الكابوس الجزائري في مصر

الكابوس الجزائري في مصر

المغرب اليوم -

الكابوس الجزائري في مصر

عبد الرحمن الراشد

العنف كان رسالة قادة «الإخوان» في مصر، بعد إقصاء محمد مرسي من الرئاسة، في أعقاب المظاهرات الاحتجاجية الضخمة ضده. مشاهد القتلى ورائحة الحرائق والفوضى في أنحاء مصر، الجمعة الماضي، تذكّرنا بما حدث في الجزائر بعد وقف الانتخابات 1992، وقد يكون الإسقاط صحيحا، لكن لا بد من إيراد الرواية بعناصرها. فقد سبق تعطيل الانتخابات في الجزائر الفوضى، والتهديد برفض النظام، وفي أعقاب التعطيل صار العنف، وبعده خسر المتطرفون الرأي العام الجزائري، وفشل العنف في تحقيق أهدافه. قبل ذلك، وحتى أواخر عام 1988، كانت الجزائر بلدا مغلقا في بداية مشروع انفتاح اقتصادي، وعندما حاول الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد التراجع، وأعلن عن التقشف الاقتصادي بسبب انخفاض أسعار النفط، اندلعت المظاهرات ضده. قدّم بن جديد مشروعا إصلاحيا اعتمد دستورا جديدا أنهى سيطرة الحزب الواحد، وسمح بالانتخابات، والحريات الإعلامية. وبسبب التنافس دخلت البلاد في فوضى، ومظاهرات لم تنقطع لأكثر من عام. وولدت عشرات الأحزاب، بينها الجبهة الإسلامية للإنقاذ (فيس)، الذي كان نجما. ولم يكن سهلا التعرف على الحزب الجديد، إلا من خلال ما يصرح به قادته، ومعظمهم كانوا معتدلي الخطاب، مثل الشيخ عباسي مدني، وفي الوقت نفسه، تزعم بعضهم مظاهرات متطرفة في ميادين العاصمة، تتحدث بلغة مختلفة، وتتوعد بإلغاء الدستور بعد الفوز، ومن أبرزهم كان علي بلحاج نائب رئيس الحزب. وازدادت حالات العنف المرتبطة بالحزب، لكن لم يصدق أحد أبدا أنهم وراءها، اتُّهم الجيش بافتعالها، وليس مستغربا حينها أن الجيش ربما كان يريد مبررات لوقف الانتخابات والإمساك بالحكم، لكن بعد سنوات اتضحت براءتهم، لأنها نفسها العمليات التي ترتكبها الجماعات التكفيرية المسلحة على مدى 20 سنة لاحقة. وقد أعطى المتطرفون كمّا كبيرا من الأعذار، إضافة إلى العنف، مثل التهديدات بإلغاء الدستور بعد الفوز، وأن الديمقراطية حرام، وإحراق محلات عامة بحجج دينية. واستمر كثيرون لا يصدقون أنها من فعل أتباع «فيس» المتطرفين، فضلا عن أن الجزائر في الثمانينات لم تكن مستعدة للتغيير، فكرا ومؤسسات، أيضا كان دخول المتطرفين أول شاهد ملموس على استحالة ترويضهم، وإدخالهم بيت الديمقراطية. لا يمكن فهم مصر دون قراءة تجربتي الجزائر وتركيا. ففي تركيا حزب إسلامي حاكم يقدم نموذجا إسلاميا حديثا قادرا على المواءمة والحكم. أما إخوان مصر، فهم أقرب إلى تجربة جبهة الإنقاذ في الجزائر، التي تريد الفوز بالانتخابات لكنها لا تريد الالتزام بشروطها في الحكم. «الإخوان» في مصر حركة سياسية تحاول استيعاب كل ما يمكن أن يحقق لها الفوز والحكم. وهذا من الناحية النظرية عمل سياسي سليم، لولا أنه جعل الحركة مستعدة لتغليب أصوات المتطرفين داخلها، وارتكاب مخالفات دستورية للهيمنة على الحكم، بدل اعتماد المشاركة فيه، أي باحترام فصل السلطات حيث لا يجوز للرئاسة أو السلطة التنفيذية التغول على السلطة القضائية، الذي كان هدفا صريحا للجماعة. هل تدخل مصر النفق الجزائري؟ لا أدري، لكن لكل مجتمع خصائصه، والأغلب أن المصريين، الذين هم في مخاض عسير اليوم، قادرون على صياغة تجربتهم، وإنتاج مشروعهم الذي يخرجهم من الظلام إلى النور. نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكابوس الجزائري في مصر الكابوس الجزائري في مصر



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:41 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 23:53 2014 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "شارب" تعتزم إطلاق شاشات هواتف ذكية بتقنية 4K

GMT 14:14 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

معرض "ودارت الأيام" في"جاليري آرت" اليوم الثلاثاء

GMT 07:42 2016 الخميس ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على شخصية خطيبتك من خلال صفات برجها
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib