انزلاقات المرحلة

انزلاقات المرحلة

المغرب اليوم -

انزلاقات المرحلة

محمد الرميحي
بقلم : محمد الرميحي

ما شدَّ الذاكرة الإنسانية في الأسابيع الأخيرة إلا منظر التجمع الصيني الروسي الشرقي في قمة مدينة تيانجين، أعقبه عرض عسكري تاريخي في ميدان بكين (تايانمن)، الذي استعرض قوة عسكرية وعلمية غير مسبوقة. على الجانب الآخر نجد أن الغرب عموماً، وعلى رأسه الولايات المتحدة، يدخل في انزلاقات المرحلة التاريخية، حيث يبدأ الخسارة التدريجية للسباق.

هذه الخسارة بدأت منذ أن تخلى الغرب تدريجياً عن المبادئ الإنسانية التي كان ينادي بها، والتي كسبها بعد الحرب العالمية الأولى والثانية؛ الحرية، وحقوق الإنسان، والتجارة الحرة، وقواعد قانونية وعرفية ثبتت في ميثاق أممي.

قيادة الغرب دون مزاحمة هي في الولايات المتحدة، وانزلاقات المرحلة تبدأ من هناك.

اليوم إذا كان هناك فكرة واحدة يتوافق عليها الأميركيون في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، فهي أنَّ حكم الرجل الواحد خطأ، والإشارة هنا إلى حكم السيد ترمب، أما الفكرة الثانية التي يتوافق عليها الأميركيون هي بطء الحكومة الفيدرالية في اتخاذ وتنفيذ القرارات، هذا البطء هو الذي يجعل من قرارات السيد ترمب، وبعضها غريب، نافذة!

في السابق كان البيت الأبيض محاطاً بمستشارين، بجانب أعضاء الحكومة، وكان هناك مناقشات من خبراء للقضايا الرئيسية التي تطرح من أجل اتخاذ القرار فيها، اليوم لا يستطيع أحد من المقربين في البيت الأبيض أن يقول رأياً مخالفاً لرأي الرئيس، فقد أرسل الرئيس الحرس الوطني لمدينة لوس أنجليس في مايو (أيار) الماضي، وقوبلت الخطوة برفع قضية في المحكمة العليا، وهو يفكر بإرسال الحرس الوطني لشيكاغو! دائماً هو في خطوة سابقة للحدث، ويتحدث أيضاً عن تغيير قيادة البنك الفيدرالي، وهو مستقل طوال تاريخه. من جانب آخر تقوم الإدارة الأميركية بتخويف منتقديها، لإخضاعهم لهذه المنهجية، وعلى الرغم من أن السيد ترمب متدنٍّ في استطلاعات الرأي العام على المستوى العام، وحصل مؤخراً على 14 في المائة فقط من الموافقة، وهي أفضل قليلاً ممَّا حصل عليه جو بايدن، بعد تعثره في المناظرة الشهيرة قبل الانتخابات الأخيرة.

كثير من الأميركان لا يتفقون مع السيد ترمب، ولكن في كل الأحوال يحصل على ما يرغب، التفسير أنه يتحرك بسرعة أكبر من القوى المنافسة له، أو التي ترغب في تقييده، فكلما فتح موضوعاً وأصبح يناقش من المعارضين، قفز إلى موضوع آخر جديد، كمثل ما فعل في تغيير تسمية وزارة الدفاع الأميركية التي ثبت اسمها بعد الحرب العالمية الثانية، إلى وزارة الحرب، رغم التكلفة الباهظة التي تتحملها الميزانية! ولن يكون غريباً في المستقبل أن يقرر السيد ترمب تغيير آلية لعب كرة القدم الأميركية، من المناولة باليد، إلى استخدام القدم، على أساس أن ذلك أكثر منطقية مع الاسم! قبل أن يفهم العالم ما حدث، يقفز السيد ترمب إلى ملف آخر، ومع التناقض البادي في كثير من قراراته، إلا أنه يحقق ما يريد. لو سُد أمامه طريق قانوني يبحث عن طريق آخر!

شعبية ترمب في الحزب الجمهوري كبيرة؛ لذلك لا يستطيع أحد من الجمهوريين معارضته، لأن في يده بقاء ذلك العضو في مؤسسات التشريع، أو الاستغناء عنه!

بعض الكتابات تنحو إلى القول إن هناك احتمال تغيير في الانتخابات النصفية القادمة في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2026، ذلك قد يكون منطقياً، ففي 10 من الانتخابات النصفية الاثنتي عشرة السابقة، صوت الناخبون للحزب المنافس لساكن البيت الأبيض، ولكن المحتمل ألا يتم ذلك في انتخابات العام المقبل، فهناك احتمال كبير أن يفوز أيضاً الحزب الجمهوري بأغلبية المقاعد في الكونغرس.

الديمقراطيون في مأزق، والمأزق ليس جديداً، لقد بدأ مع قصر نظرهم في ترشيح جو بايدن، الذي كان يعاني من مشكلات صحية، وفي اللحظة الأخيرة، رشحوا السيدة كامالا هاريس، هذا الارتباك جعل فوز ترمب شبه مؤكد.

الأساس هنا أن الفكرة الديمقراطية، كما دافع عنها سياسيو ومفكرو الغرب تتآكل في الغرب وهي «النقاش الحر في الشأن العام».

الأزمات تنهك الحكومات الغربية، وتدفعها إلى اليمين والتغاضي عن المبادئ، فبريطانيا تعاني من مشكلات سياسية عميقة. والأسبوع الماضي فُرضت الاستقالة على رئيس الوزراء الفرنسي، والتغييرات في كل من إيطاليا وألمانيا في فوز اليمين، شاهد على الانزياح عن المبادئ القديمة؛ الحرية وحقوق الإنسان، التجارة الحرة، في الوقت نفسه الذي ترتفع فيه كفة الكفاءة في الحكم والاقتصاد لدى المنافسين، خاصة الصين، وروسيا وحتى الهند. العالم أمام مرحلة تغيير كبرى، تتراكم الشواهد عليها.

آخر الكلام: العنوان الكبير هو الشعبوية القومية، مظهرها كسر الأعراف، وتفريق التحالفات، وعداء للمؤسسات وفردانية القيادة. وصفة لتراجع الغرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انزلاقات المرحلة انزلاقات المرحلة



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib