خروج الأميركيين وبقاء الإيرانيين

خروج الأميركيين وبقاء الإيرانيين

المغرب اليوم -

خروج الأميركيين وبقاء الإيرانيين

بقلم - عبد الرحمن الراشد

عدا عن القضاء على تنظيم داعش، لم يكن لوجود القوات الأميركية دور حاسم في الحرب السورية. مع هذا فإن انسحابها سيسهل على النظام الإيراني إكمال الفصل الختامي بالاستيلاء الكامل على سوريا، والسيطرة على العراق ولبنان.

الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، فاجأ الجمع المحتشد في أوهايو بقوله «سنسحب قواتنا من سوريا»، وأبلغ مستشاريه «سنغادر إذا قضينا على جيوب (داعش)» المتبقية. وفي نفس الوقت، الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، قيّم الوضع في سوريا، موضحاً أنه، وإن يبدو بشار الأسد باقياً رئيساً فإن عليه ألا يظل تحت سيطرة الإيرانيين وعليه إخراجهم. وأن الوجود الأميركي يوقف مشروع الطريق السريع من إيران إلى لبنان عبر العراق وسوريا.

الوضع اليوم في سوريا مثل ثوب ممزق؛ روسيا لها قواعد في مناطق نفوذ النظام. والولايات المتحدة اختصرت وجودها في سوريا في مقاتلة «داعش»، وأنها لن تتدخل في حرب السوريين بعضهم بين بعض. وإسرائيل معنية في «ما قد يهدد أمنها» من الإيراني وميليشياته. وتركيا، هي الأخرى، اهتمامها في مطاردة الأكراد إلى ما وراء حدودها داخل سوريا. ورغم الخسائر التي أصابت الجيش السوري الحر بقيت بعض فصائله صامدة في مناطقها، وقد خيّبت توقعات الكثيرين الذين أعلنوا وفاتها. أما التنظيمات الإرهابية، مثل «جبهة النصرة»، فقد هُزمت، وشُتت، لكن لم يُقضَ عليها تماماً. وظل الأسد واقفاً مستنداً إلى قوتين؛ قوات أرضية إيرانية، وقوة جوية روسية.

ويصعب على أغلبية الناس في العالم العربي، وعلى وجدانها، أن تتقبل فكرة بقاء بشار الأسد حاكماً بعد كل ما فعله. الأمير محمد في حديثه لمجلة «تايم» كان يتحدث عن الوضع كما هو، وهو أن وجود الأسد حقيقة، داعياً إلى ألا يكون واجهة لإيران وميليشياتها.

فوراً، يخطر على البال سؤالان جوهريان: هل بمقدور الأسد طرد الإيرانيين من سوريا؟ والثاني: لو فعل، وخرجوا، هل يستطيع البقاء من دون عونهم؟
في سبيل السيطرة على سوريا خسرت إيران آلافاً من مقاتليها ومقاتلي ميليشياتها التابعة لها، وأهدرت مليارات الدولارات. ولو تم إخراج قاسم سليماني، وقواته الإيرانية وميليشياته من سوريا، فهذا سيعني أيضاً إضعافهم في لبنان والعراق.

وإخراجهم من سوريا سيكون له تداعيات على الداخل في إيران، فمنذ أربع سنوات والنظام يقول إن حربه ضرورة لحماية النظام الإيراني نفسه، وإنها مسألة بقاء له. وقد لا يكون ذلك بعيداً عن الحقيقة، خصوصاً في ظل تكرر الانتفاضات الشعبية في شوارع المدن الرئيسيّة في إيران.

الاختبار الثاني: ماذا لو أن الأسد أمر الحرس الثوري الإيراني، وميليشياته اللبنانية والعراقية والأفغانية وغيرها، بمغادرة أراضي سوريا، واحتمى بالأمم المتحدة والقوى الكبرى لتنفيذ قراره، هل يستطيع النظام السوري المتهالك البقاء من دونهم؟ أشك في ذلك. فمعظم الذين قاتلوا المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية، وهي من ضواحي دمشق، كانوا من إيران و«حزب الله» اللبناني والعراقي، والروس يقومون بالهجوم الجوي. فإذا كانت قوات الأسد عاجزة عن إدارة وتنفيذ معركة في أطراف العاصمة، فكيف ستدير وتحرس دولة بحجم سوريا ورثت عداوات وثارات من حرب السنوات السبع الماضية؟ ولا ننسى أن معظم قوات النظام الأمنية والمسلحة الأخرى اندثرت في الحرب، نتيجة انشقاقات واسعة، وخسائر بشرية، وهروب العديد إلى الخارج ممن بلغوا سن الخدمة العسكرية.

حتى لو أراد الأسد بدء صفحة جديدة، ووافق الجميع على إنهاء النزيف، فإنه لا أحد سيصدق أيَّ وعد بخروج قوات نظام طهران التي ستماطل، وقد حفرت لنفسها خنادق وقواعد تشير إلى أنها تنوي الإقامة في سوريا. كبداية، قد يتطلب الأمر حلاً دولياً يعتبر وجود القوات الإيرانية قوة احتلال ويأمرها بالخروج.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خروج الأميركيين وبقاء الإيرانيين خروج الأميركيين وبقاء الإيرانيين



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 00:09 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الأوروبي ... أوهام ديغولية

GMT 04:42 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عن التيار المدني، بشقية المحافظ والعلماني

GMT 04:40 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اليمن بين الإنسانية والسياسة

GMT 11:28 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن الإقليمى و«مصالح أهل المنطقة»

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 19:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال
المغرب اليوم - أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 05:24 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 19:51 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل افتتاح بنكهة أفريقية للشان في المغرب

GMT 13:32 2025 الثلاثاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أنشيلوتي يطمح لقيادة البرازيل نحو لقبها العالمي السادس

GMT 14:13 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تقنية ثورية للتحكم في النعاس أثناء القيادة من باناسونيك

GMT 04:57 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

ظهور دولفين مهجن آخر في هاواي

GMT 04:45 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يهدد اللاعبين الذين تراجع مستواهم

GMT 05:18 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

محمد جبور يعرب عن فخره بنجاح تصاميمه عالميًا

GMT 14:45 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

تصنيف “جامعة الرباط” في المرتبة 15 إفريقيّا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib