خمس مُلاحظات رئيسيّة مصحوبة بالعديد من الأسئلة حول تكتّل “بلاد الشّام الجديد”
أخر الأخبار

خمس مُلاحظات رئيسيّة مصحوبة بالعديد من الأسئلة حول تكتّل “بلاد الشّام الجديد”

المغرب اليوم -

خمس مُلاحظات رئيسيّة مصحوبة بالعديد من الأسئلة حول تكتّل “بلاد الشّام الجديد”

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

في الوقت الذي تترنّح فيه التجمّعات العربيّة والإقليميّة، بل والجامعة العربيّة “الأُم” الجامِعَة لها، خرج علينا السيّد مصطفى الكاظمي، رئيس وزراء العِراق الجديد، بفكرةِ إقامة مشروع “بلاد الشّام الجديد” الذي من المُفترض أن يَضُم مِصر “الكتلة البشريّة”، والعِراق “الكُتلة النفطيّة”، والأردن وفق هذا المُخطّط، أن يكون الجِسر، أو صلة الرّبط الجُغرافي بينهما، بحُكم موقعه.

إذا سارت الأُمور في مسارها الصّحيح، وتجاوزت الأطراف الثّلاثة المخاوف من الإصابة بفيروس كورونا، فإنّه من المُفترض أن تستضيف العاصمة الأردنيّة عمّان غدًا الثلاثاء قمّةً ثلاثيّةً تُدشِّن انطلاق، أو إشهار هذا التجمّع الجديد بمُشاركة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس المِصري عبد الفتاح السيسي، والسيّد الكاظمي صاحب المُبادرة إلى جانب وزراء الخارجيّة والتّجارة والنّفط.

***
المعلومات المُتوفّرة حول الأرضيّة السياسيّة، والأيديولوجيّة، والاقتصاديّة التي سيقوم عليها هذا التكتّل الإقليمي الجديد ما زالت “غامضةً”، والشّيء نفسه يُقال أيضًا عن الأسباب والدّوافع التي تُحتّم إطلاقته المُفاجئة والسّريعة ودون أيّ مُقدّمات، ولكن تظَل هُناك نُقاط لافتة نَجِد لزامًا علينا التوقّف عندها:
الأولى: أنّ السيّد الكاظمي صاحب هذه الفكرة، وأبوها الرّوحي، أعلنها بعد عودته من زيارة واشنطن، حيث لَقِي ترحيبًا ملحوظًا من قبل الرئيس دونالد ترامب، ومايك بومبيو، وزير الخارجيّة، وعدد من المسؤولين، السّياسيين والأمنيين الأمريكان.
الثانية: أنّ الدول الثّلاث نواة هذا التكتّل تجمعها أيديولوجيّة سياسيّة واحدة، أيّ صفة “الاعتدال”، والانضِواء تحت المِظلّة الأمريكيّة، وارتباط دولتين فيهما بمُعاهدات سلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي (مِصر والأردن)، فهل سيُؤدّي انضِمام العِراق إليهما مُقدّمة للسّير على الطّريق نفسه، والاستِعداد لتوقيع اتّفاق سلام مع هذه الدّولة أُسوةً باتّفاق دولة الإمارات الأخير الذي رحّب به السيّد الكاظمي بطريقةٍ غير مُباشرةٍ عندما اعتبره قرارًا سِياديًّا؟
الثالثة: يُذكّرنا هذا التكتّل الإقليميّ بالاتّحاد العربي الرباعي الذي أعلنه الرئيس العِراقي صدام حسين قبل حرب الخليج الثانية (غزو الكويت) وضمّ مِصر والأردن واليمن إلى جانب العِراق، ولكنّه لم يُعمّر طويلًا بسبب الخِلافات الشخصيّة والسياسيّة بين الرئيسين العِراقي والمِصري، والتّنافس على الزّعامة، ومات في مَهدِه.
الرابعة: أنّ هذا التكتّل الذي يحمل اسم “مشروع بلاد الشّام الجديد” لا يضم الدولة التي تحمل تاريخيًّا اسم الشّام، أيّ سورية، وهي الدولة المُحاذية للدّولتين الأبرز فيه أيّ الأردن والعِراق، وكانت تُعتبر حليفًا تاريخيًّا لمِصر والعِراق، فلماذا استِبعاد هذا البلد كُلِّيًّا من هذا التكتّل وعدم توجيه دعوة ولو مُؤجّلة لقِيادته فيما هو قادمٌ من الأيّام.
الخامسة: هل هذا التكتّل الذي من المُحتمل أن يكون بديلًا لمجلس التعاون الخليجي المُنقسم على نفسه جاء من أجل التصدّي لإيران وتركيا القوّتين الإقليميّتين الصّاعدتين في مِنطقة الشرق الأوسط، ويكون نواة لمشروع عربيّ ثالث بدَعمٍ أمريكيّ؟
***
حقيقةً لا نملك أيّ إجابات عن كُل ما ورد في هذه النّقاط الخمس من أسئلة للشّح في المعلومات، والظّهور الفُجائي لهذا التجمّع، ولكنّنا لا نستبعد أنّ هُناك “مُباركة” أمريكيّة له، بالنّظر للدّعم الأمريكيّ الذي يحظى به السيّد الكاظمي، والاستِقبال الحارّ الذي حَظِيَ به في واشنطن، ولم يحظَ بمِثله أيّ من وزراء العِراق السّابقين مُنذ الاحتلال الأمريكيّ للعِراق عام 2003.
لا شَك أنّ هذا التجمّع الإقليمي الجديد يملك أسباب القوّة، ويُجسِّد زواجًا اقتصاديًّا مُهِمًّا بين الثروة النفطيّة والغازيّة العِراقيّة والكُتلة البشريّة المِصريّة، وأنّ هُناك قواسم عديدة مُشتركة، أبرزها أنّه تجمّعٌ “عابرٌ للطّوائف” أوّلًا، ويَضُم ضِلعين مركزيين أساسيين قام عليهما تاريخ المِنطقة بشقّيه القديم والحديث، ولكن استثناء الضّلع الثّالث، أيّ سورية يظل مَوضِع تساؤل، والعديد من علامات الاستفهام حول النّوايا الحقيقيّة وراء إنشائه، واحتمالات فُرص نجاحه وصُموده، وتجنّب مصير “الاتّحاد العربي” الذي يقوم على أنقاضه، أيّ الانهيار السّريع.
لا نُريد القفز على النّتائج، وإطلاق أحكام مُتسرّعة، وسابقة لأوانها، انتظارًا للمزيد من التّفاصيل، الأمر الذي يدفعنا للتمسّك بفضيلتيّ الصّبر والانتِظار حتى نتعرّف على النّوايا والأسباب والمُنطلقات من بين ثنايا التّصريحات، والبيان التأسيسي، المُفترض أن يَصدُر في خِتام قمّة عمّان الثلاثيّة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خمس مُلاحظات رئيسيّة مصحوبة بالعديد من الأسئلة حول تكتّل “بلاد الشّام الجديد” خمس مُلاحظات رئيسيّة مصحوبة بالعديد من الأسئلة حول تكتّل “بلاد الشّام الجديد”



GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 11:26 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

مستحيلات يمنيّة… بعد ربع قرن على الوحدة

GMT 11:25 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

سر الأردن.. بعد 79 عاما من الاستقلال

GMT 18:02 2025 الجمعة ,23 أيار / مايو

بناهي ينتظر «سعفة» بينوش!

GMT 19:59 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 17:42 2023 السبت ,08 إبريل / نيسان

4.9 مليار دولار أرباح أدنوك للغاز في 2022

GMT 23:30 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

«تيك توك» تفرض قيودا على بعض المقاطع

GMT 15:08 2020 الجمعة ,29 أيار / مايو

حقائق تجهليها عن شهر العسل

GMT 10:29 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إدارة السجون تكشف مستجدات الحالة الوبائية

GMT 00:09 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لعبة Sekiro تفوز بجائزة لعبة السنة على متجر Steam

GMT 10:03 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البدلة الرسمية على طريقة المُصمم العالم توم فورد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib