حق العودة الى الصحراء الغربية

حق العودة الى الصحراء الغربية

المغرب اليوم -

حق العودة الى الصحراء الغربية

محمد الأشهب

على نحو مغاير، لم تحرّك زيارة الموفد الدولي كريستوفر روس المنطقة الزخم والجدل نفسيهما اللذين كانت تحدثهما جولاته المكوكية إلى الشمال الأفريقي، وسواء اندرج الأمر في سياق الديبلوماسية الهادئة التي ينهجها لحض أطراف نزاع الصحراء على استئناف المفاوضات العالقة، أو أملته الرغبة في حيازة مواقف داعمة لجهة إقرار حل سياسي بديل، فإن تزامنها والدورة الحالية للأمم المتحدة لن يتجاوز دعم قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

 

 

ليس لأن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة، تميل إلى بعض الاختلاف، ولكن لأن منظور التسوية السلمية لنزاع الصحراء استقر عند هاجس دعم خلاصات مجلس الأمن، بعد أن كانت تتأثر بخلافات الأطراف المعنية مباشرة أو بطريقة غير مباشرة. ومنذ أقر الوسيط الدولي السابق جيمس بيكر توصيفه للمفاوضات، ركنت أشواطها إلى هذه الصيغة التي تخضع بدورها لتأويلات متباينة. إلا أن العنصر المؤثر في مسارها يظل رهن ثلاثة مواقف، من جهة هناك الجزائر وجبهة بوليساريو، ومن جهة ثانية هناك المغرب. فيما يميل الموقف الموريتاني إلى نوع من الحياد.

 

 

وما دام التطبيع الإيجابي للعلاقات المغربية-الجزائرية لم يحقق مداه، يصعب وقوع اختراق كبير في المواقف. وإذ يسابق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الزمن، لإنهاء ولايته على إيقاع حلحلة نزاع يدخل عقده الرابع، من دون أفق سياسي قريب، فلن يكون أول أو آخر الأمناء العامين الذين تعاطوا ونزاع الصحراء من دون إحراز التقدم الكافي.

 

 

منذ صاغ بيريز ديكويار أسس التسوية، لم يفلح الذين خلفوه في قيادة سفينة المنتظم الدولي في تحقيق تقدم نوعي، غير أن جيمس بيكر من موقعه كوسيط دولي كان أول من تنبه إلى أن التسوية النهائية يمكن أن تخرج عن نطاق ما هو متداول. لذلك اقترح أحد الحلول الأربعة، العودة إلى الاستفتاء، أو الذهاب إلى تكريس حكم ذاتي، أو الجمع بين الصيغتين أو نفض الأمم المتحدة يدها من التعاطي والملف. إلا أن المأزق الحقيقي يعزا ذلك في جانب كبير منه إلى أن النظرة إلى التوتر القائم بقيت حبيسة قرارات تستنسخ أو تعزز بعضها، لكنها لم تغادر مربع الأدبيات القانونية والسياسية إلى ساحة الميدان. حتى أن رهان بان كي مون على معاودة بناء الثقة، من خلال تبادل الزيارات بين الأهالي في المحافظات الصحراوية ومخيمات تيندوف لم تسعف في التخلص من إكراهات المكان.

 

 

إذا كان البعد الإنساني لصيغة بناء الثقة مكن متحدرين من أصول صحراوية من إحياء صلات الرحم مع ذويهم، فهو لم يتجاوز إطار الرحلات التي ترعاها الأمم المتحدة ومفوضية اللاجئين، إذ يعود كل طرف إلى موقعه. فيما أن قرارات مجلس الأمن رهنت العودة الطوعية لإنهاء أوضاع اللجوء بحدوث تطور نوعي في الاتفاق على صيغة الحل النهائي. وبديهي أن توزع السكان المعنيين نجم عنه تباين في المواقف، ولم تزد قرارات مجلس الأمن عن طلب إجراء إحصاء دقيق للمقيمين في مخيمات تيندوف.

 

 

أبعد من عملية الإحصاء أنها تحدد الطبيعة الإنسانية للمشكل، من منطلق أن في حال تعذر الحل السياسي بعد سكون المدافع منذ حوالى ربع قرن، يمكن للعمل الإنساني أن يعوضه. ففي التجربة الراهنة لزحف اللاجئين السوريين والعراقيين الهاربين من مناطق التوتر، نحو الملاذات الأوروبية، ما يفيد بأن البعد الإنساني أكثر رأفة واستيعاباً. وفي قضية الصحراء تحديداً، مكن آلاف المنشقين العائدين إلى المغرب من الدمج في سيرورة الحياة العادية.

 

 

لا يحتمل الموقف استمرار حالة اللجوء التي تعود خلفياتها إلى خلافات إقليمية جيو سياسية. وبعد أربعين عاماً على اندلاع النزاع، أصبح الأطفال الذين فتحوا عيونهم على المخيمات رجالاً. لكنهم يتعيشون على المساعدات الغذائية والطبية للدول المانحة، فيما إخوانهم في المحافظات الصحراوية اندمجوا في المشاركة السياسية. وليس صدفة أن أعلى نسبة في الإقبال على صناديق الاقتراع في الاستحقاقات الدستورية والمحلية كافة تأتي في المحافظات الصحراوية، ما يحيل على الرغبة في المشاركة. لئن كان من حق اللجوء مشروعاً في الحالات التي تتعرض فيها حياة وأمن السكان المعنيين إلى مخاطر، فالأحرى أن يكون حق العودة بنفس الإلزام المشروع. وعلى رغم أن توصيفات مجلس الأمن التي تضمنتها القرارات تنص على مشاركة السكان كافة في تقرير مصيرهم. فالأجدر أن تكون البداية من ضمان وتكريس حق العودة. أكان ذلك بمنطق سياسي أو بمفهوم إنساني صرف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حق العودة الى الصحراء الغربية حق العودة الى الصحراء الغربية



GMT 12:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 12:23 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 12:22 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 12:21 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

GMT 12:18 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

قراءة لمسار التفاوض بين واشنطن وطهران

GMT 12:16 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib