فورد الأفضل أننا لم نتدخل

فورد: الأفضل أننا لم نتدخل!

المغرب اليوم -

فورد الأفضل أننا لم نتدخل

عبد الرحمن الراشد

روبرت فورد، كان سفيرا بلا سفارة منذ إغلاق الحكومة الأميركية بعثتها هناك بعد نشوب الحرب في سوريا. وهو الآن يغادر الوظيفة دون أن تتضح أي مؤشرات على تغيير إدارة الرئيس باراك أوباما سياستها حيال الصراع في سوريا، ومن المؤسف هذا الموقف اللاإنساني وغير الحكيم. السفير فورد من أكثر الدبلوماسيين معرفة بالتفاصيل السورية والعربية عموما. وفي تصريحاته الأخيرة كان واضحا في لوم نظام الأسد على ما يحدث، ولامه على فشل مؤتمر جنيف الثاني. إنما اللوم لعبة لا قيمة لها في وقت تسيل فيه دماء آلاف الناس المدنيين الأبرياء، في واحدة من أبشع الحروب والمذابح والظلم في التاريخ المعاصر. السفير المغادر في حديثه الأخير دافع عن سياسة رئيسه باراك أوباما، ومن المتوقع حسب الأصول أن يفعل ذلك، ولا أدري رأيه الحقيقي، وقد استوقفتني إجابته بأن موقف الرئيس بالابتعاد عن الأزمة كان حكيما لو نظرنا إلى الوراء. من السهل أن نراجع تاريخ السنوات الثلاث ونخطئ موقف الحكومة الأميركية في سياستها في سوريا، لأن سياسة اعتزال الأزمة هي السبب الأساسي في بلوغها هذا الحد من الضرر والخطر. هذه النتائج اليوم بسبب سياسة الأمس والمستمرة إلى الآن. أولا، كانت القوة الوحيدة على الأرض ضد النظام في البداية تتمثل في المنشقين عن جيش النظام، الجيش الحر والشباب المعارضين الذين تسلحوا ردا على استخدام النظام القوة ضدهم وضد مناطقهم. عنف النظام البشع وطول أمد النزاع وامتناع الغرب كله عن دعم السوريين تسبب في فراغ عسكري وعقائدي اجتذب الجماعات المتطرفة. وبسبب بشاعة ممارسات النظام ركب المتطرفون الموجة داعين للدفاع عن الشعب الأعزل الذي خذله العالم، والغرب من بينه. النتيجة لم تعد محصورة في أرض المعركة، بل في عامين نجح المتطرفون خلالهما في استنهاض المسلمين في كل مكان، بما في ذلك في أوروبا ووسط آسيا والمنطقة العربية. اليوم صارت سوريا أكبر مزرعة في العالم للإرهاب. الرئيس أوباما كان واضحا في رفضه إرسال قوات عسكرية، وهو قرار مفهوم ومبرر. الخطأ كان في رفضه دعم المعارضة المعتدلة وتسليحها، مثل هذه الخطوة ما كانت ستكلف الإدارة حياة أحد من مواطنيها، والأرجح أن دول المنطقة، مثل السعودية وقطر، مستعدة لتمويلها، كما حدث في حرب تحرير الكويت عام 1991، التي لم تكلف الرئيس جورج بوش دولارا واحدا. لو دعمت الحكومة الأميركية المعارضة السورية آنذاك لكان بالإمكان سد الطريق على «القاعدة» والإرهابيين. وكان بمقدور الأمم المتحدة أن تدفع باتجاه حل سلمي معقول. نظام الأسد يرفض اليوم الحلول الوسط لأنه يتمتع بدعم غير محدود من إيران وروسيا وحزب الله وميليشيات عراقية جاءت بسبب قناعتها أن الغرب لن يتدخل، وبالتالي بإمكانهم إنقاذ نظام حليفهم الأسد. غياب الولايات المتحدة أضعف المعارضة المعتدلة التي تضم مسيحيين ودروزا وعلويين وإسلاميين معتدلين. نتيجة جرائم قوات الأسد وحزب الله صار السوريون مستعدين لاحتضان أي فريق ما دام مستعدا لمواجهة العدوان عليهم. الثمن ليس في سوريا فقط، بل ها هو انتشار التطرف يعود من جديد، بالأموال والشباب والأفكار. لم يكسب الأميركيون بحيادهم شيئا، فقدوا الكثير في نظري، خاصة أن الرئيس أوباما كان يحظى بشعبية استثنائية لم يسبق لرئيس أميركي أن حظي بمثلها من قبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فورد الأفضل أننا لم نتدخل فورد الأفضل أننا لم نتدخل



GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

GMT 11:09 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل والغضب العالمي

GMT 11:08 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل وسؤال هُوية اليهود!

GMT 16:03 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

مائة عام على كتاب هتلر: «كفاحي»

GMT 16:02 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سمومُ موازينِ القوى

GMT 15:57 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

بين الرياض والقاهرة... عَمار

GMT 15:55 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:34 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة
المغرب اليوم - فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة

GMT 17:05 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

ليفربول يقترب من التعاقد مع مهاجم جديد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib