانت أوروبا تشهد تحولاً عميقاً، لم يقتصر على المجال السياسي والعسكري فحسب، بل شمل العلم والفكر والفلسفة والاقتصاد والبناء المجتمعي. أعادت أوروبا بناء كل شيء على أسس عقلانية، أنتجتها أفكار عصر التنوير المبكر. في حين ظلّت الإمبراطورية العثمانية، حبيسة قفص الموروث التقليدي، وفقدت فاعليتها في الداخل والخارج.

منذ بداية النصف الثاني من القرن السابع عشر، بدأت أعراض الوهن والترهل، تبرز على كامل جسد الإمبراطورية العثمانية. وبدأت تفقد تدريجياً سيطرتها على أطرافها الأوروبية، وانخفضت قدرات الجيش الإنكشاري الذي كان يوماً رمز الرعب في القارة الأوروبية. عمَّ الفساد مفاصل الإمبراطورية، وتحولت المؤسسات حلباتِ صراعٍ على المصالح بين النخب الفاسدة، وتفشت الرشى والمحسوبية، وتحكمت القرابة في سلم الوظائف. في الجهة المقابلة، كانت أوروبا تشهد صعوداً شاملاً بسرعة، شكَّلت قوتها الجديدة بعقل جديد. بدأت أسرة آل الهابسبرغ في النمسا تجني ثمار العصر الأوروبي الحديث. تنظيم عسكري حديث صارم، وإدارة بيروقراطية فاعلة منضبطة، ساعد كل ذلك على بناء تحالف عسكري أوروبي فاعل. الهدف الأوروبي الاستراتيجي، هو تحرير أوروبا من الوجود العثماني.

كانت الدولة العثمانية تتصرف كأنها لا تزال في كامل قوتها العسكرية، ولم تدرك حجم التطور الذي شهدته أوروبا. ففي الوقت الذي كانت فيه المدفعية الأوروبية، تدار بأنظمة دقيقة، مع مناورات يجرى التخطيط التفصيلي لها. في معركة زنتا بين الجيش العثماني والجيش النمساوي، كان السلطان مصطفى الثاني يقود الجيش العثماني المكون من ثمانين ألف مقاتل، والأمير أوجين يقود الجيش النمساوي المكون من ثلاثين ألفاً. جيش عثماني عرمرم بعقل وسلاح أكله الصدأ، يقابله جيش محدود العدد يقاتل بعقل وعلم وتخطيط وليد الحداثة. كانت معركة بين زمنين، هُزم الجيش العثماني وقتل وأُسر وغرق وهرب منه الآلاف.

لقد دفع عقل التحريم الثمن وهو الهزيمة. عندما أصدر السلطان بايزيد الثاني فرمان تحريم استعمال المطبعة، حرم شعب بكامله من الدخول إلى زمن جديد لم تشهده الدنيا من قبل. المطبعة جعلت من الحروف سرباً للعقول الزاجلة، التي تتحرك في فضاءات عالمية مستطرقة، تهب نور العلم والفكر لكل الإنسانية. معركة زنتا كانت الخط الذي فصل بين عصرين، عصر صدئت فيه السيوف، وتوهجت فيه الحروف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من زمن السيوف إلى زمن الحروف من زمن السيوف إلى زمن الحروف



GMT 22:41 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سمير زيتوني هو الأساس

GMT 22:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عن الجثث والمتاحف وبعض أحوالنا...

GMT 22:34 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... اغتيال إنسانية الإنسان

GMT 22:32 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

غزة... القوة الأممية والسيناريوهات الإسرائيلية

GMT 22:30 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النائب الصحفى

GMT 22:27 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بند أول فى الشارقة

GMT 22:25 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الوطنية هي الحل!

GMT 20:45 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

خناقات (النخبة)!!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 23:49 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"صراع" أندية إسبانية على نجم الرجاء السابق

GMT 06:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيضانات تجبر 2000 شخص على إخلاء منازلهم في الأرجنتين

GMT 22:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المكسرات تقلل خطر الموت المبكر من سرطان القولون

GMT 15:01 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

خط كهرباء يصعق 7 أفيال برية في غابة شرق الهند

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

5 صيحات جمالية عليك تجربتها من أسبوع نيويورك للموضة

GMT 13:04 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

أمير كرارة يعتزم تقديم جزء جديد من مسلسل "كلبش"

GMT 07:38 2018 السبت ,12 أيار / مايو

مجوهرات شانيل لإطلالة جذابة في ربيع 2018

GMT 05:18 2016 السبت ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طرق تحسين إضاءة المنزل بعد انقضاء الشتاء وحلول الخريف

GMT 18:56 2013 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

مطعم أردني يقدم الأكلات التراثية في جو عائلي حميم

GMT 09:23 2013 الجمعة ,15 شباط / فبراير

جسور لندن تأخذ المارة من الماضي إلى الحاضر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib