بول بوت جنون الإبادة الذي لا يغيب
إعصار كالمايجي يودي بحياة أكثر من 116 شخصا ويعد الأشد في الفلبين هذا العام زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب شمال جزيرة سولاويسي في إندونيسيا الخطوط الجوية التركية تعلن عن إستئناف رحلاتها المباشرة بين إسطنبول والسليمانية اعتباراً من 2 نوفمبر 2025 مفاوضات سرية تجرى بين إسرائيل وحركة حماس لتمرير ممر آمن لمقاتلي حماس مقابل جثة الجندي هدار غولدين وزارة الصحة الفلسطينية تعلن إرتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 68875 شهيداً كتائب القسام تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي في الشجاعية وتتهم إسرائيل باستهداف مواقع استخراج الجثث بعد مراقبتها نتنياهو يهدد مقاتلي حماس في الأنفاق بين الاستسلام أو الموت وسط نقاشات إسرائيلية حول صفقات تبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر من قوات الرضوان التابعة لحزب الله انفجار ضخم جنوب قطاع غزة ناتج عن نسف مربعات سكنية بمدينة رفح غزة تتسلم 15 جثماناً فلسطينياً في إطار صفقة تبادل الجثامين
أخر الأخبار

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

المغرب اليوم -

بول بوت جنون الإبادة الذي لا يغيب

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

كان اسمه سالوت، قبل أن يقبض على رقبة شعب بلاد اسمها كمبوديا، ويمنح نفسه اسماً جديداً، هو بول بوت. شهد العالم قبله وبعده طغاة ولغوا في دماء البشر، لكن بول بوت كان وسيبقى، المبدع الأكبر لصناعة الجحيم الأرضي الرهيب. كُتب عنه الكثير بمختلف اللغات، وما زال حاضراً في الضمير والذاكرة الإنسانية. قائمة الطغاة التي ستبقى مرسومة على جدارية التاريخ، لا ينالها غبار الزمان، ولكن زعيم «الخمير الحمر» الكمبودي، بول بوت هو الاسم الصاعق الذي لا يغادر رأس القائمة. وصفه أحد الكتاب بالمعلّم الأكبر في مدرسة جنون الدم، وكل من سبقه أو لحقه من الطغاة، ليسوا سوى طلبة صغار في مدرسته التي لن تقفل. من الإمبراطور الروماني نيرون إلى هتلر، وستالين، وموسوليني، وتشاوسيسكو، وعيدي أمين وبوكاسا، وغيرهم من الطغاة الدمويين، يمكن وصفهم جميعاً بالتلاميذ الصغار في مدرسته. الطاغية شخصية كانت منذ القدم مادة لدراسات واسعة وعميقة من الفلاسفة والمفكرين وعلماء النفس. تشوه وخلل نفسي يبدآن مبكراً في تكوين كل طاغية. العنف العائلي والفقر والفشل والخوف والاحتقار، كل ذلك يزرع بذور كراهية الآخرين؛ فكل إنسان يعدّه ذلك الشخص مشروع عدو له، وتكبر في داخله مع الزمن شحنة العنف والانتقام من الجميع.

بول بوت الذي قتل ثلث شعبه، أبدع في صناعة الموت أساليب غير مسبوقة. الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي تمر بها الأوطان، تشكل المخاض الخاص الذي يلد الطاغية.

في الحالة الكمبودية، كانت المنطقة الآسيوية تعيش حقبة اضطراب ساخن. استعمار فرنسي وحروب أهلية وإقليمية ودولية. كمبوديا كانت تحت الاحتلال الفرنسي وبها أسرة سيهانوك الملكية. وجلس على عرشها الشاب المتعلم الفنان الممثل نوردوم سيهانوك. اشتعلت الحروب في كوريا وفيتنام، وبرزت أحزاب لعبت أدواراً مختلفة، وكان للأحزاب الشيوعية وجود في بعض البلدان.

الاختلافات الآيديولوجية والسياسية بين الاتحاد السوفياتي والصين الشعبية فعلت فعلها في الأحزاب الشيوعية في المنطقة. الحرب الباردة بين القوتين الكبريين في العالم كان لها صدى قوي وفاعل. الحرب الأميركية في فيتنام المنقسمة، وكوريا التي صارت كوريتين، والفقر والأمية اللذان سادا المنطقة أنتجا مجتمعات ارتبكت فيها الهويات، وتمزقت النخب وتصارعت. الشاب الكمبودي سالوت، قبل أن يغيّر اسمه إلى بول بوت، كان نتاج تلك الصيرورة العنيفة التي لم تغب فيها الدماء. ساد فيها الإحباط والفشل.

أرسله والده للدراسة في فرنسا، التي كانت تستعمر بلاده. لم يكن هو ميالاً للدراسة، وكان مشدوداً إلى الرياضة والموسيقى. فشل في الليسيه الفرنسية، وانتقل إلى المدارس المهنية لتعلم النجارة. تنقل بين الورش، ولكن الفشل كان رفيقه الدائم. أصيب بالإحباط ودخل في كآبة ساقته إلى العزلة. رفاقه الكمبوديون الذين كانوا من طبقات اجتماعية دون طبقته، وبعضهم جاء من وسط فقير، نجحوا في دراستهم بفرنسا وعادوا إلى بلادهم، وبدأوا مسيرة حياة مريحة. كل ذلك جعل منه شخصية لا تملك شيئاً سوى كراهية الآخرين يؤجّجها الإحباط والكآبة والفشل. قاده صديق له إلى حلقة من دوائر الحزب الشيوعي الفرنسي؛ علَّه يجد فيه من فعاليات الفكر والنقاش ما يخرجه من الكوابيس النفسية التي سيطرت عليه. لكن الفشل لم يفارق الشاب الكمبودي سالوت، الذي سيصبح الزعيم بول بوت. لم يفهم شيئاً من أبجديات الفكر الماركسي، كل ما وقر في رأسه، عبارة صراع الطبقات، التي ظَّل يرددها.

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وانتصار الحلفاء على المحور حولت فرنسا استعمارها المباشر لكمبوديا إلى نظام الحماية، وصدر دستور جديد سمح بتأسيس الأحزاب السياسية. انضم بول بوت إلى الحزب الديمقراطي اليساري المعارض. اصطدم الحزب مبكراً بالملك نوردوم سيهانوك؛ لأن الحزب طالب بضرورة تغيير الملك. انتشر الحزب بسرعة في مناطق البلاد، فقرر الملك وقف العمل بالدستور، وعمل على القضاء على الحزب الديمقراطي. انتشرت الحركة الشيوعية في كمبوديا، وبرز من وسطها حزب يحمل اسم «الخمير الحمر». لم يكن بول بوت له قدرات فكرية أو تنظيمية. هرب إلى الصين ودأب على الاستماع إلى خطابات ماو تسي تونغ وستالين.

انقسمت كمبوديا بين شمال وجنوب ونشبت الحرب الأهلية، وقام الجنرال لون لول بانقلاب ضد الشيوعية. حقق «الخمير الحمر» انتصاراً صاعقاً. تولى بول بوت رئاسة الحكومة. هاجم كل القطاعات الاقتصادية، وحول البنوك معتقلات، وألغى العملة، وأجبر جميع السكان بالتحول للزراعة في الريف. كل الأساتذة والأطباء والمهندسين ورجال المال حولهم عمالاً زراعيين. حوَّل الرهبان البوذيين عمالاً يدويين. حوَّل المدارس والبيوت معتقلات جماعية، حيث التعذيب والقتل. أعدم مئات الآلاف بتهمة التآمر. مات الآلاف بسبب الجوع والمرض وإرهاق العمل الطويل. قضى بول بوت على 35 في المائة من شعبه. صُنعت له تماثيل ليحل محل بوذا، ووضعت في جميع البيوت. تدخلت فيتنام عسكرياً وقضت على قوات «الخمير الحمر». وُجدت مئات القبور الجماعية، وجبال من الجماجم. ذلك الطاغية القاتل الجاهل الفاشل المجنون لا يغيب عن دنيانا، ويعود في كل مرة باسم جديد ليبيد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بول بوت جنون الإبادة الذي لا يغيب بول بوت جنون الإبادة الذي لا يغيب



GMT 22:43 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

العمدة

GMT 22:41 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سمير زيتوني هو الأساس

GMT 22:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عن الجثث والمتاحف وبعض أحوالنا...

GMT 22:34 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... اغتيال إنسانية الإنسان

GMT 22:32 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

غزة... القوة الأممية والسيناريوهات الإسرائيلية

GMT 22:30 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النائب الصحفى

GMT 22:27 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بند أول فى الشارقة

GMT 22:25 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الوطنية هي الحل!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:43 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي
المغرب اليوم - حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي

GMT 00:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا
المغرب اليوم - أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك
المغرب اليوم - راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك

GMT 23:49 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"صراع" أندية إسبانية على نجم الرجاء السابق

GMT 06:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيضانات تجبر 2000 شخص على إخلاء منازلهم في الأرجنتين

GMT 22:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المكسرات تقلل خطر الموت المبكر من سرطان القولون

GMT 15:01 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

خط كهرباء يصعق 7 أفيال برية في غابة شرق الهند

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

5 صيحات جمالية عليك تجربتها من أسبوع نيويورك للموضة

GMT 13:04 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

أمير كرارة يعتزم تقديم جزء جديد من مسلسل "كلبش"

GMT 07:38 2018 السبت ,12 أيار / مايو

مجوهرات شانيل لإطلالة جذابة في ربيع 2018

GMT 05:18 2016 السبت ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طرق تحسين إضاءة المنزل بعد انقضاء الشتاء وحلول الخريف

GMT 18:56 2013 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

مطعم أردني يقدم الأكلات التراثية في جو عائلي حميم

GMT 09:23 2013 الجمعة ,15 شباط / فبراير

جسور لندن تأخذ المارة من الماضي إلى الحاضر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib