ملف بـ«كبسونة» في إمبابة

ملف بـ«كبسونة» في إمبابة

المغرب اليوم -

ملف بـ«كبسونة» في إمبابة

أمينة خيري
بقلم - أمينة خيري

يوم في أحضان «إمبابة» كفيل بأن يمد الزائر بقدر هائل من المعلومات والمعرفة النابعة عن معايشة لا محاكاة افتراضية تأتى عبر تقارير يومية أو روايات منقولة من فلان عن علان، أو حتى عبر زيارة يجرى الترتيب لها مسبقًا. المقصود بـ«إمبابة» هنا ليس إمبابة الحى أو المنطقة، بقدر ما هو اعتبار إمبابة نموذجًا لأحياء شبيهة في مصرنا المحروسة.

لست من سكان إمبابة، ولا أدعى أننى أتردد كثيرًا على شوارعها، لكن لدواع تتعلق بكشوف طبية رسمية حظيت (وأقصد الكلمة تمامًا) بهذه الفرصة للمعايشة الحقيقية، وهى معايشة أدعو كل من يتحدث عن فئة غير فئته، أو قطاع من الناس لا ينتمى له اقتصاديًا أو اجتماعيًا، أو مشكلات لا يعايشها بصفة يومية، أن يبذل جهدًا فعليًا لا افتراضيًا بهدف المعرفة.

بالطبع جزء كبير من المعارف موجود في مراجع العلوم الاجتماعية والسياسية وكتب الاقتصاد ونظرياته، لكن حين يتم صقل النظريات بمعايشة تكون الرؤية وكذلك الحلول أكثر نجاعة.

في المصلحة الحكومية، وفى العصر الرقمى، ما زالت «مدام عفاف» تطلب من المواطنين طالبى الخدمة الذين قدموا محملين بالأوراق المطلوبة كاملة أن يقدموها في «ملف».

يخرج المواطنون بحثًا عن كشك أو مكتبة، ويعودون بالمطلوب ليفاجأوا بـ «مدام عفاف» تنهرهم لأن الملف يجب أن يكون بـ «كبسونة»، فيعاود المواطنون الخروج لإعادة الملف بدون كبسونة وشراء آخر بكبسونة، ومنهم من تعدى عمره الـ 70، ومنهم الذي يعانى إعاقة، ومنهم من استأذن من عمله ساعة إلخ. لن أتطرق كثيرًا إلى أسلوب «مدام عفاف» وشركاها في الحديث، وتنظيم الأمور في مكان الانتظار، وهو الأسلوب الذي لو اتُّبِع في إصلاحية لثار المقيمون على المدير ولقنوه درسًا قاسيًا.

وسبب عدم الإسهاب في أسلوب التعامل هذا نظرية أخبرتنى بها «مدام عفاف» أخرى قبل عقود، حين اعترضت وثرت وغضبت في مصلحة حكومية بسبب التعامل الفظ والأسلوب الغليظ في التعامل مع المواطنين، وهددت بالتوجه إلى قسم الشرطة، فقالت لى هذه الـ «مدام عفاف» جملة بليغة وحجة صحيحة: «ماذا تتوقعين منى وقد استيقظت من نومى في الرابعة والنصف صباحًا لأطبخ للعيال وأحمل رضيعى لحماتى التي تسكن بعدى بسبع محطات وأركب أتوبيس يتم التحرش بى فيه؟، أطبطب عليكم؟» ما علينا، كان هذا قبل سنوات طويلة، لكن النظرية ما زالت سارية. وأعود إلى إمبابة، هذا الحى الشعبى الأصيل وزيارتى الأولى له في تسعينيات القرن الماضى، وتحديدًا عام 1995 في شارع الوحدة الذي استقبل الملك تشارلز الثالث وقت كان أمير ويلز، وكانت إمبابة خارجة لتوها من سنوات اكتسبت خلالها لقب «مصنع الإرهاب»، بسبب الفقر والازدحام والعشوائية ونقص الخدمات ما أفسح المجال للفكر المتطرف لإحكام قبضته. كلمة أخيرة في حق إمبابة باعتبارها مثالًا، ما زال المصريون يتمتعون بنخوة وطيبة فطرية وجدعنة رغم كل شىء. كل ما يحتاجونه قليل من الصقل وكثير من الأمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملف بـ«كبسونة» في إمبابة ملف بـ«كبسونة» في إمبابة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 19:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib