المرشد والشاطر ومؤامرة الخارج

المرشد والشاطر ومؤامرة الخارج

المغرب اليوم -

المرشد والشاطر ومؤامرة الخارج

عبد الرحمن الراشد

رسالة مؤتمري مرشد «الإخوان» محمد بديع، والرجل القوي في جماعة الإخوان خيرت الشاطر، كانت عدائية داخليا وخارجيا، وعززت الشائعة التي راجت في الأيام الماضية بأن الاثنين هما من يديران الحزب والحكومة، وما الرئيس محمد مرسي إلا واجهة فقط! لكن تراجع الرئيس عن إعلانه الرئاسي غير الدستوري أعطى تطمينات بأنه لا يزال في قمرة القيادة، وأن الخطاب الهجومي لبديع والشاطر لا تأثير له على الأزمة، لكنه كان تكتيكا رديئا في لحظة عجز عن مواجهة الشارع. تراجع مرسي عن إعلانه الرئاسي كان أهم ما فعله منذ توليه الرئاسة، فقد بين أنه سياسي حكيم، وعقلاني براغماتي لا دوغمائي، يدرك أن حفظ البلاد أهم من حفظ ماء الوجه، وأن الخلافات مع المعارضة قابلة للحل، وهذا جزء من واجباته الرئاسية. قراره ضيق شقة الخلاف، وعزز وضعه في الشارع، وأحرج المعارضة، وأهم من هذا كله أنقذ النظام المصري الجديد من تدهور قد يؤدي إلى صدامات وربما تدخل الجيش والعودة إلى نقطة الصفر. أما ما زعمه المرشد بديع، وردده الشاطر، عن مؤامرة داخلية وخارجية وراء المعارضة في مصر، فأقل ما يمكن أن يقال عنه إنه هراء ومحاولة مكشوفة للهروب من الأزمة بدلا من حلها. المعارضة لم تستيقظ هكذا في صباح يوم معلنة العصيان حتى نصدق أنها مؤامرة، ولم تعترض على نتائج الانتخابات التي فاز فيها مرسي بفارق واحد في المائة فقط مثلا، حتى نقول إنه يمكن أن هناك من يحرضها! الرئيس قرر في ليلة ظلماء الاستيلاء على القضاء، وعزل النائب العام، وإقرار دستور يلائم «الإخوان» فقط، ومنح قراراته حصانة من الطعن، بما يخالف النظام وفيه حنث بما أقسم عليه. هل غريب بعد هذه الخطوات المروعة للشركاء، والجماعات المعارضة، وأطياف من الشعب المصري، أن تخرج للشارع وتعلن احتجاجها؟ طبعا، هذا هو المتوقع الذي لم يحسب حسابه المرشد والشاطر مكررين قصة «نتغدى بيهم قبل ما يتعشوا بينا»، التي قالاها عندما تم عزل قادة المجلس العسكري، ثم ردداها عند عزل النائب العام، حتى فقدت الرواية مصداقيتها. مرسي صار رئيسا شرعيا، ويُتوقع منه أن يلتزم بالنظام الذي جاء به إلى الحكم لا أن يركب عليه، وعندما فعل عبر الآخرون بمظاهرات هزت مصر وأثبتت أن «الإخوان» ليسوا إلا فئة من الشعب لا الشعب كله. الشعب المصري عبر عن رفضه وواجه اعوجاج قرارات مرسي، خاصة أنه الذي استعار مقولة الخليفة عمر بن الخطاب العظيمة «وبقيت لي كلمة.. أعينوني أولا ثم قوموني إذا اعوججت»! ما دخل المؤامرة الداخلية والخارجية في خروج الشعب المصري إلى الميادين واحتجاجه على قرارات الرئيس، خاصة بعد أن ارتفعت الملاسنات من الجانبين، وتم صب الزيت على النار باعتماد دستور إخواني وعرضه للاستفتاء؟ كلنا نفهم إيماءات المرشد والشاطر إلى جهات خارجية، فهي تعني الخليج وغيره. وهما بذلك يفتحان جبهات ليست كذلك، بل في حقيقة الأمر هي ركيزة أساسية في استقرار مصر حتى الآن منذ سقوط نظام حسني مبارك، وليس العكس. «الإخوان» يدركون أن الكثير من أتباعهم من ملتزمي الجماعة، من مصريين، يعملون في الخليج منذ عقود، ويعينون الحركة ماديا وثقافيا، ولم يعترض طريقهم أحد. من المؤكد أن هناك قلقا من صعود جماعة الإخوان وتسلمها الحكم بحكم تحالفها الوثيق مع إيران، العدو الرئيسي لدول الخليج، لكنها مثل كل الأنظمة الأخرى في المنطقة لا بد من التعايش معها، فهي خيار الشعب المصري الذي علينا احترامه. إضافة إلى أن كل مؤشرات بوصلة الرئيس مرسي السياسية مطمئنة حتى الآن. إنما ليس من طبع هذه الدول التورط في نزاعات الدول ومشاكلها الداخلية فقط بناء على الهواجس والظنون! على المرشد وبقية صقور «الإخوان» أن يدركوا أن مشكلتهم الرئيسية، إن لم تكن الوحيدة، هي حل مشاكل الإنسان المصري المتعاظمة وتوقعاته منهم، وهذا لن يتأتى من دون مصالحة داخلية مع القوى المحلية، والتوقف عن إلقاء اللوم على الآخرين وراء الحدود. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرشد والشاطر ومؤامرة الخارج المرشد والشاطر ومؤامرة الخارج



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي
المغرب اليوم - محمد إمام يواجه أزمة جديدة في فيلم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 16:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بورصة مسقط تتراجع 16.3 نقطة وتغلق عند 4273.44 نقطة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib