إيران على الجبهات السعودية

إيران على الجبهات السعودية

المغرب اليوم -

إيران على الجبهات السعودية

عبد الرحمن الراشد


في كل الاتجاهات تجد بصمات إيران.. نشاطها محموم في عموم المنطقة، تحيط بشكل أكثر بالسعودية.. في العراق واليمن والخليج، وكذلك في سوريا ولبنان، وفي مجالات السياسة والإعلام والنفط والسلاح والدين. فهل هي مواجهة واسعة، أم إن الظروف المضطربة للمنطقة نتيجة فوضى الربيع العربي وانهياراته، هي الفاعل الوحيد، والجميع يدور في فلكها رغما عنه؟!
الخلاف مع إيران قديم، بعضه موروث، وأكثره يعبر عن سياسة القيادة الإيرانية التي لا تكتم سر طموحها التوسعي منذ وصولها للحكم، عندما توعدت صراحة بأن تصدر ثورتها إلى المنطقة. إنما رغم الحماس والدعاية، فإن الأمر استغرق منها 34 عاما حتى تتمدد. ولو حسبنا الزمن، والأحداث الجسام، والتكاليف البشرية، والمادية، فإن المكاسب الإيرانية متواضعة مقارنة باستثمار استهلك منها ثلاثة عقود.
وقد سبق أن التقت الرياض وطهران، في أعقاب مواجهة غزو صدام حسين للكويت، وعقدا اتفاق مصالحة في زمن الرئيس الإيراني هاشمي رفسنجاني، وبالفعل انتهت التوترات بما فيها المعارضة، والاختلافات السياسية. لكن المصالحة لم تدم أكثر من خمس سنوات حتى اكتشف السعوديون أن الجار الإيراني لم يكف عن نشاطه التصديري، لذا أعيدت المصالحة إلى الثلاجة. إيران الآن في حالة هجوم لا مثيل لها في تاريخنا المعاصر، حيث تقاتل مباشرة في سوريا والعراق، وتنشط بالنيابة في لبنان وغزة واليمن والبحرين. ولها وجود في السودان، رغم أن البشير يزعم أنه أغلق المكاتب الإيرانية.
وبسبب هذا التطويق الواضح من إيران، نرى السعودية في حالة دفاع عن مناطقها التقليدية، مرة مباشرة كما في البحرين، وغالبا بدعم الحلفاء كما في اليمن وسوريا. واليمن آخر محطاتها، التي لا أتصور أن طهران قادرة على النجاح فيها، مهما بذلت عبر المتمردين الحوثيين واستخدمت الرئيس المعزول صالح، فهي منطقة قريبة اجتماعيا وسياسيا من السعودية، وستكلف إيران أكثر مما تتخيل مع مرور الوقت وتعمق النزاع. وسيجد الفرقاء الخارجيون، مثل الدول الغربية، أن توسع شهية النظام الإيراني وتمددها في المنطقة ليس خطرا على دول مثل السعودية ومصر والبقية من الدول الإقليمية المتضررة فقط، بل يستهدف أيضا مناطق الاستقرار، ويدعم جماعات العنف التي تهدد العالم. وهذه طبيعة النظام الإيراني منذ الثمانينات، الذي يقلد النموذج السوفياتي القديم، بدعم ما كان يسميه «حركات التحرر في العالم الثالث»، بهدف ضرب الأنظمة التي لا تتفق مع خطه السياسي. فقد ركزت إيران في دعمها على التنظيمات في المنطقة ضد المراكز، حتى في لبنان أبقت على حزب الله تنظيما تابعا لها ودعمته وأضعفت النظام المركزي رغم أنه لا يعارض التوجهات الإيرانية في محيط لبنان، وكذلك فعلت مع حماس ضد السلطة الفلسطينية مع أنها لم تعاد إيران، وساندت الحوثيين لسنوات مع أن نظام صالح حينها كان على علاقة جيدة مع طهران. ونراها أكثر وضوحا والتزاما في العراق، حيث تدعم الميليشيات والأحزاب الموالية لها أكثر من دعمها للحكومة المركزية، وهي وراء فكرة ميليشيات «الحشد الشعبي» هناك بديلا للجيش الذي يتشكل من القوى العراقية التي لا تتفق كلها مع إيران.
وفي أجواء المعارك، التي لا دخان لها بين الجارتين السعودية وإيران، تتشكل المنطقة بهدوء من أحلاف، وفي هذا الإطار تعيد كل القوى تقييم قدراتها العسكرية وتعزيزها في سباق تسلح محموم. ودون أن تتوقف إيران عن التوغل في عمق شرق الخليج وما وراءه، وما لم تقبل بحلول للنزاعات الضخمة مثل سوريا، فإننا سنرى ارتفاعا في المواجهات عددًا وحدة، وسيرتفع التوتر بدرجة لن يكون سهلا معها السيطرة على الخلافات ومخلفاتها لاحقا. أما لماذا نطلب من إيران أن تتوقف، وليست السعودية؟ فالسبب هو أن نظام طهران دائما في حالة هجوم، والرياض في حالة دفاع، كما حدث في مصر، ويحدث اليوم في اليمن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران على الجبهات السعودية إيران على الجبهات السعودية



GMT 18:07 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

...عندما تبدو النجوم

GMT 18:06 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

السابقة الكبرى

GMT 18:02 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

GMT 17:59 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

أعمال الخير ليست في بناء المساجد فقط

GMT 17:57 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

من سمّ عمانَ إلى صواريخ الدوحة

GMT 17:55 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

GMT 17:53 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي؟

GMT 17:50 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

بحيرة طبريا ونهاية الزمان

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم
المغرب اليوم - 39 شهيدا منذ الفجر وتجدد القصف الجوي والمدفعي على غزة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 19:54 2018 السبت ,17 آذار/ مارس

الحجاب: فريضة أم أيديولوجية سياسية؟

GMT 09:32 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

"فيفا" يوصي بمتابعة اللاعب أشرف بنشرقي في "كأس العرب"

GMT 00:15 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

شركة صينية تكشف عن أول طرازاتها للسيارات الطائرة

GMT 03:22 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الألوان الجريئة تحتل قمة اختيارات ديكورات المنازل في 2019
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib