أكتوبر بين الغباءِ والعمالة

أكتوبر بين الغباءِ والعمالة

المغرب اليوم -

أكتوبر بين الغباءِ والعمالة

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

على أرضِ الواقع فإنَّ السّنوار حقَّق للمتشدّدين الإسرائيليينَ ما عجزَ عنه المتشدّدون من حكامِ إسرائيل بيغن وشامير، وكذلك شارون الذي خرجَ عام 2005 من قطاعِ غزةَ وفكَّك المستوطناتِ وسلَّمه للسلطة الفلسطينية.

لماذا فعلَها يحيى السنوار؟ لا أستطيعُ أن أجزمَ لماذا قامَ بهجومِ السابعِ من أكتوبر ومن خلفه، هل كانَ عن جهلٍ منه أم بتدبيرٍ إيراني؟ وهو ما أتصوَّرُه، مع الاعتراف أنَّه لا يوجد دليلٌ على ذلك.

انتهتْ معركةُ هجومِ السابعِ من أكتوبر 2023 بأكثرَ من أربعين ألفَ قتيل، وربعِ مليونِ جريح، وتشريدِ ملايين السكان كلهم، وغالبيتُهم اليوم تصارع من أجل الحياة، بالحصولِ على وجبةٍ واحدةٍ في اليوم وهم الآن سيحتاجون إلى سقف وبطانيات مع قدومِ الشتاء. فشلَ هجومُ السنوار في تحريرِ شبرٍ واحدٍ من الأراضي التي قالَ إنَّها هدف العملية. أصبحت إسرائيلُ أكثرَ نفوذاً وتغوُّلاً داخلَ فلسطينَ وفي المنطقة.

لقد دمَّر القضيةَ الفلسطينيةَ دولياً، وفعلَ ما لم يفعلْه من قبله حتى أبونضال المعروفُ بخطورته. ستستمرُّ صورُ القتلى الإسرائيليين في السابعِ من أكتوبر هي السائدة، أطفال ونساء وشيوخ، وصور المخطوفين أيضاً الذين كان بينهم أطفال وحتى رضَّعٌ وعجزة. هذا لا يبرّر جرائمَ نتنياهو بعمليةِ القتلِ المتعمدة لسكان غزةَ العزل المدنيين. لقد نجحَ السنوار في إطلاقِ موجةٍ من الغضبِ والكراهيةِ المتبادلة.

السنوار تسبَّب في دفنِ حركة حماس، ودمَّر حليفَه «حزبَ الله»، وأنهَى «حركة الجهاد الإسلامي» في غزةَ والضفة الغربية.

هذه هي نتائجُ معركةِ السابع من أكتوبر. لا يهمُّ ما يقوله المقيمون من قادتِها خارجَ غزة، مشعل أعلن الانتصار، وخامنئي بدوره أعلنَ انتصارَ «حزب الله» وهو يؤبّنُ مئاتِ القياداتِ القتيلة، التي لم تتمكَّن حتى من إطلاقِ رصاصةٍ في هذه الحربِ للدَّفاع عن نفسِها.

مثلما قضَى بن لادن على تنظيمِه، «القاعدة»، بهجماتِ الحادي عشر من سبتمبر.

ولو أنَّني من تلاميذ مدرسة «نظرية المؤامرة» ما كنتُ استطعت مقاومةَ فكرةِ أنَّ السنوارَ أو من معه موظّفون في جهازِ الموساد السّري، الذي عُرف باختراقِه التنظيماتِ الفلسطينية، خاصة داخلَ السّجون الإسرائيلية، وقامَ بالهجومِ لتبرير كلّ ما حدث لاحقاً. الحقيقةُ في القيادة، الأغبياءُ أخطرُ من العملاء.

لقد كانتْ حروبُ «حماس» تحت قيادةِ هنية ومشعل والشيخ ياسين غاراتٍ صغيرة، عملياتٍ محدودةً... طعناً دهساً، وخطفَ جندي أو اثنين هنا وهناك، كانَ هدفُهم الإبقاءَ على القضيةِ حيَّةً وربَّما التوصل إلى حلولٍ سياسيةٍ مناسبة، مدركينَ فارقَ ميزان القوة. ثم جاءَ السّنوار بعمليةٍ لا يمكن تفسيرُها إلا بواحدةٍ من ثلاث:

إمَّا أنَّه ينتمي لتنظيم القاعدة، وليس «حماس»، تسلَّل إلى الحركة وتسنَّم القيادةَ ونفَّذَ عمليةً انتحارية هدفهُا التدميرُ وليسَ التحرير. وحقَّق بالفعلِ هدفه.

أو أنه، مثل قادةِ حماس، على ارتباطٍ بإيران، لكنَّه نفَّذ مشروعَ طهرانَ بدون حساب. إيران أهدافُها إقليمية مثل وقفِ الممر التجاري الهندي، والاتفاقيةِ الدفاعية، والهيمنةِ على العراق مقابلَ ما تحقّقه عملية أكتوبر. هنا، لا السّنوار ولا إيران حقّقا أهدافهما بعد.

الاحتمالُ الأخير، أنَّ السّنوار جاهلٌ سياسياً، لم يتوقعْ أنَّ العمليةَ على مدنيين إسرائيليبن كانت ستتسبَّب في مثل هذا الرقم من الضحايا، أو لم يدرس جيداً احتمالاتِ ردة فعلِ إسرائيل. ربَّما من جهله ظنَّ مثل كثيرٍ من البسطاء أنَّ إسرائيل لن تقاتلَ وستكتفي بالتفاوضِ على من تمَّ اختطافه.

عسكرياً وسياسياً دمَّر السابعُ من أكتوبر أهمَّ تنظيمين مسلحين في منطقة الشرق الأوسط هما «حماس» و«حزب الله». وهذا يخدمُ أهدافاً إقليمية ودولية ليست بالسيئة، إنَّما الكارثة الإنسانية لا يمكن وصفها، ولا نرى حلاً لها في الأفق في كلّ من غزة ولبنان، إذ يوجد نحو خمسةِ ملايين إنسان مشردين أو تحت التشريد، وهذا رقمٌ مَهولٌ، وأكبرُ من طاقة المنظمات الدولية على إنقاذهم. الوقتُ اليوم هو للتظافر لإنقاذِ ضحايا السابعِ من أكتوبر، لم يكونوا قادةً ولا عسكراً في هذين الحربين حتى يعاقبوا عليها. وكذلك منع الكوارث المقبلة التي تسبَّب السنوار فيها، من مخاطرِ حربٍ أهليةٍ في لبنان وتهجيرِ ملايين الغزاويين من القطاع واستيلاءِ إسرائيل عليه.

الجانبُ الإنسانيُّ أيضاً له غرضٌ سياسي، للشروع في الخطواتِ التاليةِ لتصحيحِ القرارات الخاطئة، في فلسطينَ ولبنان، على مرّ التاريخِ المعاصر.

السابعُ من اكتوبر علامةٌ فارقةٌ لا تزال تداعياتُها مستمرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكتوبر بين الغباءِ والعمالة أكتوبر بين الغباءِ والعمالة



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

أحلام تتألق بإطلالة ملكية فاخرة باللون البنفسجي في حفلها بموسم جدة

جدة - المغرب اليوم

GMT 01:04 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروب "كافي توبا" الحلال يحارب بطالة السنغال

GMT 17:36 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

التراس الرجاء البيضاوي تهاجم سعيد حسبان وتصفه بالخبيث

GMT 15:44 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفيلا صديقة البيئة المكان المناسب لقضاء العطلة

GMT 09:02 2015 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مليون زهرة شتوية تزين شوارع عنيزة في المملكة السعودية

GMT 03:18 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفيلم المغربي "عمي" خلال مهرجان "مشاهد عربية" في واشنطن

GMT 06:35 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين "أرامكو" و"غانفور" لشراء فرضة "ماسفلاكت" للنفط

GMT 19:03 2024 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الوداد ينجّح في رفع عقوبة المنع من الفيفا

GMT 21:37 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يرتفع بدعم من ارتفاع الطلب وشح الإمدادات بأميركا

GMT 20:54 2023 الخميس ,18 أيار / مايو

البيض يتوقع الفائز بدوري أبطال أوروبا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib