إضراب فاشللماذا

إضراب فاشل..لماذا؟

المغرب اليوم -

إضراب فاشللماذا

عبد العالي حامي الدين

«حق الإضراب مضمون ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته»، هذا ما ينص عليه الدستور المغربي في الفصل 29 من الدستور، لكن منذ 1962 لم يصدر القانون التنظيمي الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق. وحسب معلوماتي، فإن بعض الأطراف النقابية كانت دائما تعارض إمكانية التوافق مع الحكومة حول مقتضيات قانون تنظيمي للإضراب..

طبعا، مشروعية الإضراب لا تنفي انعكاساته السلبية والأضرار التي يخلفها في حق الاقتصاد الوطني، خاصة عندما يتم الحديث عن إضراب عام، وهو ما ينعكس على المواطن في النهاية..

في بلادنا، أتذكر أن بعض النقابات القطاعية في الجماعات المحلية وفي المحاكم حوّلت الإضراب إلى عطلة مؤدى عنها، بحيث ابتداء من يوم الأربعاء تشل الحركة في هذه القطاعات ويتم تعطيل مصالح البلاد والعباد تحت غطاء المطالبة بحقوق بعضها مشروع وبعضها غير مشروع..

الإضراب العام الذي دعت إليه بعض المركزيات النقابية اليوم، اختلطت فيه المطالب النقابية المشروعة بالمزايدات السياسية لبعض الأحزاب وبمحاولة خلط الأوراق من طرف قوى سياسية أخرى، لا يجمع بينها رابط فكري ولا سياسي..كيف ذلك؟

أولا سبب نزول هذا الإضراب، ارتبط بمشروع إصلاح نظام التقاعد، بعدما وصل نظام المعاشات المدنية المسير من طرف الصندوق المغربي للتقاعد إلى عجز خطير يهدد بإفلاس الصندوق ويرهن حق الأجيال القادمة في الاستفادة من المعاشات، والأولوية اليوم، هي تقديم المصلحة العليا للوطن والدولة على الحسابات السياسية والانتخابوية الضيقة..

 ثلاث نقابات تعارض هذا المشروع، ودون أن تكلف نفسها عناء تقديم مقترحات بديلة، سارعت إلى الدعوة إلى إضراب عام وطني، يشارك فيه الموظفون ومستخدمو وعمال وأطر الوظيفة العمومية والجماعات الترابية ومؤسسات القطاع العمومي والشبه العمومي ذات الطابع التجاري والإداري والصناعي والفلاحي  والخدماتي، وشركات القطاع الخاص بكل القطاعات المهنية..يعني أنها دعوة إلى شل كل مرافق الدولة..!

الغريب أن نظام المعاشات المدنية الذي تقدمت الحكومة بمشروع إصلاحه، لا يهم سوى 600 ألف موظف، بينما تقرر النقابات دعوة أزيد من 10 مليون عامل للمشاركة في الإضراب العام!!

هذه الدعوة لا يمكن فهمها إلا في سياق الصراع الخفي الدائر بين النقابات والضغط الذي تتعرض له من طرف القواعد..

نقابات أخرى ساندت الدعوة إلى الإضراب العام، وهي في الواقع تمثل امتدادا لأحزاب سياسية مناهضة للتجربة الحكومية الحالية، ولا تريد لمشروع إنقاذ نظام التقاعد أن يكتب في صحيفة هذه الحكومة بعدما فشلت في إصلاحه عندما كانت في حكومات سابقة..

أما المجموعة الثالثة المساندة لهذا الإضراب فهي مجموعة هجينة لا يجمع بينها رابط فكري ولا سياسي سوى العمل على إضعاف التجربة الحكومية، دون طرح سؤال المآلات..

حزب الأصالة والمعاصرة الذي أوقفت مسيرات 20 فبراير مساره التحكمي، يحن إلى زمنه الرديء، وحزب الاستقلال / نسخة شباط والاتحاد الاشتراكي / نسخة لشكر، لم يعد لديهما ما يخسرانه بعدما فقدا مصداقيتهما وفقدا كل شيء..

أما جماعة العدل والإحسان وبعض المجموعات السياسية الراديكالية من توجهات سياسية مختلفة، فهي لا تعرف ماذا تريد، وفشلت في التموقع في الخيار الثوري كما فشلت في التحول إلى أحزاب تتبنى الإصلاح في إطار الممكن، ولذلك فهي تجد نفسها منخرطة في أجندة خيارات سياسية أخرى لا مشروع لها سوى التحكم والفساد لملأ الفراغ الفكري والسياسي الذي تعيشه..

لنذهب بالتحليل إلى نهاياته: هب أن الإضراب العام أسقط مشروعية هذه الحكومة..ثم ماذا بعد إسقاط الحكومة؟

هل يمتلك شباط ولشكر والباكوري الحلول السحرية لإنقاذ المغرب من أزماته وإرضاء النقابات؟

وماذا عن جماعة العدل والإحسان التي تعتبر بأن صراعها ليس مع الحكومة، لأن الحكومة لا تملك قرارها بيدها حسب تحليل الجماعة، هل تعتبر بأن انخراطها في الإضراب العام سيخدم أطروحتها السياسية في الإسقاط الجذري «للفساد والاستبداد»، أم أنها تعمل من حيث لا تشعر في دعم قوى الفساد والاستبداد، في غياب جاهزيتها لامتلاك سلطة القرار؟

جميع السيناريوهات تؤكد بأن الإضراب فاشل حتى ولو استجاب له عدد كبير من الناس..

لأن الأمور بمآلاتها في النهاية..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إضراب فاشللماذا إضراب فاشللماذا



GMT 18:07 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

...عندما تبدو النجوم

GMT 18:06 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

السابقة الكبرى

GMT 18:02 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

GMT 17:59 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

أعمال الخير ليست في بناء المساجد فقط

GMT 17:57 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

من سمّ عمانَ إلى صواريخ الدوحة

GMT 17:55 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

GMT 17:53 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي؟

GMT 17:50 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

بحيرة طبريا ونهاية الزمان

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 19:54 2018 السبت ,17 آذار/ مارس

الحجاب: فريضة أم أيديولوجية سياسية؟

GMT 09:32 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

"فيفا" يوصي بمتابعة اللاعب أشرف بنشرقي في "كأس العرب"

GMT 00:15 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

شركة صينية تكشف عن أول طرازاتها للسيارات الطائرة

GMT 03:22 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الألوان الجريئة تحتل قمة اختيارات ديكورات المنازل في 2019
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib