الصراع في سورية هل يتحول من “طائفي” الى “قومي” وما هي ملامح الصفقة السورية التركية الجديدة

الصراع في سورية هل يتحول من “طائفي” الى “قومي”؟ وما هي ملامح الصفقة السورية التركية الجديدة؟

المغرب اليوم -

الصراع في سورية هل يتحول من “طائفي” الى “قومي” وما هي ملامح الصفقة السورية التركية الجديدة

بقلم : عبد الباري عطوان

اذا صحت الانباء التي تقول بأن الحكومة السورية قررت اغلاق جميع مقراتها الرسمية في مدينة الحسكة التي باتت تخضع لسيطرة قوات “الاسايش” الكردية، لرفع العلم الكردي فوقها، ونهب محتوياتها، ومنع الموظفين من دخولها، وهي تبدو صحيحة،  فإن هذا يعني ان الاشقاء الاكراد يقدمون على خطيئة كبرى، وينسفون تحالفا صمد خمس سنوات، ووضعوا انفسهم في مواجهة انتحارية مع العرب والاتراك معا.
الاكراد كانوا ضيوفا اعزاء، ومواطنين لهم حقوقهم الكاملة، او معظمها، في سورية، وتجاوبت حكومتها لغالبية مطالبهم في بداية الثورة، عندما جنست اكثر من ربع مليون منهم دفعة واحدة، واعلانهم التمرد، ورفع اعلامهم على مقر الهيئة المركزية للرقابة، والتفتيش وسط المدينة، وتحويله الى مقر لقيادة الامن العام، خطوة غير مأمونة العواقب، لان خسارتهم لن تقتصر على النظام، وانما على الشعب السوري او معظمه، سواء كان مواليا او معارضا.
***
ندرك جيدا ان قوات “الاسايش” الكردية تحظى بدعم قوات امريكية يزيد تعدادها عن 300 جندي، وغطاء جوي امريكي، ولكن الحماية الحقيقية تأتي من خلال التعايش، وحسن الجوار، واحترام الاتفاقات التي جرى التوصل اليها في قاعدة “حميميم” قرب اللاذقية وبوساطة روسية، واهم بنودها احترام المقرات الرسمية السورية، والهوية العربية السورية للمدينة.
الاتراك الاعداء الاكثر شراسة للاكراد لا يترددون لحظة في استغلال هذا العداء العربي الكردي المتصاعد الذي يغذيه الامريكان في الوقت الراهن، تماما مثلما بذروا بذور الطائفية في العراق والمنطقة بأسرها فور احتلالهم لبغداد، وسمعنا نعمان كورتملوش نائب رئيس الوزراء التركي يؤكد امس “ان الهدف من العملية العسكرية الكردية في مدينة جرابلس وجوارها (درع الفرات) هو تطهير المنطقة من “الدولة الاسلامية”، ومنع وحدات حماية الشعب الكردي من اقامة ممر متصل لمنع تقسيم سورية”، ونجزم ان “الدولة الاسلامية” كانت ذريعة وغطاء فقط.
الامريكان الذين يراهن الاشقاء الاكراد على دعمهم لن يترددوا لحظة في التخلي عنهم، مثلما تخلى اصدقاؤهم البريطانيون والفرنسيون عن معاهدة “سيفر” التي اعطتهم دولة مستقلة عام 1920، عن اشقائهم في العراق وقائدهم مصطفى البرزاني، ولا نعتقد انهم اذا خيروا، اي الامريكان، بينهم وبين التحالف الايراني العراقي السوري التركي الجديد سيختارونهم، ويخوضون حربا اقليمية او عالمية من اجلهم.
المنطق يقول انه بعد خمس سنوات من سفك الدماء على الارض السورية، وفشل جميع الاطراف المتقاتلة في حسمها عسكريا لصالحها، من المفترض ان يتم التوصل الى حلول سياسية تحقن الدماء، بعد ان انهكت الاطراف المتحاربة، ولكن ما يحدث، وبسبب التدخلات الاقليمية والدولية، قد يؤدي للعكس تماما، وباتت خريطة التحالفات تتغير بسرعة، وبما يؤدي الى اطالة امد الازمة.
التوغل التركي المتصاعد داخل الاراضي السورية تحت ذريعة محاربة “الدولة الاسلامية”، يعني فتح جبهة جديدة ضد الاكراد غرب الفرات، وربما الدخول في عملية مقايضة مع السلطات السورية عنوانها تغيير اولويات الحرب، للمرة الثالثة: الاولى، كانت اسقاط النظام، والثانية اجتثاث “الدولة الاسلامية”، والثالثة، اجهاض طموحات الاكراد في اقامة ممر متصل من ديار بكر وحتى مياه البحر الابيض المتوسط، شمال الحدود السورية مع تركيا.
عمليات التحريض ضد الاكراد، وتوظيف فصائل معارضة سورية عربية موالية لتركيا في هذا الاطار، بدأت، وسمعنا السيد مولود جاويش اوغلو يتهم وحدات حماية الشعب الكردي بأنها تمارس التطهير العرقي لـ”العرب”، في مناطق سيطرت عليها، وتسعى للاستيلاء على اراضي لا يوجد فيها الا نسبة ضئيلة من الاكراد (منبج وجرابلس)، ويقومون بتوطين غير عرب (اكراد) فيها.
الحديث يتصاعد ايضا هذه الايام عن صفقة تركية سورية مدعومة ايرانيا وعراقيا، وبدرجة اقل من روسيا، تتحدث عن عودة حلب للسيادة الرسمية السورية، مقابل اطلاق يد قوات (درع الفرات) ضد الاكراد، وان هذه الصفقة تبلورت في اجتماعات بين قيادات استخبارية تركية سورية على اعلى المستويات في بغداد وطهران ودمشق وانقرة ايضا.
***
الصراع في سورية، في نظرالبعض، بدأ سنيا شيعيا، اسلاميا علمانيا، والآن يتحول الى صراع ذا طابع قومي، اي عربي كردي، وتركي كردي، وفارسي كردي، وعلى ضوء هذا التحول، قد يتم رسم خريطة التحالفات الجديدة او هكذا نتوقع اذا سارت الامور في هذا الاتجاه وفق المخطط المرسوم.
لا شيء يمكن استغرابه في الازمة السورية، ومثلما نلمس تبلور التحالف السوري الرسمي التركي بشكل متسارع هذه الايام، لن نفاجأ اذا ما وجدنا فصائل المعارضة السورية “المعتدلة” الموالية لتركيا في خندق النظام السوري جنبا الى جنب مع قوات “درع الفرات” فعملية الفصل بين المعارضة “المعتدلة والاخرى “المتشددة” اي “الارهابية” تسير على قدم وساق، والايام والاسابيع المقبلة حافلة بالمفاجآت.
الحكومة السورية تبدو هي الكاسب الاكبر، او هكذا يعتقد كثيرون، فأعداء الامس باتوا يطلبون ودها، والتحالف معها، والمغامرة التركية بالتدخل عسكريا عسكريا في سورية محفوفة بالمخاطر، والعرب الذين ضخوا المليارات، وآلاف اطنان الاسلحة في سورية، ومئات الآلاف من ساعات البث التلفزيوني، باتوا مهمشين، وفي ذروة الخوف والقلق، ولا نقول اكثر من ذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصراع في سورية هل يتحول من “طائفي” الى “قومي” وما هي ملامح الصفقة السورية التركية الجديدة الصراع في سورية هل يتحول من “طائفي” الى “قومي” وما هي ملامح الصفقة السورية التركية الجديدة



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib