أخطار استقلالية النيابة العامة

أخطار استقلالية النيابة العامة

المغرب اليوم -

أخطار استقلالية النيابة العامة

عبد العالي حامي الدين

بعد مرحلة التشاور والإنضاج دخل مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى المرحلة التشريعية..

إشكالية النيابة العامة في علاقتها بالسلطة التي تتبع لها تتطلب نقاشا مجتمعيا، وهو نقاش يهم جميع المواطنين وليس محصورا داخل منظومة العدالة، وعلى المؤسسة التشريعية أن تتحمل مسؤوليتها في استلهام منطوق وروح الدستور في هذا النقاش..
الوثيقة الدستورية لم تكن واضحة تجاه «السلطة»، التي تتبع لها النيابة العامة، ما فتح الباب أمام تأويلات متعددة لا تستحضر باقي مواد الدستور.
بالرجوع إلى طبيعة النيابة العامة وخصائصها في الدول الديمقراطية، ينبغي التأكيد بأن النيابة العامة مختلفة عن قضاء الحكم، فالنيابة العامة هي ذلك الجهاز الذي يُحقق ويبحث عن الأدلة، ويختص في الدعوى العمومية ويُسمى جهاز اتهام وادعاء.. النيابة تعمل عمل الشرطي من خلال مباشرتها للدعوى العمومية، وهو ما يمس عمق الحريات الفردية والجماعية، والتي من المفروض أن تُحاط بضمانات المسؤولية والمحاسبة، بينما قضاء الحكم، يبقى سلطة مستقلة لأنه مكلف بالفض في المنازعات بناء على القانون..وهو ما يعني أن هناك فرقا واضحا بين هذه المهمة وبين مهمة الادعاء أو الاتهام، بل إن مهام النيابة العامة يمكن أن يمارسها موظفون، ولذلك، فإن القانون المقارن والمواثيق الدولية لا تستعمل في الغالب كلمة «قضاة» في الحديث عن النيابة العامة، بل تكتفي بعبارات مثل: «موظفون أو ممثلون أو أعضاء في النيابة العامة»، كما أن القانون الفرنسي يتحدث عن: magistrats de parquet وليس عن juges .. في إسبانيا مثلا يقوم موظفون إداريون بمهام النيابة العامة، ويتمتع المدعي العام بالعضوية في الحكومة.
الدستور الجديد جعل وزير العدل عضوا في المجلس الأعلى للأمن، ولم يقل إن الوكيل العام لمحكمة النقض يتمتع بهذه العضوية، وهذه إشارة واضحة، إلى طبيعة السلطة التي ينبغي أن تتبع لها النيابة العامة، إذ لا يعقل إدخال وزير العدل في المجلس الأعلى للأمن وهو لا يملك أي صلاحيات تجاه النيابة العامة.
إن مقترح إسناد النيابة العامة بالكامل للوكيل العام للملك بمحكمة النقض، سيسقطنا في وضع أخطر مما كنا ننتقده في السابق مع تولي وزير العدل لهذه المهمة، لأنه سيصبح الشخص الذي يتابع القضاة ويحضر المجالس التأديبية ويناقش ويشارك في اتخاذ القرار وينتظر الطعن في القرار ليكون حاضرا مرة أخرى..
إن الصعوبات التي كانت تعترض سبيل ممثلي النيابة العامة عند الامتناع عن تطبيق التعليمات، والتي يعتبرونها غير قانونية نظرا إلى السلطة التي يمارسها الرؤساء من خلال التأثير على الترقية المهنية والتنقيط، أصبحت منتفية بالاعتبارات الدستورية الجديدة التي قيّدت التعليمات بالكتابة وبالقانون، كما جعلت المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤسسة مستقلة عن وزير العدل، وهو ما يشكل ضمانات حقيقية ضد محاولات التحكم الشفوية خارج إطار القانون، والتي كان يصعب رصدها أو الطعن فيها سابقا..
الكلمة للبرلمان .. فلنتابع..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخطار استقلالية النيابة العامة أخطار استقلالية النيابة العامة



GMT 18:07 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

...عندما تبدو النجوم

GMT 18:06 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

السابقة الكبرى

GMT 18:02 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

GMT 17:59 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

أعمال الخير ليست في بناء المساجد فقط

GMT 17:57 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

من سمّ عمانَ إلى صواريخ الدوحة

GMT 17:55 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

GMT 17:53 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي؟

GMT 17:50 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

بحيرة طبريا ونهاية الزمان

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 19:54 2018 السبت ,17 آذار/ مارس

الحجاب: فريضة أم أيديولوجية سياسية؟

GMT 09:32 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

"فيفا" يوصي بمتابعة اللاعب أشرف بنشرقي في "كأس العرب"

GMT 00:15 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

شركة صينية تكشف عن أول طرازاتها للسيارات الطائرة

GMT 03:22 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الألوان الجريئة تحتل قمة اختيارات ديكورات المنازل في 2019
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib