الكويت وأزمة نصف الديمقراطية

الكويت وأزمة نصف الديمقراطية

المغرب اليوم -

الكويت وأزمة نصف الديمقراطية

عبد الرحمن الراشد

من الطبيعي جدًا أن تتعقد العلاقة بين السلطة والقوى السياسية المعارضة ضمن شرعية البرلمان والعمل السياسي في الكويت. فهي نصف ديمقراطية، فيها انتخابات، لكن ممنوع العمل الحزبي، وفيها أغلبية برلمانية إنما لا يحق للأغلبية تشكيل حكومة. وفي المقابل، للبرلمان، أي مجلس الأمة، سلطة تشريعية ورقابية على الحكومة، وثلث وزراء الحكومة منتخبون، وبالتالي لا يمكن وصفها بالديمقراطية المزورة التي عُرفت بها المنطقة. الكويت اليوم في أزمة، بل في أزمة مستمرة؛ 5 انتخابات في 6 سنوات! البرلمان حله الأمير بناء على طلب المعارضة. وقبلها استقال رئيس الحكومة الشيخ ناصر الصباح أيضا إرضاء للمعارضة، والآن الخلاف على توزيع الدوائر الانتخابية. ولا يمكن للنصف ديمقراطية أن تسير بلا مشكلات، ولا بد أن تبلغ مرحلة تنشد إكمال نصفها الثاني، وأظن أن كثيرين في الكويت مقتنعون بفكرة التطور الديمقراطي لدولة تمارس الانتخاب منذ نحو 40 عاما، بمن فيهم شخصيات سياسية في الدولة نفسها. أما لماذا لا يتم الإصلاح السياسي، أو لنسمه: التطور الديمقراطي؟ رأيي أن الجميع يُلامون؛ فلا القيادة السياسية ولا الدستورية تقدم مشروعا يكمل النصف الثاني، يساهم في بناء مجاميع حزبية، ويمنح القوى الفائزة حقها في المشاركة الحكومية، ولا المعارضة مستعدة للاعتراف بأن هياكلها القائمة لا تصلح أحزابا، مثل التجمعات الطائفية والقبلية. ولا يزال في الكويت، كما في كثير من الدول العربية الأخرى، القبيلة أقوى من العقيدة، والعقيدة أقوى من الوطنية. وبالتالي التنافس الديمقراطي يتحول إلى صراع بين قبائل وقبائل، وطوائف ضد طوائف، مما يلغي قيمة الديمقراطية. الظرف الزماني الحساس الذي ثارت فيه المعارضة، وعناوينها التي رفعتها، أقلقت النظام السياسي الكويتي وبقية دول الخليج. هل هي روح الثورة التونسية التي بدأت الربيع العربي، أم أنها روح الجماعات الإسلامية المرتفعة؛ الإخوانية والسلفية، التي انتصرت في تونس ومصر، وتعتقد أن هذا زمنها وفرصتها في الكويت وغيرها؟ من ظاهرة الديوانيات إلى المظاهرات، هذه المرة المعارضة رفعت سقف نشاطها، وخرجت إلى الشارع، وباتت تتحدى النظام، وليس فقط الحكومة، والنظام أيضا قرر من طرف واحد تغيير القواعد الانتخابية، مما دفع بالأمور إلى المواجهة، وزاد من مخاوف صدامات تفتح جبهة ساخنة ثانية في الخليج بعد البحرين. لكن الكويت ليست البحرين، على الأقل في هذه المرحلة، وإن كانت أزمة البحرين مشابهة للكويت، في تسلسلها؛ بدأت كحركة معارضة عامة، ثم تحولت إلى فئوية. رأيي أن العدو الأكبر للحركة الإصلاحية في الكويت هو التوقيت. الإيحاء بأنها امتداد للموج السياسي التغييري العربي يجعلها تخيف القوى التقليدية، التي قد لا تعارض الإصلاح والتطوير السياسي، إنما تخشى من لامحدوديته في الداخل والخارج. والخوف الثاني الشك في أنها جزء من ترتيب سياسي خارجي، تحديدا «إخوانيا»، أوحت انتصاراته لإسلاميي الخليج بالتحرك والاستقواء على الدولة وتغيير الأمر الواقع. ولذا تتهم بأن عناوين الإصلاح التي ترفعها مجرد وسيلة للسيطرة على الحكم، وليس من أجل بناء ديمقراطي حقيقي. هذه الهواجس والشكوك، كما سمعتها من الذين فضلوا البقاء على الحياد، تجعل المشكلة في التوقيت، وتدعو إلى عدم جمع الكويت مع البحرين في نفس السلة، وتحث المعارضة على تنزيه دعوات الإصلاح من دعوات التغيير الخارجية، وكذلك التأكيد على أنها ليست جزءا من عاصفة سياسية مدفوعة من الحركات الأممية الخارجية، إخوانية كانت أو غيرها؛ فهل الخلاف على الدوائر الانتخابية يستحق هذه المعركة والتأويلات؟ وإلى أين سيقود الكويت والخليج كله؟ نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت وأزمة نصف الديمقراطية الكويت وأزمة نصف الديمقراطية



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib