أهلا برئاسات العراق الجديدة

أهلا برئاسات العراق الجديدة

المغرب اليوم -

أهلا برئاسات العراق الجديدة

بقلم : عبد الرحمن الراشد

وفق الأعراف السياسية في النظام العراقي الجديد، الذي بدأ تطبيقه منذ 2006، وقع اختيار أغلبية البرلمان على الدكتور برهم صالح رئيساً للجمهورية والدكتور عادل عبد المهدي رئيساً للوزراء. وانتهت فترة إدارة حيدر العبادي رئيس الوزراء، التي نجحت في إنقاذ البلاد من التنازع الخطير الذي كان يهدد وحدة العراق حينها.

المحاصصة السياسية في العراق خلقت أعرافاً وليست قوانين تقضي بمنح الرئاسة للأكراد، ورئاسة الحكومة للشيعة، ورئاسة البرلمان للسنة. وليست بالنموذج السياسي الجيد، بل إن هذا النموذج يعزز الانقسام والطائفية والعرقية وقد يحمل في داخله مشكلات أكبر، لكنه رغم هذه المحاذير والثقوب، يظل هو القارب الذي يمكن أن ينقل العراق بسلام إلى الضفة الأفضل مستقبلاً. وانتخاب صالح وعبد المهدي خطوة إيجابية جداً، يمثلان ثنائية معتدلة مطلوبة في زمن الفوضى التي تحيط بالعراق، خاصة في الجارتين سوريا وإيران، وكذلك مع بقايا الفتنة اليقظة والنائمة داخل العراق، من جماعات إرهابية وميليشيات مسلحة.

كثيرون تنفسوا الصعداء بعد حسم التنافس وإعلان النتائج الرئاسية. وكلنا نتوق لأن نرى العراق مستقلاً عن التدخلات الخارجية ويتفرغ للتطوير الداخلي؛ عراق مستقل موحد عزيز، به تستطيع منطقة الشرق الأوسط أن تغلق جبهة من جبهات الفوضى التي تهدد الجميع أيضاً. نريد للعراق أن ينضم إلى مجموعة الدول المستقرة، ويلتفت إلى التنمية وتلبية حاجات مواطنيه الذين يعيشون في بؤس وحال صعبة، ليس من اليوم بل من أربعين عاماً.

فالاستقرار مشكلة العراق الموروثة منذ إسقاط النظام في مطلع الألفية، وقد زادت الصعوبات مع الفوضى وغياب السلطة المركزية وبسبب الإرهاب والتدخلات الخارجية وتزايد نفوذ الميليشيات المسلحة. ووفق آخر الإحصاءات الأخيرة، فإن عدد سكان العراق تجاوز الثمانية والثلاثين مليون نسمة، وبالتالي تزداد مشكلاته، وقد يحتاج إلى عشرين سنة من أجل تأمين حاجاته الأساسية من كهرباء وماء، وإنجاز البنية التحتية من طرق ومطارات وغيرها. فقد كان عدد السكان في عام 1979، مع تولي صدام حسين الحكم، 12 مليون نسمة وقد وجه الإنفاق نحو عسكرة الدولة والحروب.

بانتخاب صالح وعبد المهدي عّم المنطقة الارتياح، لأنه كان هناك قلق حقيقي من أن تتعطل العملية الانتقالية السياسية، ويحدث فراغ، ويتم التنازع على السلطة وتنقسم البلاد، وتأتي التدخلات الخارجية، وسيناريو سلبي آخر، أن تنتخب شخصيات ذات ولاءات أو ميول مرتهنة للخارج مثل إيران، ويقع العراق في ورطة كبيرة خاصة مع تطبيق العقوبات الأميركية على إيران. عرفنا الدكتور برهم صالح شخصية سياسية مجربة بعلاقاته الإيجابية الواسعة مع كل القوى الإقليمية والدولية. أيضاً الدكتور عادل عبد المهدي الذي تكرر ترشيحه في السنوات الماضية. ورغم الاحتجاجات الطبيعية والمتوقعة في نظام المحاصصة والتنافس الحزبي والإقليمي داخل العراق نفسه، فسيحتاج الأكراد إلى إصلاح علاقتهم مع المركز بعد محاولة الانفصال الفاشلة، وستحتاج بغداد إلى قيادة واضحة الرؤية بسياسة تبحر بها بعيداً عن الضغوط الإيرانية التي تجرب الاستفادة من العراق كامتدادها الجيوسياسي، لتكون مطية سياسية في مواجهة القوى الإقليمية، ومطية اقتصادية لغسل أموالها وبيع نفطها وكسر المحظور من الواردات، ومطية عسكرية لفيلق القدس وبقية قوى الحرس الثوري الإيراني الذي نجح جزئياً في استخدام بعض الميليشيات العراقية عسكرا رخيصين له يحاربون بالنيابة عن نظام خامنئي في سوريا واليمن وغيرهما.

الخلاف الأميركي الإيراني - على مخاطره وسيئاته - يمثل فرصة رائعة ونادرة للقيادة العراقية الجديدة للإبحار بالبلاد بعيداً عن المطامع الإيرانية. الجميع سينتظر سماع السياسة الجديدة من القادة الجدد في بغداد، والحديث بوضوح وجدية أن العراق للعراقيين ولن يكون طرفاً في النزاع ولن يسمح بأن يكون ممراً للحرس الثوري ولا سوقاً للتهريب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أهلا برئاسات العراق الجديدة أهلا برئاسات العراق الجديدة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 05:02 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تمتع بأشهى الوجبات الإيطالية واليابانية في جزيرة "ياس"

GMT 23:32 2023 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

المؤشر نيكي الياباني يفتح مرتفعا 0.71%

GMT 04:20 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

الشاي الأزرق اكتشاف سعودي يحمي من مخاطر صحية جمة

GMT 05:48 2020 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

دينا أقصبي تحقق حلمها رفقة المغني العالمي مالوما

GMT 12:40 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

"سابك" تحقق صافي أرباح 21.54 مليار ريال في 2018

GMT 13:20 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

منتخب يد مصر يطير إلي الدنمارك لخوض منافسات كأس العالم

GMT 18:24 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

أحمد القاضي يؤكّد أن مواليد "الحمل" سيواجهون تحسنًا كبيرً

GMT 06:09 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المتحدث باسم أبو الغيط يدين انتهاك تركيا لسيادة العراق

GMT 17:52 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أكبر منجم فضة في العالم يتحول إلى فندق فاخر

GMT 06:16 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أمينة خليل تُؤكّد أنّ شخصيتها في "ترانيم إبليس" مفاجأة

GMT 01:27 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

هند صبري "سعيدة" بالاشتراك في"الفيل الأزرق 2"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib