مأزق الحل في الصحراء

مأزق الحل في الصحراء

المغرب اليوم -

مأزق الحل في الصحراء

محمد الأشهب

لم تعد قرارات اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة تحيد عن مرجعية «الحل السياسي» الذي يتبناه مجلس الأمن لإنهاء نزاع الصحراء. تطور كهذا لا يمكن إغفاله بالنظر إلى أن اللجنة كانت أول من تعاطى والملف، حين كان معروضاً كخلاف على الحدود والسيادة بين المغرب وإسبانيا. حتى أن عنوانها ظل مرتبطاً بقضية تصفية استعمار.
وقتها في ستينات القرن الماضي برزت دعوة في شكل توصية دولية تفيد بأن وحدة الدول سابقة على خيار تقرير المصير، وفي حال مواجهة إشكالات من هذا النوع، يُصار إلى تغليب فكرة الوحدة على تقرير المصير. ومنذ اندلاع النسخة الثانية لنزاع الصحراء الذي انتقل إلى مجابهة إقليمية بعد انسحاب الإدارة والجيش الإسبانيين ومسألة تقرير المصير تراوح مكانها، انطلاقاً من تباين القراءات والتأويلات القانونية والسياسية.

يرى المغرب أن الحكم الذاتي بمرجعيته الدولية يكرس هذا المبدأ، أقله أن بلورة مضمونه جاءت في سياق حوار ديموقراطي شامل شارك فيه سكان الإقليم وفعاليات سياسية وممثلو الشباب والنساء والقبائل والمجتمع المدني. بينما تتمسك جبهة «بوليساريو» بأن التسوية ينبغي أن تمر عبر بوابة الاستفتاء الذي قد تكون صيغة الحكم الذاتي بين محاوره. غير أن الود المفقود بين الجزائر والمغرب ينعكس سلباً على أي جهود مبذولة من طرف الأمم المتحدة أو غيرها. وأفسحت هذه الاستراتيجية في المجال أمام استمرار المأزق الذي إن كان إقليمياً فإن تداعياته تنسحب على المساعي الدولية.
ميدانياً تبدو الصورة أقل تأثراً بمضادات المواجهات الديبلوماسية في الأمم المتحدة. وبعد أن كانت الرباط تلوح بنفاد صبرها حيال خيار تنفيذ الحكم الذاتي، أكان برعاية الأمم المتحدة أم بمبادرة محلية، خطت في اتجاه تكريس النظام الجهوي الذي يقضي بمنح الأقاليم سلطات واسعة في تدبير شؤونها المحلية، وضمنها المحافظات الصحراوية. ولئن كان خيار الجهوية أبعد من المركزية وأقرب إلى الحكم المحلي، فإن إقراره عبر استفتاء دستوري، ثم الانتخابات المحلية، لا يترك مجالاً للعودة إلى الوراء، خصوصاً أن مستويات الإقبال على صناديق الاقتراع في الاستشارات الشعبية كافة كانت الأعلى في المحافظات الصحراوية.
بيد أنه على الجانب الآخر، هناك سكان يتحدرون من أصول صحراوية تأويهم مخيمات تيندوف جنوب غربي الجزائر لم يشاركوا في هذه الاستحقاقات. وكان الأمين العام السابق للأمم المتحدة بيريز ديكويار رهن المشاركة بتأمين العودة الطوعية للسكان اللاجئين، بل إن خلاصات لجنة تحديد الهوية والإجراءات ذات الصلة رهنت الاقتراع بأماكن ازدياد الناخبين المحتملين.
حدث ذلك قبل نحو ربع قرن، وما من شك في أن أعداد المؤهلين لأي اقتراع بين سكان المخيمات الذين ولدوا خلال الفترة الفاصلة في تزايد، ما يفرض في أقل تقدير مباشرة عملية إحصاء دقيق للنسيج الاجتماعي هناك. لولا أن خلافات أشد احتداماً ما زالت تحول دون قيام مفوضية شؤون اللاجئين بمهمتها في هذا الصدد.
مصدر الأتعاب والأزمات والمآزق في نزاع الصحراء أن الساكنة المعنية بأي صيغة لتقرير المصير موزعة بين ثلاثة فضاءات على الأقل. لذلك تُطرح دائماً إشكالات من يحمل شرعية تمثيلية السكان، عددياً على الأقل. وإذا أخذنا في الاعتبار خلاصات عمل لجنة تحديد الهوية، وإن اختلف مسار التسوية، فإنها ترجح كفة السكان في المناطق الواقعة تحت نفوذ المغرب.
ولم يكن الوسيط الدولي جيمس بيكر لاهياً حين قال إنه يجب الوضع في الاعتبار أن الحكم الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية أقر بوجود روابط بين سكان إقليم الصحراء والسلطة المركزية في الرباط.

كيف يمكن الجمع بين مضمون هذه الاستشارة القانونية والشرعية الديموقراطية المعبر عنها في تقرير المصير؟ تلك أبرز التحديات التي تواجه الأمم المتحدة. وأقصى ما خلصت إليه اللجنة الرابعة هي دعوة دول المنطقة إلى التعاون مع بعضها ومع الأمم المتحدة لتعبيد المسالك أمام معاودة استئناف المفاوضات العالقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأزق الحل في الصحراء مأزق الحل في الصحراء



GMT 12:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 12:23 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 12:22 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 12:21 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

GMT 12:18 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

قراءة لمسار التفاوض بين واشنطن وطهران

GMT 12:16 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 08:42 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

لبعوض يقض مضاجع ساكنة مدن مغربية

GMT 22:51 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مولدافيا

GMT 15:54 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الشلقاني تفوز بعضوية المكتب التنفيذي لاتحاد البحر المتوسط

GMT 08:48 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "مايكل" يسبب خسائر كبيرة في قاعدة "تيندال" الجوية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib