تأديب الأسد قد يقضي عليه

تأديب الأسد قد يقضي عليه

المغرب اليوم -

تأديب الأسد قد يقضي عليه

عبد الرحمن الراشد

بين تأديب النظام وتغييره الفارق كبير جدا، في لغة البيانات الصحافية، والإجراءات القانونية. ما سيحدث قريبا ضد نظام بشار الأسد لن يزيد على عملية محدودة. الهدف منها أن يعيد النظر في موقفه، ويمتنع عن استخدام الغازات والكيماوي من الأسلحة المحرمة دوليا. صحيح أن الضربة صفعة محدودة، إلى درجة لن تضطر الرئيس السوري بشار الأسد إلى تغيير غرفة نومه، لكن تداعياتها لاحقا خطيرة، ودلالاتها مهمة. هذا هو أول هجوم عسكري دولي ضد الأسد بعد سبعة وعشرين شهرا من الاقتتال. أهم دلالاتها موقف موسكو، فقد أعطى حليف الأسد الدولي إشارات غير مسبوقة بالموافقة ميدانيا على الهجوم، وإن لم يتخل عن لغته الدبلوماسية الناهية. موقف روسيا يشبه موقفها قبيل الغزو الأميركي للعراق في عام 2003. حينها اعترضت على الغزو لكن رفعت يدها، معلنة أنها لن تتدخل عسكريا لحماية صدام. الأمر نفسه مع سوريا، وهذا تطور ميداني مهم، لأن روسيا خلال العامين الماضيين دأبت على التهديد بأنها لن تقف متفرجة في حال ضرب حليفها السوري. إن كانت القراءة صحيحة للموقف الروسي، فإننا أمام تبدل مهم في الحرب السورية في أعقاب التقارب السعودي الأخير مع الروس. حيث نلاحظ أن الروس ينسحبون من سوريا بهدوء. أولا، بدأوا في تقليص عدد خبرائهم العسكريين، ومن ناحية ثانية يتجه الروس إلى التخلي عن سوريا كقاعدة بحرية لبوارجهم في البحر المتوسط، والانتقال إلى اليونان. المعلومات من موسكو تقول: إن التخلي عن ميناء طرطوس مهد له بصفقة صواريخ روسية أرض جو لأثينا. وبانسحاب الروس يخسر الأسد أهم حليف دولي. بقي له إيران وحزب الله، لكن ما الذي في يد هذين الحليفين المخلصين للأسد أن يفعلاه؟ التهديد بحرق المنطقة جملة يكررانها، وسبق أن رددها صدام العراق، وقذافي ليبيا، وراحت معهم. إيران أكثر ذكاء منهم لا تورط نفسها، فقد حاربت مرة واحدة مضطرة ضد العراق في الثمانينات، بعدها لم تحارب أبدا لثلاثة عقود في أي عمليات عسكرية كبيرة، سواء في الخليج المهم نفطيا للعالم، أو ضد إسرائيل. تركت المهمة دائما لحلفائها الصغار، حزب الله وحماس. إيران تعرف أن ثمن المواجهة غال جدا، فحرب شهر قد تهدم ما بنته من منشآت عسكرية في ثلاثين سنة. وكذلك حزب الله لن يطلق صواريخه على الشمال الإسرائيلي إلا مضطرا، أولا يدرك أنها لن تمنع الهجوم الغربي على الأسد، وثانيا سلاح الحزب الذي يوجع اللبنانيين، لإسرائيل ليس سوى «خربشات» قطط، فقط. الحزب، كذلك، قادر على تنفيذ عمليات إرهابية ضد مصالح عربية وأجنبية، وهذه أيضا لن توقف انهيار النظام في دمشق، بل ستزيد من قناعة دول العالم بضرورة محاصرة حزب الله، ومعاقبته في وقت لاحق. نحن لن نشهد تكرارا للأحداث المزلزلة عندما دخلت الدبابات الأميركية وسط العاصمة العراقية وأسقطت صدام في ظرف بضعة أيام. المتوقع أنها ضربات عن بعد لمراكز سورية منتقاة، لن تسقط نظام الأسد لكن ستسهم وتعجل بانهياره في وقت لاحق. فالأسد، برغم ما تلقاه من دعم لا مثيل له، من إيران وروسيا والعراق وحزب الله، فشل في كسب الحرب، وبالتالي سنشاهد مريضا منهكا يقارع هجوما غربيا متفوقا عليه. ولو أن المعارضة موحدة، وجيشها كذلك موحد، ربما ما كانت هناك أصلا حاجة للعقوبات العسكرية الدولية، فالأسد منهك وكل الدعم الروسي والإيراني الضخم لم يرجع له شيئا مما فقده من أرض وسلطة. وإضافة إلى ضعف النظام، عورته باتت مكشوفة نتيجة سحب الغطاء الروسي عنه، وكذلك بسبب إعلان إيران امتناعها عن الدفاع عسكريا عنه. لنتذكر أن هذا تحرك الغرب العسكري ضده لأول مرة، وها نحن نرى تداعيات التهديد من خوف ظاهر على النظام السوري، إلى استعداد الجيش الحر لتوسيع عملياته باتجاه العاصمة. جميعها نذر تؤذن بقرب سقوط الأسد خلال الأشهر المقبلة، وربما يعجل الخوف واليأس بانهياره قبل ذلك. نقلاً عن "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأديب الأسد قد يقضي عليه تأديب الأسد قد يقضي عليه



GMT 18:07 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

...عندما تبدو النجوم

GMT 18:06 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

السابقة الكبرى

GMT 18:02 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

GMT 17:59 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

أعمال الخير ليست في بناء المساجد فقط

GMT 17:57 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

من سمّ عمانَ إلى صواريخ الدوحة

GMT 17:55 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

GMT 17:53 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي؟

GMT 17:50 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

بحيرة طبريا ونهاية الزمان

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم
المغرب اليوم - 39 شهيدا منذ الفجر وتجدد القصف الجوي والمدفعي على غزة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 19:54 2018 السبت ,17 آذار/ مارس

الحجاب: فريضة أم أيديولوجية سياسية؟

GMT 09:32 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

"فيفا" يوصي بمتابعة اللاعب أشرف بنشرقي في "كأس العرب"

GMT 00:15 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

شركة صينية تكشف عن أول طرازاتها للسيارات الطائرة

GMT 03:22 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الألوان الجريئة تحتل قمة اختيارات ديكورات المنازل في 2019
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib