«الديمقراطية» التي يحلبون سرابها
إعصار كالمايجي يودي بحياة أكثر من 116 شخصا ويعد الأشد في الفلبين هذا العام زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب شمال جزيرة سولاويسي في إندونيسيا الخطوط الجوية التركية تعلن عن إستئناف رحلاتها المباشرة بين إسطنبول والسليمانية اعتباراً من 2 نوفمبر 2025 مفاوضات سرية تجرى بين إسرائيل وحركة حماس لتمرير ممر آمن لمقاتلي حماس مقابل جثة الجندي هدار غولدين وزارة الصحة الفلسطينية تعلن إرتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 68875 شهيداً كتائب القسام تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي في الشجاعية وتتهم إسرائيل باستهداف مواقع استخراج الجثث بعد مراقبتها نتنياهو يهدد مقاتلي حماس في الأنفاق بين الاستسلام أو الموت وسط نقاشات إسرائيلية حول صفقات تبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر من قوات الرضوان التابعة لحزب الله انفجار ضخم جنوب قطاع غزة ناتج عن نسف مربعات سكنية بمدينة رفح غزة تتسلم 15 جثماناً فلسطينياً في إطار صفقة تبادل الجثامين
أخر الأخبار

«الديمقراطية» التي يحلبون سرابها

المغرب اليوم -

«الديمقراطية» التي يحلبون سرابها

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

الكلمات تتزاحمُ في الأفواه، وفي سطور الصحف والكتب، وعلى شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي. كلمات تسكنها مفاهيم سائلة قد تَلَذُّ للقائلين وبعض السامعين والقارئين.

في سنوات الاحتلال التي كانت فيه بعض البلدان العربية، تحت ثقل الاستعمار، كانت كلمة «الاستقلال»، عاصفةً نارية تندفع عاليةً من أفواه رجال الوطن، ويصفّق لها الكبارُ والصغار. في مطلع العقد الخامس من القرن الماضي، وبعد حصول بلدان كثيرة على الاستقلال، حطَّ مصطلح آخر بين من عُرفوا بالنخب، وهي «القومية العربية»، وأنجبت شعاراً احتفالياً، هو الوحدة العربية.

«الراديو» الصندوق السحري الكبير، حلَّ ضيفاً فخماً ومنبراً زعاميّاً. «صوت العرب» الإذاعة التي تبث من القاهرة، رسمت خريطة الحلم، وطرَّزتها بالأماني الطامحة، على أنغام الأناشيد والهتافات والخطابات والتصفيق، وارتفعت صرخة الثورة. بعد انكسارات في الحروب، وضربات فشل الوحدة، رانَ الغبار على الألسنة، التي نبت فيها شَعرٌ شوكي. شهد العالم تغيرات هائلة، في العلوم والتقنية والفكر وأنماط الحياة. نهضت أمم وتخلَّفت أخرى.

«التنمية» كلمة دلفت إلى دنيا بلدان عربية، وتحركت العقول ترسم خرائط الزمن الجديد، وبدأ عصر جديد يرسم حدوداً بين الواقعية التي تبني دعائم للنهوض والتقدم، وبين التائهين في أدغال الشعارات والأناشيد والغناء للزعماء.

الكلمات التي تصنع قوتها، في معمعة قاموس الحياة الحي، يبدعها التطور الإنساني المتحرك. «العولمة» كلمة كثيفة مشحونة بقوة حقائق فاعلة، في كل الدنيا بما فيها من اقتصاد وحركة وثقافة، واشتباك إنساني تفاعلي لا تحدُّه حدودٌ، في كيانٍ عالميّ متداخلٍ، في سوق مفتوحةٍ بين كل دول العالم. في دنيا العربِ سرت تعبئةٌ كلاميةٌ بالأصوات والحروف، تصرخُ بشعارات حمراءَ تحذّر من مؤامرةٍ كونية على الهُويَّة العربية. «العَلمانية» الكلمة الجمرة التي عاش فلاسفةٌ ومفكرون ومثقفون وكتابٌ وصحافيون عرب، يتنفّسون دخانَها ويشهقون ببخورِ حروفها. وضعها أغلبُهم في إناءٍ صغير، يمخضون فيه عبارةَ، «فصل الدين عن الدولة». هكذا بكلّ تبسيط، وكأنَّه طفح خيال عابر. «الديمقراطية» الكلمة التي نمت بذرتُها في تربة زمنٍ إغريقي سحيق. حضرت غصون أشجارها في معامل عقول بعض الأمم، لكنَّ ظلَّها غاب عن أخرى. الديمقراطية نظامُ إدارةٍ لتجمع بشري يعيش في مكان واحد، يشارك فيه كلُّ الشَّعب في القرار الوطني. وُلدت الكلمة في أوروبا وعاشت في عقول فلاسفتها ومفكريها، وإن غابت عن واقع الحياة.

حروب دامية وصراع بين الكنيسة والعلم، وحراك اقتصادي عابر للكيانات، استمر قروناً طويلة. الإصلاح الديني الذي بلغ ذروته على يد مارتن لوثر في مطلع القرن السادس عشر، كانَ الضربة التي هزَّت الزَّمنَ المسيحيَّ المغلق. كان رجال الدين يضربون بعصا المقدس الظلامي، نتج الفكر والعلم. سجنوا العلماءَ وحرَّقوهم. كلُّ من قال بدوران الأرض، كُفّر أو أُحرق. كوبر نيكوس وغاليليو وغردانو برونو وغيرهم. كان الصدام دامياً، ودفع المفكرون والعلماء ثمناً باهظاً. تفجَّرت قوة العقل، واندفع رتل الفلاسفة عبر القارة الأوروبية. لم تغب الحروب الطويلة بين الأمم الأوروبية، بدوافعَ مذهبيةٍ مسيحية، وطموحاتِ التوسع الجغرافي، وكتبت العقول على أثرها اتفاقية وستفاليا سنة 1648، التي أسست لفكرة الدولة الوطنية.

نظرية العقد الاجتماعي للفيلسوف جان جاك روسو، كانت نقلة البداية الكبيرة لتكوين مجتمعات جديدة، عبر الاتفاق بين الشعب وحكامه على ما لهم من حقوق، والطريقة التي يتم بها حكمهم، وإقامة سلطة تقوم على التراضي، وتضمن حقوق الجميع، وتعاقب من يعتدي على هذه الحقوق. انتشر التعليم وبدأت حقبة التنوير، وانطلق زمن الصناعة والتقدم. الديمقراطية مولود أوروبي جاء بعد قرون طويلة من الحمل والمخاض العنيف. هناك بيننا اليوم من يعتقد أنَّ نظام الحكم الذي تبنته بعض الدول الأوروبية، يمكن استنساخه أو استيراده، بهتاف أو لغو حالم. التعددية الحزبية هي نتاج ثقافي شامل، نبت في أرض سقاها العقل الحر، وكان ثمرها السلم الاجتماعي القائم على إدارة الاختلاف، والتداول السلمي على السلطة. أمامنا تجاربُ حيَّةٌ ناطقة بنجاحات وفشل. الهند كانت لؤلؤةَ تاج الإمبراطورية البريطانية. بعد الاستقلال تبنَّت التعددية الحزبية، والنّظامَ البرلماني. انفصلت عنها باكستان وأسست دولةً إسلامية، وتبنَّت النّظامَ البرلماني. شهدت انقلاباتٍ عسكرية عدَّة، وانتهى الأمر بانفصال لبنغلاديش، في حين لم تشهد الهند انقلاباً عسكرياً واحداً، رغم تعدّد الأعراق والأديان. في الولايات المتحدة، يتداول فيها حزبان على السلطة، وكذلك الحال في بريطانيا. المساواة في المواطنة وسيادة القانون وحرية الفكر والرأي، تلك هي أعمدة النظام الديمقراطي التعددي.

شعوب تواجه تحدياتها بالدعاء، والهروب إلى غبار الماضي السحيق، وتتغنَّى بتاريخ قبائلها، وعظمة أجدادها ولم تتعلَّم إدارة الاختلاف، تفصلها قرون عن الديمقراطية التعددية بنمطها الغربي. الصين الشعبية، لم تستورد ذاك النمط، وبعد سنين من هيمنة قفزات ماو تسي تونغ العنيفة المغامرة، عادت إلى موروث كونفشيوس الحكيم، وحققت قفزة اقتصادية أسطورية، تحت سلطة حزب واحد

الجذور الثقافية الراسخة the grass roots لا يمكن تجاوزها برعشات الأوهام والأحلام. قراءة مجلدات الزمن الضخمة، ومفاعيلها في عقول الأمم، تضيء الطريق أمام الشعوب، أما مضغ مصطلحات رغبوية، فقد يكون متعة للجالسين في المقاهي والصالونات، التي يرتادها الحالمون المتوهمون أنَّهم الفقاعة النخبوية المحتكرة للحكمة. هؤلاء هم من يحلب السراب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الديمقراطية» التي يحلبون سرابها «الديمقراطية» التي يحلبون سرابها



GMT 22:43 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

العمدة

GMT 22:41 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سمير زيتوني هو الأساس

GMT 22:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عن الجثث والمتاحف وبعض أحوالنا...

GMT 22:34 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... اغتيال إنسانية الإنسان

GMT 22:32 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

غزة... القوة الأممية والسيناريوهات الإسرائيلية

GMT 22:30 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النائب الصحفى

GMT 22:27 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بند أول فى الشارقة

GMT 22:25 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الوطنية هي الحل!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:43 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي
المغرب اليوم - حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي

GMT 00:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا
المغرب اليوم - أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك
المغرب اليوم - راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك

GMT 23:49 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"صراع" أندية إسبانية على نجم الرجاء السابق

GMT 06:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيضانات تجبر 2000 شخص على إخلاء منازلهم في الأرجنتين

GMT 22:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المكسرات تقلل خطر الموت المبكر من سرطان القولون

GMT 15:01 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

خط كهرباء يصعق 7 أفيال برية في غابة شرق الهند

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

5 صيحات جمالية عليك تجربتها من أسبوع نيويورك للموضة

GMT 13:04 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

أمير كرارة يعتزم تقديم جزء جديد من مسلسل "كلبش"

GMT 07:38 2018 السبت ,12 أيار / مايو

مجوهرات شانيل لإطلالة جذابة في ربيع 2018

GMT 05:18 2016 السبت ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طرق تحسين إضاءة المنزل بعد انقضاء الشتاء وحلول الخريف

GMT 18:56 2013 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

مطعم أردني يقدم الأكلات التراثية في جو عائلي حميم

GMT 09:23 2013 الجمعة ,15 شباط / فبراير

جسور لندن تأخذ المارة من الماضي إلى الحاضر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib