نحو ترسيخ تقاليد استطلاعات الرأي

نحو ترسيخ تقاليد استطلاعات الرأي

المغرب اليوم -

نحو ترسيخ تقاليد استطلاعات الرأي

عبد العلي حامي الدين

 المؤشرات العلمية لسبر آراء المواطنين وقياس درجات الثقة التي تتمتع بها المؤسسات السياسية هي من أفضل الوسائل لتحليل الواقع ومعرفته بشكل دقيق. في كثير من الأحيان يجتهد البعض في إطلاق أحكام كبيرة باسم المجتمع، لكنها في الواقع هي أحكام نابعة من تمثلات معينة للمجتمع ومن خلفيات فكرية وسياسية، وليس من قراءة متمعنة في الواقع. قياس الرأي العام ومعرفة توجهاته مفيد للحكومات ولصناع القرار قبل غيرهم، وهو مرتكز أساس يسهم في توجيه صناعة القرار الوجهة المناسبة في مختلف المجالات. القياس المنتظم لإرادة الناس المعبر عنها في استطلاعات ميدانية علمية، سواء بعد اتخاذ قرارات معينة ذات طبيعة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، أو قبل اتخاذها، أصبح ضرورة بالنسبة إلى الحكومة لتفادي الاصطدام بإرادة الناس ورفضها لتبعات قرارات معينة، أو رفضها لاتخاذها بكيفية معينة، أو رفضها لتوقيت تطبيق القرار، ولذلك فقد أصبحت مراكز الاستطلاع في الدول المتقدمة، خاصة في الغرب، من الأدوات الرئيسية لصانع القرار ومن أسرار نجاحه. في المغرب هناك فقر في التأطير القانوني لهذه العملية، لكن مع ذلك هناك محاولات معتبرة لم تصل إلى درجة ترسيخ تقليد اجتماعي وسياسي يقدر معنى وقيمة آراء الجمهور من خلال تقنية استطلاعات الرأي مع الحكومة الحالية انتعشت العديد من المؤسسات والجهات الإعلامية في تنظيم استطلاعات بشكل غير مسبوق، وازدادت درجة المتابعة من طرف عدد من المواقع الإلكترونية التي تنظم استطلاعات للرأي مفتوحة لقياس درجة تفاعل الرأي العام مع عدد من القرارات الحكومية، بغض النظر عن مصداقية العديد منها. خلال الأسبوع المنصرم، وللمرة الثانية، قامت إحدى المؤسسات بتنظيم استطلاع للرأي حول حجم الثقة التي تتمتع بها الحكومة الجديدة في المغرب. الاستطلاع في نسخته الثانية تم إنجازه خلال شهر يناير من هذه السنة، وشمل 1067 مواطنا مغربيا تم استجوابهم عن طريق الأنترنت. وبغض النظر عن مدى تمثيلية العينة المنتقاة للساكنة المغربية، فإن الأرقام المعبر عنها تتضمن دلالات مهمة من الناحية السياسية. فدعم الشباب الأقل من 24 سنة بنسبة 81 في المائة، يعكس نسبة كبيرة، وهو رقم له دلالة خاصة، كما أن معدل الثقة في رئيس الحكومة، الذي تم التعبير عنه في 53 في المائة، هو رقم محترم، خاصة أن الحكومة اتخذت عددا من القرارات التي من الطبيعي أن تمس بشعبيتها. الأرقام المعبر عنها خلال هذا الاستطلاع تعكس تفهما كبيرا للرأي العام للقرارات التي اتخذتها الحكومة، لكن وجب على الحكومة الانتباه إلى نسبة التراجع وقراءتها قراءة سياسية صحيحة بعيدا عن الخطاب المفرط في الثقة. هناك بالفعل غاضبون من القرارات التي تتخذها الحكومة، ليس لأنهم غير مقتنعين بضرورتها، ولكن لأنهم يعتبرون أن كلفة الإصلاح لا ينبغي أن تتحملها الفئات الشعبية والطبقات المتوسطة فقط، ولكن لا بد من مساهمة الجميع في تحمل كلفة الإصلاح، بما فيها فئة الأغنياء وطبقة رجال الأعمال التي استفادت من فرص اقتصادية مهمة في أزمنة سابقة، ومن واجبها تحمل كلفة الإصلاح في زمن الأزمة. القلق الذي يشعر به عدد من المواطنين جراء القرارات الحكومية الأخيرة، لا يعني أنهم يفضلون بديلا سياسيا آخر، وهو ما يعتبر عامل ضعف بالنسبة إلى هذه الحكومة على عكس ما يعتقد البعض، لأنه في غياب معارضة قوية ذات مصداقية تزداد مهمة الإصلاح تعقيدا في المغرب على عكس ما يعتقده البعض، لأن الحكومة تصبح في مواجهة أصحاب المصالح ومراكز النفوذ. المشكلة أن المعارضة الحالية تبذل كل ما في وسعها للتحالف مع أصحاب المصالح ومراكز النفوذ ضد التوجهات الإصلاحية للحكومة، وهو ما يزيد في تأزيم وضعيتها ويجعل أداءها بالفعل مثيرا لاستشعار المخاطر التي تهدد مستقبل الديمقراطية في المغرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحو ترسيخ تقاليد استطلاعات الرأي نحو ترسيخ تقاليد استطلاعات الرأي



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib