هل قتلت مصر سوريا

هل قتلت مصر سوريا؟

المغرب اليوم -

هل قتلت مصر سوريا

عبد الرحمن الراشد

في أول أسبوعين من شهر رمضان، قتل 1262 سوريا من دون أن يشغل ذلك عنوانا رئيسا، أو يثير غضب الناس هنا، دع عنك العالم البعيد. وهذا يدفعنا لنتساءل إن كانت الثورة السورية قد أصيبت في مقتل بسبب ما يجري في القاهرة، أم أنها تتوارى كما جرى للعراق، بعد أن صارت التفجيرات التي تقتل المئات كل يوم حدثا عاديا؟ لا شك أن السبب في تجاهل الثورة السورية ليس لامبالاة الناس، بل أحداث مصر، منذ الثلاثين من يونيو (حزيران) الماضي، رغم أن من قضى في مصر نحو مائة قتيل خلال أسبوعي رمضان. ونخشى أن مصر ماضية في طريق العنف لأشهر من الآن، رغم محاولات عقد المصالحة السياسية، والتبكير بانتخابات شرعية. وهذا التطور السلبي سيضع سوريا في الظل بعيدا عن اهتمام دول المنطقة، وسيعطي فرصة لنظام بشار الأسد، وحلفائه من الإيرانيين والروس وحزب الله، لارتكاب المزيد من جرائم الإبادة في الظلام، بأعظم مما شهدناه في العامين الماضيين. ولا نريد أن نعقد مقارنة في الأهمية بين القضيتين السورية والمصرية، ولا أن نجعل مقياس الأهمية هو عدد القتلى، لأن كل هذه الدماء والفوضى تزيد الوضع تعقيدا وخطورة، وتعمق الشرخ لعقود طويلة، لا مجرد بضعة أشهر أو سنين قليلة. لقد استغل نظام بشار التفاتة العالم نحو المشهد المصري الدامي ليعقد المقارنة الخاطئة ويضعها وصيفة لأزمته، زاعما أن الإرهابيين هنا هم الإرهابيون هناك، وشرعية النظام السوري مثل شرعية النظام المصري هناك. والحقيقة أنه شتان بين الحالتين شكلا وموضوعا. لا يستطيع أحد أن ينكر أن للمعارضة المصرية الحالية، الإخوان المسلمين، شعبية وقضية عند بعض المصريين، كما أن الرافضين لهم شعبية وقضية، وأننا في مصر أمام نزاع، إنما النزاعان مختلفان جذرا وشكلا.. في مصر هو سياسي بالدرجة الأولى، أما في سوريا فنحن نرى نظاما إجراميا، مكروها شعبيا، ارتكب من القتل ما لم يفعل مثله نظام من قبل، بشكل متعمد ويومي، وعلى مدى عامين متتاليين. لكن يستطيع الأسد - وآلته الدعائية - أن يحشر قضيته بالقضية المصرية، ويزعم أنه شريك للنظام المصري في محنته. وقد سبق أن ادعى ذلك، بأنه نظام مستهدف من قبل قوى خارجية متآمرة ضده، وضد مصر. إنما مع الوقت ستفقد الدعاية الأسدية قيمتها، حيث بدأت الحكومة المصرية الحالية تباعد بينها وبين نظام الأسد الإجرامي، وسنرى لمصر، لاحقا، دورا كبيرا في مواجهة النظام في دمشق. ففي السنتين الماضيتين تعمدت حكومة محمد مرسي المعزولة تحاشي القضية السورية، إلا في بضع مناسبات، في زيارتين لطهران وموسكو تبنى مرسي موقفا علنيا مؤيدا لنظام الأسد، لكنه لاحقا في مؤتمر لجماعات دينية في آخر شهر من حكمه قرر قطع العلاقة مع دمشق. وكذلك فعلت الحكومة الانتقالية البديلة لمرسي، التي اتخذت قرارات سلبية ضد اللاجئين السوريين قائلة إنها تخشى من تسلل جماعات معادية في الظرف الخطير الذي تعيشه مصر، ثم تبنت موقفا مؤيدا للثورة السورية باستقبال رئيس الائتلاف السوري الجديد أحمد الجربا، وإعلان تضمانها معها. في تصوري أن مصر ستلعب دورا مهما في الثورة السورية، خاصة أن الجيش المصري يؤمن بأن دوره الإقليمي محوري، وهو الذي شارك في حرب تحرير الكويت من غزو صدام حسين. فالمؤسسة العسكرية ركن أساسي في العلاقة الإقليمية، من حيث بنائها لتكون لاعبا إقليميا، لا مجرد قوة للدفاع عن الوطن. ويجب ألا ننسى أن مصر لعبت الدور الموازن عسكريا وسياسيا ضد إيران ونظام الأسد طوال الأعوام الثلاثين ماضية. ومن الطبيعي إن انشغلت بمعركتها الداخلية، لتثبيت النظام وحماية أمنها الداخلي، أنها لن تلتفت لتكون طرفا في الصراع ضد نظام الأسد وإيران، وهو الصراع الذي قد يتطلب مواجهة عسكرية إقليمية لاحقا. نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل قتلت مصر سوريا هل قتلت مصر سوريا



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib