من بيع «اللوازم النسائية» إلى «الشورى»

من بيع «اللوازم النسائية» إلى «الشورى»

المغرب اليوم -

من بيع «اللوازم النسائية» إلى «الشورى»

عبد الرحمن الراشد

لمَ الضجة والحفلة الإعلامية الصاخبة التي أعقبت الإعلان عن دخول المرأة السعودية مجلس الشورى؟ للبعيد تبدو المسألة هينة، فكل المجالس النيابية في العالم، تقريبا، فيها نساء برلمانيات، وبالتالي ما المثير في دخول ثلاثين امرأة مجلس الشورى السعودي؟ القصة طويلة ومعقدة، وهي أكثر من مجرد «امرأة ومقعد» في الشورى. يمكنني اختصارها بالتذكير بأن المملكة أصدرت حديثا قرارات تأنيث بعض المحلات التجارية، أي أن يسمح للمرأة بأن تعمل في البقالات ومحلات اللوازم النسائية، وحتى هذه المهن السهلة يدور حولها جدل ومشادات بين أطراف في المجتمع. وبالتالي، عندما يفتح باب مؤسسة سياسية للمرأة فهذا قرار شجاع آخر من الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي دأب خلال السنوات الماضية على فرض توسيع مكان ومكانة المرأة السعودية في كل المجالات تقريبا، من التعليم وابتعاث آلاف منهن للدراسة في الجامعات في أنحاء العالم، إلى فرض توظيفهن في مهن جديدة. أيضا، أدخلهن الملك في سلك المناصب الحكومية العليا، والمشاركة في إدارة الوزارات والعمل الدبلوماسي، والتي كانت من قبل كلها حكرا على الرجال. لهذا نحن أمام حالة تغيير وتطوير يقودها الملك تعبر عن حاجات البلاد الحديثة، وتعبر عن حقوق المرأة كذلك، والتي كانت دائما مشاركة في التاريخ الإسلامي ولم تكن حبيسة بيتها كما يزعم المعارضون. وحتى في الأعراف المحلية السعودية نفسها كانت المرأة في الماضي معينة للرجل في الحقل والحرب والسوق والنقاش والشعر، لكن التغيرات الحديثة بدلا من أن تطور وضع المرأة أربكت المفاهيم والأدوار في حياة المجتمع الذي انتقل فيه تسعون في المائة من السكان من مجتمع بادية وأرياف إلى حواضر مدن ضخمة. والحقيقة أن الملك لم يكتف بإصدار الأوامر في السنوات الماضية، بل كان يعبر دائما في مجالسه العامة عن شعوره وسياسته بضرورة إفساح المكان وإعطاء الفرص للمرأة. يخاطب المواطن العادي الذي يثق فيه وفي رؤيته وقراراته. ومع أن الكثيرين يدركون أن المملكة تغيرت على مدى العقود الماضية والنساء، كأفراد، شهدنا لهن إنجازات عظيمة داخليا وخارجيا، لكن البعض لا يعي المعاني الكبيرة لإدخال ثلاثين امرأة في مجلس الشورى، أعني رمزيته، مثل أن الدولة هي التي تقود المجتمع وتقوم بعملية انتقال تدريجية. فإن نجحت الحكومة في خطتها للمرأة، تكون قد عدلت الكثير من الموازين، تحسن من دخل الأسرة الاقتصادي، وترفع من حجم مشاركة مواطنيها في السوق، وتدخل قيما اجتماعية في النظرة للمرأة مكانة وحقوقا. لم يعد منطقيا أن تدرس مليونا بنت، وبعد أن يتخرجن في أفضل الجامعات لا يعطين مكانهن الوظيفي والمجتمعي والسياسي والاقتصادي. والقائمة التاريخية للسيدات السعوديات التي أذيعت أمس كأول أعضاء لمجلس الشورى تضم في معظمها حملة شهادات علمية عليا، وبعضهن بخبرات دولية. أمس كان يوما سعيدا للسعوديين جميعا، وبعد فسح ثلاثين مقعدا للنساء في مجلس الشورى نتطلع إلى تمكين مئات الآلاف من البنات السعوديات المؤهلات للعمل في وظائف وأعمال مختلفة، حتى تتغير خريطة السوق والمجتمع إلى الأفضل.  نقلاً عن جريدة " الشرق الأوسط " .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من بيع «اللوازم النسائية» إلى «الشورى» من بيع «اللوازم النسائية» إلى «الشورى»



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 16:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بورصة مسقط تتراجع 16.3 نقطة وتغلق عند 4273.44 نقطة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib