بلد المليون سائق

بلد المليون سائق

المغرب اليوم -

بلد المليون سائق

بقلم : عبد الرحمن الراشد

الرقم ليس بعيداً عن الحقيقة، ومع بقية العمالة المنزلية يتجاوز العدد المليون ونصف المليون، يعمل معظمها لدى الأسر في السعودية، التي تستنزف مداخيلها. إنما مع إنهاء الحظر لم تعد هناك أسباب قاهرة لتوظيفها.
120 ألف امرأة تقدمن بطلب رخصة قيادة فور فتح الباب وإنهاء الحظر، رقم يعبر عن التأييد الشعبي الذي لم نكن واثقين منه قبل ذلك، نظراً لأن السماح للمرأة بقيادة السيارة كان إشكالية دينية واجتماعية لفترة طويلة من الزمن.
إصلاح أوضاع العائلة السعودية الاجتماعية والاقتصادية يَصب في مصلحة الاقتصاد المحلي أيضاً، حيث إن الهدر المالي عليها أو بسببها ضخم جداً. بسبب منع الاحتفالات، والحفلات، والسينما كانت مئات الآلاف من العائلات تضطر إلى السفر إلى الخارج بحثاً عن الترفيه، وبسبب تضييق الأنظمة الحكومية على المهن التي توظف المرأة جلست عشرات الآلاف من النساء المؤهلات بلا عمل، ولا مصدر للدخل. كل هذا يتغير اليوم بشكل تدريجي. قبل عامين لم تسمح سوى بضعة محلات بتوظيف النساء في سوق «البحر الأحمر مول» في جدة، اليوم تقريباً النساء العاملات فيه هن الأغلبية والرجال هم الأقلية. وغالباً جاء توظيفهن على حساب العمالة الأجنبية.
خلال هذا العام شمل فتح التوظيف للنساء مجالات عمل حكومية واسعة؛ الشرطة، والمرور، وشركات التأمين والحوادث، والجوازات، إلى جانب مباشرة النساء السعوديات في العمل في سيارات الأجرة الخاصة ونحوها. ورأينا في الأشهر الماضية نساءً سعوديات يعملن لأول مرة في خدمات المطارات والفنادق والمطاعم وإن كان عددهن محدوداً. وعرض بنك «التنمية الاجتماعية» الحكومي على النساء منحهن قروضاً رخيصة لشراء سيارات أجرة خاصة مثل «أوبر» و«كريم»، كما تسابقت وكالات السيارات التجارية لتقديم عروض مماثلة وبدأت بتوظيف النساء في معارضها.
هذا التجاسر الحكومي النادر من نوعه في تاريخ السعودية على كسر المحظور اجتماعياً نراه يحقق نتائج سريعة ومدهشة، ويقود المجتمع عموماً نحو التغيير، وكل ما رأيناه حتى الآن يقابل بشكل إيجابي وسلمي وسلس. ولا بد أن السلطات الرسمية كانت قد وضعت في حسبانها الكثير من الاحترازات تحسباً لردود الفعل السلبية الرافضة، ولا بد أنها نشرت آلافاً من رجال الشرطة العلنية والسرية في أنحاء البلاد لضمان تطبيق النظام، والحفاظ على السلم الاجتماعي. وقد مر التغيير بسلام. وسبق ذلك أن الحكومة، بتوجيه من الملك سلمان، أنجزت قانوناً ضد التحرش يحمي الجميع، والنساء بشكل خاص، يعاقب المخالفين بقسوة. ويقول أحد المسؤولين في الشرطة: كنا نترقب وقوع أي مخالفات تحرش من أجل إيقاع العقوبة فوراً وذلك من أجل جعل الفاعل أمثولة، لكننا لم نرصد ولا حالة واحدة.
والذين ينظرون بتهكم إلى التغيير، عدا عن جهلهم بالظروف التاريخية والتقاليد المحلية من موروثات من الممارسات الخاطئة، لا يدركون أنه ليس سهلاً مواجهتها. وهو مماثل لما واجهته السلطات الأميركية المحلية في الولايات بعد أن كانت تسمح بالتمييز العنصري، وتمنع السكان غير البيض من الدراسة والتنقل والعمل والأكل في الأماكن نفسها مع البيض. أميركا كبلد حضاري، عانى ولا يزال يعاني، من الموروثات الاجتماعية السيئة، وهذا هو الحال في السعودية تجاه المرأة. لكن الفارق كبير جداً. نعم هناك جيوب من المواطنين كبيرة لا تزال ترفض مبدأ توظيف المرأة في الأماكن العامة المختلطة وتستنكر قيادتها السيارة، لكن ورغم هذه المشاعر العميقة، رأيناها تعاملت باحترام مع القرارات الملكية في السنتين الماضيتين. وهذا يذكرنا بالاحتجاجات الاجتماعية الواسعة من قبل المحافظين ضد تعليم المرأة في أواخر الستينات، وعندما ذهبوا لملاقاة الملك فيصل، رحمه الله، أجابهم بعبارة لا تزال تتردد إلى اليوم: «لستم مجبرين على تدريس بناتكم لكننا سنفتح المدارس». وبعد سنوات قليلة كلهم انخرطوا في التعليم، واليوم صار عدد الطالبات في الجامعات السعودية أكثر عدداً من الطلاب.
توقفت حركة التغيير الاجتماعي الإيجابي مع ظهور تيار الصحوة الدينية في السعودية في مطلع الثمانينات، ولم يتم تحدي الجماعات المتطرفة والمحافظة وتشغيل قطار الإصلاح الاجتماعي إلا حديثاً. عدا عن إصلاح التشوهات المجتمعية وتعزيز الاقتصاد المحلي، فإنها أيضاً تنهي معاناة النساء، وقلة من الناس تعرف عنها، وعن معاناة المرأة في ظل الأوضاع السابقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلد المليون سائق بلد المليون سائق



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 05:02 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تمتع بأشهى الوجبات الإيطالية واليابانية في جزيرة "ياس"

GMT 23:32 2023 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

المؤشر نيكي الياباني يفتح مرتفعا 0.71%

GMT 04:20 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

الشاي الأزرق اكتشاف سعودي يحمي من مخاطر صحية جمة

GMT 05:48 2020 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

دينا أقصبي تحقق حلمها رفقة المغني العالمي مالوما

GMT 12:40 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

"سابك" تحقق صافي أرباح 21.54 مليار ريال في 2018

GMT 13:20 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

منتخب يد مصر يطير إلي الدنمارك لخوض منافسات كأس العالم

GMT 18:24 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

أحمد القاضي يؤكّد أن مواليد "الحمل" سيواجهون تحسنًا كبيرً

GMT 06:09 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المتحدث باسم أبو الغيط يدين انتهاك تركيا لسيادة العراق

GMT 17:52 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أكبر منجم فضة في العالم يتحول إلى فندق فاخر

GMT 06:16 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أمينة خليل تُؤكّد أنّ شخصيتها في "ترانيم إبليس" مفاجأة

GMT 01:27 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

هند صبري "سعيدة" بالاشتراك في"الفيل الأزرق 2"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib