لسنا ضد مرسي أو الإخوان

لسنا ضد مرسي أو الإخوان

المغرب اليوم -

لسنا ضد مرسي أو الإخوان

عبد الرحمن الراشد

في رأي البعض من الإخوان أنها حملة كيدية ضدهم وليست اعتراضات سياسية صادقة، وأن في عرض العالم العربي وطوله، أمثالنا، همهم التشفي منهم! طبعا، هذا هروب وفشل في تبرير القرارات الانقلابية التي أعلنها الرئيس محمد مرسي يوم الخميس الماضي، وبها صار الحكومة، وهو مجلس الشعب، وهو القضاء، وهو الذي يقرر للتأسيسية المسؤولة عن الدستور. تهمتا الكيدية والتشفي وسيلة دفاع هجومية لإسكات النقاد، ويتناسى أصحابها حقيقة أن مصر دولة إقليمية كبرى، فإذا قادها مرسي باتجاه حكم شمولي صرنا أمام إيران جديدة. وهذا الانقلاب المرساوي سيجرف العالم العربي نحو الهاوية، وبالتالي ليس غريبا أن يكون الصراخ ضده على قدر الألم. كنا نرجو أن يقود عقلاء الإخوان مصر نحو نظام مدني سياسي حديث مستقر يشابه أوروبا، أو على الأقل مثل تركيا وماليزيا، لا أن يقود البلاد نحو صيغة الحكم الإيراني. والأكيد أننا لسنا في باب التشفي، ولا الكيد له أيضا، بل على العكس تماما، كنا صادقين راجين أن ينقل مصر من حكم الفرد إلى نظام الدولة وتداول السلطة السلمي، فمصر قدرها أن تكون قائدة للمنطقة لا تابعة، وفي المقدمة لا في المؤخرة. كان، ولا يزال، أمام مرسي فرصة أن يكون حاكما تاريخيا ينقذ البلاد وينقلها إلى عصر أفضل. فمهما اختلفنا معه، أو مع جماعة الإخوان في التفاصيل، إلا أننا لا نختلف في أنه الرئيس الذي اختارته غالبية المصريين لبلدهم، ليكون رئيسا للدولة الأكبر عربيا. الآن هو انقلب على كل المفهوم الذي جاء به للحكم؛ نظام يقوم على توازن السلطات لا الاستيلاء على كل السلطات. بعد الارتباك الذي ظهر على حواريي الرئيس مرسي، عقب الإعلان عن قراراته الرئاسية، حاولوا تجميل العملية الديكتاتورية وطمأنة العالم بالقول إنها مؤقتة، وأنها في مصلحة الأمة، حتى الانتهاء من صياغة الدستور وانتخاب مجلس الشعب. من حيث المبدأ لا يجوز أن يملك كل السلطات حتى لساعة واحدة؛ حيث إن مصر ليست في حال حرب أو انهيار تفرض الطوارئ. ثانيا، فشل في إظهار الحكمة، حيث مارس السلطات التي استولى عليها في نفس اللحظة وفي نفس البيان، فعزل النائب العام وعين بديلا له، وأقام محاكم ثورية، وألغى محاكم وأحكاما قضائية، وقرر للدستور! يقول أتباعه اصبروا عليه بضعة أشهر وهو الذي في نصف ساعة مارس صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء وصلاحيات مجلس الشعب. وعندما يعيد الرئيس مرسي صلاحيات القضاء بعد أربعة أشهر أو أقل للمجلس الأعلى للقضاء، يكون قد عزل قضاة لا يوافقونه، وعين آخرين موالين له، بينهم النائب العام! عمليا يكون قد ألغى المفهوم الديمقراطي للدولة، التي تقوم على توازن السلطات، وارتكب أسوأ مما فعله حسني مبارك في ثلاثين عاما! أخيرا، هل يستطيع مرسي الإفلات بما فعله مستفيدا من الصلاحيات الهائلة في يده وإمكانات الدولة الضخمة؟ نعم، يقدر على تحويل مصر إلى إيران أخرى، لكنه سيفشل وسيدمر بلاده؛ لأنه لا يملك المزايا الثلاث التي أبقت على نظام الملالي في الحكم؛ الأولى نفط إيران، حيث ترقد على بحر من البترول مكنها لثلاثة عقود من تمويل النظام بالكامل، أما مصر فإن الحكومة عليها أن تجاهد من أجل إعاشة ثمانين مليون نسمة بموارد محدودة، تتطلب استقرارا سياسيا ودعما دوليا. والميزة الثانية عند ملالي إيران هي قدسيتهم، وفق العقيدة الشيعية، الأمر الذي لا يملكه الإخوان، سُنة مصر. وأخيرا، الهيمنة التامة على الشعب كانت ميزة متاحة في زمن صعود آية الله الخميني في 1979، أما اليوم بفضل الإعلام الحديث صار مستحيلا السيطرة على الأفكار وتوجيه البلاد وفق هوى النظام السياسي، وبدون قناعة الشعب ورضاه سيستحيل عليهم البقاء في السلطة. لهذا السبب نشعر بالأسف، والله ليس بالتشفي، أن يفكر الإخوان في الاستيلاء على الدولة وهم الذين فازوا عبر صناديق الانتخاب. إنهم يدمرون نظاما هو الضامن الحقيقي لهم ولمستقبل بلدهم. كلنا ندرك أن الإخوان حركة لها شعبية كبيرة وتاريخ طويل من العمل السياسي في مصر يجعلها مؤهلة للبقاء ضمن أبرز الأحزاب المتنافسة على الحكم لعقود طويلة وفق نظام التداول السلمي للسلطة، ديمقراطيا. أي أنهم ليسوا في حاجة لتخريب النظام بأيديهم كما يفعلون اليوم. نقلاً عن "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لسنا ضد مرسي أو الإخوان لسنا ضد مرسي أو الإخوان



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib