الوعود حيلة حلفاء الأسد

الوعود حيلة حلفاء الأسد

المغرب اليوم -

الوعود حيلة حلفاء الأسد

بقلم : عبد الرحمن الراشد

في سنين الحرب والمفاوضات، دأب حلفاء نظام دمشق على تخفيف الضغوط السياسية على أنفسهم ببيع الوعود، «لا تقلقوا، نحن نفكر جدياً في تغيير بشار الأسد من الرئاسة ووقف القتال». وبعد أسابيع يصدر توضيح في مقابلة في صحيفة ما، «لا يهمنا الأسد ونقبل بتغييره، لكن بعد أن تنتهي فترته الرئاسية حتى لا نخرق الدستور».

والدستور السوري لا يساوي الحبر الذي كتب به، والذي أصلاً لم يحترم في أي يوم مضى. وينتظر الجميع وتجرى الانتخابات في عام 2014 ويفوز الرئيس بالرئاسة في المسرحية المعتادة.

تمر الأيام وتشتد المعارك وتتراجع قواته، فترجع الضغوط وتظهر الوعود، «تحلوا بالصبر، نحن نبحث عن بدائل للنظام، أو على الأقل عن بديل للرئيس نفسه»، ثم بعد طول انتظار ومماطلة، يعلن حلفاء الأسد أنهم موافقون على مشروع حل سياسي يقوم على حكومة مشتركة مع المعارضة. وبعد أشهر من الرحلات يصدر توضيح بأن المعارضة هنا يقصد بها تلك التابعة للنظام، ولا علاقة لها بالمعارضة الحقيقية.

تعود الحرب إلى أسوأ من قبلها، وعند الهزائم أو ارتكاب الجرائم تظهر الضغوط من جديد فيعلن حلفاء النظام أنهم يتباحثون في أفكار جديدة لحل سلمي ويوحون بتغيير الرئيس. ولاحقاً يقدمون مشروعاً سياسياً جديداً، «نوافق على أن يقرر الشعب السوري من يريده رئيساً، بالانتخاب».

كلام جميل وعقلاني، ثم تأتي التفاصيل، الشعب المعني به الذين في مناطق سيطرة النظام، أما الستة عشر مليون سوري خارج سلطته هم إرهابيون. وهكذا، تنتكس الأمور وتعود الحروب والوعود. المعارضة لا تنتصر، والنظام لا ينتصر حيث لم يبق عنده من جيشه وقواته الأمنية إلا نسبة صغيرة، بسبب الانشقاقات والهروب والقتل. معظم قوات النظام حالياً هي كوكتيل من ميليشيات خارجية بترتيب وإدارة إيرانية.

تعلمنا ألا نصدق شيئاً من المشاريع السياسية الروسية والإيرانية، هي تكتيك تفاوضي يهدف إلى تهدئة الاحتجاجات الدولية، وتمييع المطالب، وامتصاص الحماس، ومع الوقت لا يحصل أحد على شيء.

أتصور أن هذا ما يحدث الآن في مفاوضات آستانة، التي تسربت معلومات منها تبعث على التفاؤل جداً، إلى درجة يشم منها أنها موجهة للاستهلاك الإعلامي. تزعم المصادر أن الروس وافقوا على استبدال الأسد، بل وطرحوا بدائل له! وسواء قالوها أو لا، فإن السنوات الماضية علمتنا أن الوعود أكاذيب وأكبرها أكذبها، هي وسائد للنوم ونسيان المطالب، لتعقبها براميل القصف المتفجرة، والتشريد، وتوسيع دائرة الفوضى في الجوار.

لنتأمل ونتساءل، هل يمكن أن يشعر حلفاء النظام السوري بالحاجة إلى حل سياسي معقول، ويتوقفون عن بيع مسرحيات الحلول السياسية الوهمية؟
هناك حالة واحدة، على الأقل، يمكن أن تضطرهم إلى الدخول في حوار جاد، وإنهاء الحرب. الحل في رفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية بالأسلحة النوعية. ستتغير المواقف إذا تحولت سوريا إلى مستنقع كبير للإيرانيين وميليشياتهم، وحينها ستضطر طهران إلى التفاوض الجاد.

الآن، الحرب بالنسبة لهم رخيصة نسبياً، كلما يموت ألف عراقي أو باكستاني أو لبناني يستبدلونهم بألف مقاتل جديد من هناك. لكنهم لا يفقدون طائرات ولا مدرعات، لأن أسلحة المعارضة بسيطة، بنادق وكلاشنيكوف AK47، والمحمول على الكتف من مضاد الدبابات RPG، وأسلحة مطورة محلياً، مثل hell canton «مدفع جهنم». وطالما أن خسائر الإيرانيين في سوريا، غالباً بشرية، ومن جنسيات أخرى، وتكاليفها السياسية عليهم زهيدة، فإنهم يستطيعون الاستمرار في مشروعهم الإقليمي، وستستمر الحرب هكذا إلى سنين.

المتحاربون، عادة، يضطرون إلى الصلح تحت ضغط خسائر المعارك، لكن الخسائر في سوريا في معظمها مقاتلون أجانب مستوردون لنظام الأسد، أو مدنيون على الطرف الآخر، الذين ترمى عليهم البراميل، أو يقذفون بالقنابل والصواريخ، دون أن يملكوا وسيلة للرد عليها. ولهذا السبب تحديداً نرى في الحرب السورية مشردين أكثر من بقية الحروب، تجاوز عددهم اثني عشر مليوناً، لأن وسيلة الدفاع الوحيدة المتاحة لهم هي الرحيل فقط.

إذا كان الهدف حلاً سياسياً معقولاً، فإن ذلك سيتطلب إعادة النظر في التعامل مع المعارضة، وتسليحها، بهدف إيصال الجميع إلى طاولة المفاوضات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوعود حيلة حلفاء الأسد الوعود حيلة حلفاء الأسد



GMT 09:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 06:06 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل لا تنوي التوقف

GMT 18:44 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

تخريب مشروع إنقاذ لبنان

GMT 07:06 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الصراع الإيراني الإسرائيلي المباشر

GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 03:56 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

الجيش السوداني يتهم حفتر بدعم هجمات الدعم السريع
المغرب اليوم - الجيش السوداني يتهم حفتر بدعم هجمات الدعم السريع

GMT 04:04 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

كندة علوش تكشف سبب إخفاء مرضها للمرة الأولى
المغرب اليوم - كندة علوش تكشف سبب إخفاء مرضها للمرة الأولى

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

الشرع يثير التفاعل بحديث رقيق عن زوجته
المغرب اليوم - الشرع يثير التفاعل بحديث رقيق عن زوجته
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib