فسيفساء حزبية في المغرب

فسيفساء حزبية في المغرب

المغرب اليوم -

فسيفساء حزبية في المغرب

محمد الأشهب

جاءت تداعيات انتخابات البلديات والجهات والغرفة الثانية في البرلمان المغربي لتؤكد هشاشة تحالفات لم تصمد، إن على واجهة الائتلاف الحكومي أو التفاف المعارضة. لا يستطيع أي طرف أن يزايد على الآخر. فالمصائب إن عمّت هانت. وليس مثل نتائج الاقتراع فرصة لمعاودة احتساب «الغنائم» والخسائر. وكل ما في الأمر أن الإحساس بالخذلان كان أقوى. ليس لأن أصوات الناخبين أصدرت أحكامها، ولكن لأن التحالفات انفرطت فجأة كما لو أن ذلك الشعور يرادف «الخداع» السياسي غير المتوقع.
على رغم إدراك الفرقاء السياسيين أن محطة الانتخابات المحلية يغلب عليها البعد الاجتماعي والاقتصادي في علاقة المواطنين بتدبير الخدمات المحلية، من دون الإغراق كثيراً في الخلافات السياسية، فإن نتائجها فجرت تناقضات بين مكونات المشهد الحزبي. ليس أقلها خلط الأوراق بين الغالبية والمعارضة. فالعدوى واحدة وإن اختلف أثرها الظاهر. وبعد أن كانت المعارضة تعيب على الحكومة عدم الانسجام وتباين المواقف وسيطرة فريق على آخر، صار في حكم الثابت أن غياب التجانس شمل المعارضة التي اهتزت على وقع احتساب المصالح الحزبية.
كان يكفي أن يصوت مستشارون ينتسبون إلى الائتلاف الحكومي لمرشح «الأصالة والمعاصرة» إلى رئاسة مجلس المستشارين، المفترض أنه في المعارضة، لتذوب الحواجز بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي وبين «العدالة والتنمية» الذي صوت مستشاروه لمرشح الاستقلال، نكاية بحلفائه في الحكومة، أو على الأصح استباقاً للقادم من التطورات. فقد نسي الإسلاميون خلافاتهم مع الاستقلال ولم يتناسوا ركام آثار نفسية وسياسية في علاقتهم بـ «الأصالة والمعاصرة» الذي كان قياديوه يرددون أنهم أتوا لإنهاء احتكار الإسلاميين.
أبعد من قرار التصويت الذي يمكن تفهم دوافعه من حزب لآخر، أن الأحزاب ذات الجذور التاريخية، التقت مع «العدالة والتنمية» الذي كانت تنتقده بشدة، عند منعطف حاسم يسبق انتخابات العام القادم. ولا يمكن اعتبار الأمر مجرد إشارة تكتيكية، طالما أن لهجة الخطاب في مواجهة الأحزاب التي صوتت لمرشح «الأصالة والمعاصرة» تجاوزت اللحظة الانتخابية، نحو استحضار فترات الصراع السياسي بين الإدارة وأحزاب الصف التاريخي، من منطلق أنها لم تكن بعيدة عن «صنع» الخرائط الحزبية في وقت سابق.
سواء كانت العودة إلى الخطاب القديم، أقرب إلى تبرير الإخفاق الانتخابي أو رد فعل ضد ممارسات شابت العملية السياسية، فالراجح أن الرابح الأكبر من الاصطفاف الجديد هو «العدالة والتنمية» الإسلامي الذي أوجدت له التطورات من ينوب عنه في خوض حربه ضد غريمه «الأصالة والمعاصرة» ولم يعد وحده يجاهر بمناهضة ما يعرف بسياسة «التحكم» التي أسس عليها رصيده في شعار «الحرب على الفساد» بشتى أشكاله. وما لم يكن وارداً في الاعتبار قبل ثلاث سنوات في طريقه لأن يصبح واقعاً حزبياً جديداً.

ابتعد الاستقلال والاتحاد الاشتراكي في اشتراعيات عام 2011 عن تكتل ما عرف بـ «الأحزاب الثمانية» الذي لم يفلح في منافسة حزب وحيد، هو «العدالة والتنمية» على الصدارة. ثم انضما إلى بعض أطرافه داخل المعارضة في مواجهة حكومة عبدالاله بن كيران. لكنهما بعد اقتراع البلديات ومجلس المستشارين عاودا الالتحاق بركب كان انطلق في غيابهما. ولم يتردد الحزب الحاكم في مبادلة التحية بأحسن منها، ما يعزز فرضية أن تلويح حميد شباط زعيم الاستقلال بدعم حكومة بن كيران من بعد صادف مكامن الرغبة في فتح صفحة جديدة.
أن تلتقي الأحزاب الثلاثة بعد قطيعة زادت على ثلاث سنوات ليس احتمالاً مستبعداً في ظل ضغوط سباق المسافات الطويلة الذي يحمل عنوان اشتراعيات 2016. لكن استخدام خطاب الشرعية الديموقراطية في توصيف الأحزاب يضع ثلاثة أحزاب على الأقل في زاوية غير مريحة، هي تجمع الأحرار والحركة الشعبية والأصالة والمعاصرة. والمشكل أنها تكاد تكون على قلب واحد وإن فرقت بينها مواقع الانتساب إلى الغالبية أو المعارضة. وتلك بعض معالم فسيفساء مشهد سياسي عصي على الفهم بمنطق الغالبية والمعارضة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فسيفساء حزبية في المغرب فسيفساء حزبية في المغرب



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 03:18 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

قائمة بايرن ميونخ في كأس العالم للأندية 2025

GMT 03:13 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

بوروسيا دورتموند يعلن تعاقده مع جوبي بيلينجهام

GMT 03:07 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

قائمة أتلتيكو مدريد في كأس العالم للأندية 2025

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

رد حاسم من ممثلي تير شتيجن حول مستقبله مع برشلونة

GMT 15:07 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

فائدة غير متوقعة لـ"3 قطع شكولاتة شهريا"

GMT 13:07 2023 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار النفط والأمل معقود على الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib