ماذا سيحدث إن طرد العراق الأميركيين

ماذا سيحدث إن طرد العراق الأميركيين؟

المغرب اليوم -

ماذا سيحدث إن طرد العراق الأميركيين

عبد الرحمن الراشد
بقلم: عبد الرحمن الراشد

ليس هناك أفضل من الأحزان لاستمالة القلوب الغاضبة، هذا سبب الحماس المفرط في بغداد لمساندة قتلى المطار، وعلى رأسهم جنرال النظام الإيراني قاسم سليماني. تقريباً، كل السياسيين في الحكومة العراقية والبرلمانيين مغضوب عليهم شعبياً، عاشوا 3 أشهر صعبة يواجهون الاحتجاجات ضدهم، من ملايين العراقيين يطالبونهم بالرحيل ويتهمونهم بإفقار البلاد وإفسادها.

أمس صعّد السياسيون العراقيون فجأة ضد أميركا، يتسابقون للتعبير عن تضامنهم مع إيران وقتلاها، بالشكوى لمجلس الأمن، والسعي في البرلمان لإلغاء اتفاقيات التعاون الأمنية والعسكرية، والدعوة لطرد القوات الأميركية. ربما يرون فيها مناسبة لإنهاء احتجاجات الشارع ضدهم، والترتيب لإنهاء المظاهرات لاحقاً، دون الخوف من التدخل الأميركي الذي كان محتملاً إن سعوا لسحقها، آنذاك. الآن، مع الأزمة سيطول عمر الحكومة المستقيلة، وأعضاء البرلمان، وتعود الحياة إلى طبيعتها قبل الانتفاضة الشعبية.

الأزمة الخطيرة الحالية الأميركية الإيرانية هي نتاج المظاهرات الشعبية. بدأت الشرارة بتدخل إيران، عبر ميليشياتها العراقية، للقضاء على الاحتجاجات التي حملت شعارات «إيران برا برا». قتل قناصة الميليشيات عشرات المحتجين المسالمين، ورموا آخرين من المباني العالية، فردّ المحتجون العراقيون عليهم بإحراق القنصليات الإيرانية في كربلاء والنجف وتمزيق صور المرشد الأعلى خامنئي، والجنرال سليماني.

في ظل ثورة الشارع العراقي على حكومته، وعلى النفوذ الإيراني، تحولت ميليشيات إيران إلى قصف محيط السفارة الأميركية بالصواريخ، وقتلت أميركياً وجرحت آخرين في كردستان العراق، فردّت القوات الأميركية بقصف مركز إيراني على معبر الحدود العراقية مع سوريا يستخدم لتخزين صواريخهم ومقراً لقياداتهم. رد الإيرانيون بالهجوم على السفارة الأميركية في بغداد، ورفعوا أعلام «حزب الله العراق» على جدرانها، لتأتي ضربات درونز أميركية وتقضي على قائد «فيلق القدس» سليماني، المسؤول عن الميليشيات، الذي جاء قادماً من رحلة عمل، من سوريا ولبنان.

التسلسل أعلاه حقائق أحداث الأيام الخطيرة المتسارعة؛ تصعيد متبادل من الجانبين ولم يكن عدواناً غير مبرر كما يقول أصدقاء إيران في بغداد. لقد تقاعست السلطات العراقية عن حماية حليفها الأميركي، قواته وسفارته، فاضطر إلى أخذ الأمر بيده.

انحياز حكومة بغداد إلى صف طهران لن يخدم المصالح العراقية، ولا يفيد طهران في مواجهة الأميركان. ونظام طهران منذ فترة يريد السيطرة على مليارات العراق من النفط لتمويل عملياته العسكرية المكلفة في سوريا، ودعم «حزب الله» في لبنان. فوق ذلك، العراق حالياً يمول عشرات الآلاف من مقاتلي الميليشيات العراقية الذين يعملون لصالح إيران داخل بلدهم وخارجه. وفي حال تجرأت الحكومة المستقيلة، حالياً حكومة تصريف أعمال، على طرد الأميركيين عقاباً لهم على استهداف سليماني، فإنها ستعقد أوضاع العراق. سيهيمن عليه الإيرانيون، وسيرد الأميركيون بتطبيق عقوبات قاسية ضده. فالعراق لأول مرة منذ معاقبة نظام صدام على احتلال الكويت، صار ينتج 4 ملايين برميل نفط يومياً ويُمنح تسهيلات كبيرة، وهذه كلها قد تختفي وسيعود العراق بلداً محاصراً فقيراً، وستعمه الفوضى، نتيجة تورطه في مواجهة واشنطن اصطفافاً مع إيران. وفي الوقت الذي تخسر بغداد علاقتها مع الدولة الرئيسية الحامية لها، تكون طهران، بخلاف ذلك، قد شرعت في التفاوض مع واشنطن على أمل إنهاء الحصار الاقتصادي عليها.

بإمكان العراق أن يلعب دوراً إيجابياً بين الجانبين، بدل أن يتورط في الخلاف، فالأزمة الحالية فرصة جيدة لبغداد لأن تلعب هذا الدور، على اعتبار أن المواجهة بين الأميركيين والإيرانيين وقعت على أرضها.

 

قد يهمك ايضا
عام ليبيا واليمن وسوريا
نفاق ما بعده نفاق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا سيحدث إن طرد العراق الأميركيين ماذا سيحدث إن طرد العراق الأميركيين



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار

GMT 18:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وزير الرياضة يناقش خطة اتحاد الجودو في 2018

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 07:23 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"روائح مبعثرة" المجموعة القصصية الأولى للعسيري

GMT 05:34 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"سيات ليون كوبرا" ضمن أفضل 5 سيارات في "اليورو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib