المتطرفون وإفساد العلاقة بين الناس

المتطرفون وإفساد العلاقة بين الناس

المغرب اليوم -

المتطرفون وإفساد العلاقة بين الناس

عبد الرحمن الراشد

صديقي الراحل صالح العزاز كان يعالج من مرض السرطان في مدينة هيوستن الأميركية، عندما وقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، التي هزت المجتمع الأميركي حينها. كنا قلقين أن تنسحب الأخبار السيئة على العامة من الأميركيين نتيجة الغضب والتحريض، وأن تؤثر على علاقة المجتمع هناك بعموم العرب والمسلمين المقيمين، والدارسين والسياح.

اتصلت به، وسألته إن كان هناك خطر عليهم، أو مضايقات، بعد مرور بضعة أسابيع من تلك الأحداث المروعة. فاجأني بأن كل من حوله كان متعاطفا معه، في الحي والعيادة. روى لي كيف أن جاره، الذي لا يعرفه، في الحي، زارهم في البيت ليطمئن عليهم، وعرض عليه أن يقل أطفاله كل صباح للمدرسة مع أطفاله، فيما تأخذه زوجته لإكمال علاجه. مثل هذه العلاقة الإنسانية بين الناس هي ما يريد الإرهابيون والمتطرفون تخريبه، وهناك العديد من القصص المفرحة عن العلاقات الرحيمة التي تلت أحداث باريس، والهيجان المفرط من قبل متطرفين على الجانبين. وكان لكلمة الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، تأثير إيجابي، حيث دافع فيها عن الجالية المسلمة في بلاده، ونزهها عن الإرهاب، وأن التنظيمات الإرهابية قتلت من المسلمين أكثر مما أصابت غيرهم. فهدف تنظيم داعش، وقبله تنظيم القاعدة، هو تحريض المسلمين ضد غيرهم، وإشعال حريق في المجتمعات المختلطة، ضمن مفهوم إيقاع الصدام الذي يحدثونه في كل مجتمع يندسون فيه.

ومع هذا، وقعت حوادث كثيرة من قبل العنصريين الذين يريدون الاستفادة من جريمة تنظيم «القاعدة في اليمن» في تأليب الرأي العام الفرنسي، وغيره، الغاضب، للانتقام من المسالمين من المسلمين وغيرهم. فقد احتفل الفرنسيون برواية مناقضة لما فعله مسلحو «القاعدة» الذين قتلوا اثني عشر شخصا في هجومهم على المجلة الفرنسية، ففي مقابل الأشرار المسلمين كان هناك أبطال مسلمون أعظم منهم، كالشرطي المسلم الذي قتله الإرهابيون وهو يطاردهم، والثاني بقال مهاجر، اقتحم دكانه مسلّح وقتل أربعة متسوقين. وقد قررت الحكومة الفرنسية إقامة احتفال تكرم فيه المسلم المالي، لأنه خاطر بحياته وأخفى متبضعين طلبوا عونه، بينهم يهود، وخبأهم في ثلاجة المتجر من الإرهابي الذي اقتحم المحل. وقد وعدته الحكومة بمنحه الجنسية الفرنسية، واحتفت ببطولته، وعممت قصته عبر وسائل الإعلام.

وما بين تطوع الجار الأميركي لنقل أبناء الصديق صالح، رحمه الله، إلى مدرستهم، وما فعله البقال المسلم للفرنسيين، تعبير عن حقيقة جوهر الناس وطيبتها وإنسانيتها، فمن عادتها أن تتعايش كفرق ونحل وأفكار. وفي الوقت نفسه ندرك أن للإعلام قوة يمكن تسييرها للخير أو الشر. يستطيع أن يداوي العلاقات ضد الكراهية والعنصرية. فما تحاول أن تفعله تنظيمات مثل «داعش»، هو استخدام الإعلام من أجل تأجيج الرأي العام المسلم ضد خصومها، تحت ذرائع يسهل اختيارها أو اختلاقها، وافتعال الصدام، وهي تعلم أن الإعلام خير ماكينة لتعميم الصور، والدموع، والغضب، والتحريض، وتبادل الشتائم، ونقل المعركة إلى الأحياء والبيوت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتطرفون وإفساد العلاقة بين الناس المتطرفون وإفساد العلاقة بين الناس



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:39 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib