عوامل استقرار الشرق الأوسط واضطرابه

عوامل استقرار الشرق الأوسط واضطرابه

المغرب اليوم -

عوامل استقرار الشرق الأوسط واضطرابه

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

هل استقر الشرق الأوسط؟ الجواب النهائي لهذا السؤال هو لا... لم يستقر الشرق الأوسط بعد، رغم أن عوامل الاستقرار تتغلب على عوامل عدم الاستقرار، كما نشاهد على رقعة الشرق الأوسط الكبير، الاستقرار قد يأتي عندما يحدث أمران؛ الأول هو نهاية الحرب في غزة، والتغيير اللاحق الذي سوف يجري في هيكلية السياسة الداخلية الإسرائيلية، والمتوقَّع، على نطاق واسع، أن تخسر حكومة اليمين بعد فشلها (من وجهة نظر الجمهور الإسرائيلي)، وأن تأتي قوى سياسية قريبة إلى الاعتدال إلى الحكم في تل أبيب، وقد هضمت درس الحرب الطويلة، التي استمرت نحو عشرين شهراً حتى الآن، وأنه لا مفر من التعامل مع الاعتدال الفلسطيني. والعامل الثاني عندما تقتنع الجمهورية الإسلامية في إيران بأن مشروعها التوسعي لم يعد ذا فائدة، لا لها ولا للجوار، وتُوقِّع مع الولايات المتحدة اتفاقاً، ما يهيئ إلى بداية الاستقرار والانتعاش في الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني كثيراً، اليوم، بعد طول فشل للجهازين الإداري والسياسي، وإخفاقه في تقديم مشروع تنموي للجماهير الإيرانية، وأن حكم (الغلبة) يفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية، وقد بدأت أصوات في الداخل الإيراني ترتفع فيما إذا كانت كل الأموال المصروفة على (الأذرع) ذات جدوى، خاصة بعد الإخفاقات التي مُنيت بها!

إذا لم يحدث ذلك الأمران، فإن الأمور قد لا تستقر، رغم بشائر التفاؤل فيما يحدث في سوريا، وهي بشائر ليست قليلة، وأيضاً ما يحدث في لبنان، وإن كانت بخطوات أبطأ مما يرجو معظم الشعب اللبناني.

اللافت أن الدبلوماسية الإيرانية تطوف بالعواصم المحيطة، من أجل حمل رسالة (إقناع) بأن البوصلة تتغير، إلا أن إشكالية تصدير الثورة والاستعانة بالأذرع المختلفة في الفضاء العربي من أجل إشاعة عدم الاستقرار هي حجر الزاوية في الخلاف الحقيقي بين إيران وجيرانها، وتغيير جذري فيما يتخذ من سياسات في طهران من تمويل ودعم للأذرع، هو ما يتوقع الجيران أن تقوم به طهران، والذي يؤدي إلى استقرار وتنمية، البعض يرى، وقد يكون مُحقاً، أن طهران تقول شيئاً، أو على الأقل بعضها يقول شيئاً علناً، وبعضها يمارس على الأرض شيئاً مختلفاً، مما يزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط، والوزير الإيراني في القاهرة وبيروت يعرف أن مصر قد خسرت تقريباً نصف دخلها من قناة السويس في السنوات الأخيرة، جراء ما يقوم به الحوثي من (قرصنة) في جنوب البحر الأحمر، كما أن لبنان قد دفع ثمناً غالياً جراء الانفلات الميليشياوي، الذي أوصل لبنان الدولة إلى الفشل!

معضلة السياسة الإيرانية أنها نابعة من صلب التفكير الولائي، الذي قامت عليه الحكومات الإيرانية المختلفة منذ خلع الشاه عام 1979، ودون تغيير حقيقي في هذه السياسات، ولا يتوقع أحد أن يضمن استمرار الاستقرار في الشرق الأوسط، مهما أحيطت هذه السياسات بكلمات دبلوماسية، فلا يستطيع أحد، على الجانب الآخر من المعادلة؛ أي العرب، أن يصدّقوا ما يُقال علناً من الدبلوماسية الإيرانية ويشاهدوا، في الوقت نفسه، استمرار الدعم للأذرع المثيرة للاضطراب على أرض الواقع.

كما تتصرف الحكومة الإسرائيلية اليمينية بعسفٍ جعل من حكومات غربية تشجب ما تقوم به، كما يشجب الشارع الغربي تلك المذابح.

البعض في طهران يراهن على العودة بشكلٍ ما إلى سوريا، وهي بالنسبة لهم خسارة فادحة، إلا أن ذلك احتمال بعيد التحقيق؛ لأنها أي سوريا قد أشرعت قلاعها باتجاه فلسفة أخرى في الحكم والإدارة والتعاون مع محيطها والولوج إلى المجتمع الدولي، وذلك يلقى قبولاً لدى شرائح الشعب السوري الذي عانى الأمرَّين من الاحتلال الأجنبي والصلف المحلي.

يعاني عدد من دول الشرق الأوسط معضلات اقتصادية تؤدي، وقد أدت، إلى تصاعد التوتر الداخلي، فهناك البطالة والتضخم من جانب، وحروب داخلية كما في السودان وليبيا، وإلى حدٍّ ما في العراق من جانب آخر.

إذن، احتمالات الاستقرار في الشرق الأوسط تتراوح بين التفاؤل النسبي والحذر النسبي أيضاً، مما يجعل من محور الخليج رافعة يدفع بكل جهده الدبلوماسي والاقتصادي إلى تعظيم عناصر الاستقرار، وتحجيم عناصر الاضطراب ما أمكن، وهي مهمة ضخمة، ويتطلع العالم إلى نتائج المؤتمر الذي سوف تستضيفه الأمم المتحدة، وبمبادرة من المملكة العربية السعودية وفرنسا بين 17 و20 من الشهر الحالي، وتنشط فيه دول الخليج ودول الاعتدال العربي، لوضع (حل الدولتين) على أجندة العالم، وهو خطوة تحتاج إلى تعاون من القوى الفلسطينية، وخاصة من «حماس»، أما إذا اتخذت الأخيرة (قطع طريق المبادرات)، وقتها نكون قد كررنا أخطاءنا التاريخية في تضييع الفرص.

آخر الكلام: يقع الشرق الأوسط اليوم تاريخياً بين معسكرين (فقهاء التجديد السياسي، وفقهاء التقليد السياسي)!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عوامل استقرار الشرق الأوسط واضطرابه عوامل استقرار الشرق الأوسط واضطرابه



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib